آخر الأخبار

العوامل والمفارقات بين الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي وأثره على المجتمعات..






العوامل والمفارقات بين الخطاب الديني

 الإسلامي والمسيحي وأثره على المجتمعات..










سجاد الحسيني

2019/12/25


بمناسبة عيد المسيح عليه وعلى نبينا واله الصلاة والسلام، أحببت أن أسلط الضوء على أهم عوامل الخطاب الديني بين الإسلام والمسيحية وسبل التطور والنكوص،

تشترك الديانتان بأن لهم مؤسسات دينية يصدر منها الخطاب الديني وهذا الخطاب بشكل وبأخر مسؤول عن بلورة سلوك الأفراد وفق مبدأ (الناس على دين ملوكهم)

عانت الديانة المسيحية من اضطرابات كبيرة وأجلى صور العناء تمثل بالحروب الصليبية التي بدأت أواخر القرن الحادي عشر حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر (1096 - 1291)، والتي راح ضحيتها حوالي 3 مليون إنسان وابرز سمة لهذه الحرب هي النزعة الدينية حملت هذه الحروب شعار الصليب وكان الهدف منها السيطرة على الأرض المقدسة كبيت القدس وغيرها،

بعد هذا التاريخ الدامي وبعد الثورة الصناعية التي شهدتها أوربا استدرك الناس وحاولوا التخلص من هذا الحال المأساوي الأمر الذي شكل عامل ضغط كبير أدى بنهاية المطاف الى ان تقدم الكنيسة اعتذارها بشكل رسمي واتخذت قرارها بعدم تدخلها بالشؤون السياسية واقتصارها على الطقوس الدينية فقط ،،،

هذه الانتقالية النوعية والتنازل لو جاز التعبير أعطى للناس فسحة وحرية في السلوك وتقبل الأخر وفق مبدأ الإنسانية بعد ان كان التعامل وفق مبدأ الدين والمعتقد ،

منذ لك الحين وخطاب الكنيسة الديني اخذ يتطور شيء فشيء الى ان وصل الى ابهى صوره في عصرنا الحديث، وانعكس هذا الامر ايجابيا على نسبة كبيرة من المواطنين المسيح  وباتو يتميزون بسمة الإنسانية والمواطنة بغض النظر عن المعتقد  فضلا عن التطور العلمي والتكنلوجي الهائل الذي شهده العالم في القرون الأخيرة فكان التركيز على العلم والوعي الحقيقيين بوصفهما العامل الحقيقي الذي يحد من الجهل والتخلف الذي يفتك بالمجتمعات ،


في مقابل ذلك في الجانب الإسلامي ورغم المحاولات الكبير التي قام بها علماء والفلاسفة المسلمين والحوزات الدينية ودور الإفتاء ، الا انه لم تستطيع المؤسسات الإسلامية ان تحذو هذا الحذو وتخرج بخطاب موحد للأمة، ولم تقدم نموذج إنساني متزن يستطيع ان يستوعب الطوائف والملل، بل انشغلت كثيرا بالموروث دون النظر الى الحاضر والمستقبل ، وخير دليل على ذلك كثرة المساجلات والجدال في القضايا التاريخية ومحاولة كل طرف إثبات أحقيته على حساب الطرف الآخر ،


هذه المعمعة أخذت مأخذ كبير في المجتمعات الإسلامية بصورة خاصة ونتج بسببها نزاعات وحروب دموية طاحنه بسبب التعصب الديني والعنصري وظهور الفرق التكفيرية والجماعات الارهابية والتطرف وصل الى أوجه بسبب الخطاب التحريضي والأنانية والجهل ،،

رغم ان الموروث الإسلامي غني جدا بالمبادئ السامية الذي تحفظ كرامة الإنسان بوصفه خليفة الله تعالى في الأرض (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ)) البقرة 30، وباعتبار الإنسان يمتاز عن باقي المخلوقات بالتكريم الإلهي  ((ولقد كرمنا بني ادم)) وكذلك دأب النبي الأكرم والأئمة عليهم السلام على تأصيل المبادئ الانسانية وفق مبدأ الحقوق والواجبات وكان ابرز هذه التنظيرات قول أمير الموحدين علي ابن أبي طالب عليه السلام : الناس صنفان إما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق،

ولم يكتفي الائمة والمصلحين بذلك بل عمدوا الى تطبيق هذه النظريات على ارض الواقع في فترة وجودهم فكان في عهد الامام علي عليه السلام المسيحي واليهودي وسائر الديانات والمعتقدات بين ظهراني المسلمين  يقومون بطقوسهم بكل حرية ماداموا ملتزمين بالقانون والنظام العام،

رغم هذا كله لم يتمكن المتأخرين من قادة الامة ان يحتفظوا ويفتخروا بهذا الإرث العظيم والحق ان الاخرين اخذوا هذه المبادئ وجعلوا منها منطلقا للحياة من خلال مايسمى بوثائق حقوق الإنسان العالمية وغيرها ، ورحنا نلهث وراء الجدل المفرغ الذي لا فائدة منه ولم يزيد المشهد الا تعقيدا،

ولا ننكر العوامل التي ساعدت على ترويج خطاب الكراهية الإعلام الموجه والبروباجاندا والتضليل والتجهيل، ليبقى الرهان الحقيقي والمصيري على تجهيل وتسطيح عقول المجتمعات ، فهم يراهنون على جهل الأمة وينبغي علينا ان نراهن على وعيها،، واختم بقول ذو معان عظيمة للمفكر الإسلامي د. علي شريعتي بقوله : ان العدو بكل مصاديقه واجنداته لايخشى من جسم الإنسان اذا كبر بل يخشى عقله اذا فهم..




إرسال تعليق

0 تعليقات