آخر الأخبار

قراءة فى السيرة العطرة .... ( النبى محمد صلى الله عليه وآله ) 2/2




قراءة فى السيرة العطرة .... ( النبى محمد صلى الله عليه وآله ) 2/2











محمود جابر



أن محمد صلى الله عليه وآله يمثل قمة عملية الاصطفاء الإلهي للجنس البشرى وعليه فإنه إنسان مختلف فى نوازعه وطباعه وسلوكه وحركته وقدرته على الاتصال بالسماء وبالعوالم الأخرى وفى معرفة المعادلات الكونية لدرجة تسمح له أن يكون متنبأ بأحداث تأتى تالية بعد وفاته .

آباء النبى :
يقول الله تعالى فى كتابه العزيز (أنَّ اللَّه اِصْطَفَى آدَم وَنُوحًا وَآل إِبْرَاهِيم وَآل عِمْرَان عَلَى الْعَالَمِينَ) و.... وتضح معالم الاية الاولى فى الثانية وقوله تعالى ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرّيّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىَ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيّا وَيَحْيَىَ وَعِيسَىَ وَإِلْيَاسَ كُلّ مّنَ الصّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاّ فَضّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ *.............................
وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرّيّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ * ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * أُوْلَـَئِكَ الّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنّبُوّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـَؤُلآءِ فَقَدْ وَكّلْنَا بِهَا قَوْماً لّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ * أُوْلَـَئِكَ الّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرَىَ لِلْعَالَمِينَ)....
فهذا الاصطفاء مستمر فى الآل من الآباء الى الأبناء ..... والإخوة ..... لأنهم هم الذين اجتباهم الله وهداهم .... وأولئك هم ورثة الكتاب / والحكم / والنبوة ....
....
ولمن لا يعرف فإن الموثوق من السير أن عبد المطلب كان موحدا معظما لشعائر الله وللكعبة ( البيت الحرام) ... كان عطوفا بالمساكين ومغيثا للمستغيث..... وهو من حفر البئر الذي يروى الحجيج حتى اليوم ....
وهناك قصة صدقها حديث النبي بأنه ابن الذبيحين " إسماعيل" و" عبد الله"، تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن عبد المطلب كان من أصحاب الوحي ...(!!) نعم
فالوحي هو الإلهام والرؤية الصادقة وما يقذفه الله فى قلوب عبده فيفتح به عين من عمى ...
ألا ترى معي أن الله أوحى إلى النحل ... وأوحى الله إلى أم موسى ... وأوحى الله إلى زوجة عمران أم مريم البتول ...
حينما نذرت ما فى بطنها محررا .... فتقبلها ربها (!!) من أين عرفت بهذا القبول .....
الوحي لكل من صفى مع الله وصفى قلبه ونفسه فى قضية ما ونذرها خالصة لوجه الله .
.... لم يقف أحد لا كثير ولا طويلا أمام – رغبة / وحى- عبد المطلب فى عشر رجال من صلبه ... وذلك النذر العجيب ان يذبح احد منهم ...، كما انه لم يقف أحد أمام مشهد ضرب السهام على اختيار الولد المذبوح والذي هو "عبد الله "... وكيف ظل عبد المطلب يحاول ان يبعد القدر المحتوم والمفجع عن الابن المقصود بعشر، ثم عشر، ثم عشر .... حتى المائة !!
الموقف يحتاج إلى تأمل .... الرجل يريد عشر وينذر منهم واحدا للذبح، ولكن المذبوح إسماعيل الأصغر ولابد من فداء أو " بداء" .... هنا يكون التغيير فى معامل القدر ...
حادثة أخرى :
المؤرخون على اختلاف ميولهم وتعدد مذاهبهم قالوا في جد النبى (ص) عبد المطلب : انه كان أندى قريشا كفا وأعظمهم حاما وأشرفهم وجها وأمدهم جسما وأطهرهم ذيلا وأعفهم أزارا، وكان يلوح على جبينه نور النبوة وتحيط به هالة من هيبة الملك وسمات العز والجلالة ، وكان أعبد هم لله، وكان كامل النفس والروح وأول من طيب غار حراء بذكر الله ، فإذا استهل رمضان صعد حراء وأطعم المساكين ورفع من مائدته إلى الطير والوحوش فى رؤوس الجبال .
ويمكننا أن نتأكد من اعتقاد عبد المطلب عبر العديد من ممارساته الحياتية ومنها حلفه مع خذاعه حين كتب يقول :" باسمك اللهم هذا حلف عبد المطلب بن هاشم لخزاعة حلف جامع غير مفرق " .... وتنتهى الوثيقة بـ " وجعلوا الله على ذلك كفيلا وكفى بالله جميلا". فالحلف كان فى النصرة والطاعة وبدأ وانتهى بذكر الله وشكره، فكيف بمن يصف أجداده العظام بالشرك والكفر ... وحاشاهم .
وكان لعبد المطلب رعاية الحجيج وسقايتهم وكان الأمر يكلفه من التعب والمشقة الكثير، خاصة تدبير الماء اللازم للحجيج، وفى أحد الأيام وأثناء خلوده للنوم إذا بهاتف يقول له " احفر طيبة"، وكان مكان البئر بين صنمى قريش " أساف ونائلة" وحفرهم بمعوله، ولم يخيفه تهديد قريش له ولا وعيدهم إياه، حتى إذا اختصموا وذهبوا إلى فى طريقهم للشام حتى يحتكموا الى "كاهن"، كما طلب أكابر قريش، وأثناء سيرهم فى الصحراء نفد مائهم وانقطع السبيل بهم، حتى اشرفوا على الموت عطشان ، فإذا بناقة عبد الطلب تحفر الأرض وتخرج الماء، فعجز القرشيين أمام هول القدرة ورجعوا تاركين الماء لعبد المطلب، ثم أخذهم كبرهم وتآمرهم أن يقموا بردم البئر بعد ذلك فيأتي الهاتف ويقول لعبد المطلب ، ادخل المسجد – الحرام- وإذن وقل : اللهم إنى لا أحلها لمغتسل وهى للشارب حل وبل .
وعجزت قريش ورجالها أن يقتربو من البئر بشر أو ردم، وقد حاول احدهما أن يردمها فأصيب بداء عضال فى جسمه وأصبح أية للعابثين .
ومن هنا ندرك كيف يكون طهر الفرع متوقف على طهر الأصل .... الموحى إليه الذى يذهب الى المكان الصحيح فى الوقت الصحيح بناء على حالة تكوينية متعلقة بالاصطفاء والتطور فى كيفية الرسالية للوصول الى الحلقة الأخيرة .
وللحديث بقيه




إرسال تعليق

0 تعليقات