آخر الأخبار

السلام الوطني المصري هو الأول فى المنطقة العربية








السلام الوطني المصري هو الأول فى المنطقة العربية






كان الخديوي إسماعيل أول من سعى لترسيخ استقلالية الدولة الوطنية المصرية ففى عهده رفرف أول علم خاص بمصر على دواوين الدولة المصرية أوائل عام 1867م..مستقلا عن علم دولة الخرافة العثمانية وبعدها بعامين اعتمد أول سلام وطني للدولة المصرية ليرفرف العلم المصري خفاقا مع السلام الوطني..فى استقبال ملوك وأمراء العالم وفى الزيارات الخارجية للخديوي...
..

فإسماعيل استبدل علم مصر بعلم احمر ذا ثلاثة أهلة بيضاء والنجوم الثلاثة ترمز لمصر والنوبة والسودان ..أو انتصارات الجيش المصري فى القارات الثلاث أفريقيا واسيا وأوروبا ..وإسماعيل هو أول ما انشأ إدارة موسيقات الجيش المصري..وكان يديرها مشاهير الموسيقيين العالميين أمثال روجرد ليوكافالو  ..

ومع افتتاح قناة السويس عزفت الموسيقى العسكرية السلام الوطني خلال استقبال الخديوي ملوك ورؤساء العالم وعلى رأسهم الإمبراطورة اوجينى إمبراطورة فرنسا وفرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا..وملك المجر وولى عهد بروسيا والأمير هنرى شقيق ملك هولندا وسفيرى انجلترا وفرنسا فى الآستانة والأمير محمد توفيق ولى العهد والأمير طوسون نحل سعيد باشا وشريف باشا ونوبار باشا وأكثر من ستة الآلاف مدعو..

وقد نال السلام الوطني المصري إعجاب الملوك والأمراء حيث اعتمد فيه الموسيقار فيردى على مارش الانتصار فى أوبرا عايدة ..وتقول كلماته  :

نسر مصر ارتفع..

واعلوا فوق الوطن 

شعب مصر اجتمع 

حول جيش الوطن 

كلنا كلنا 

حارس للحمى 

كلنا كلنا 

نازل للدمى 

للامام ياحماة العلم

للامام اصعدوا للقمم..

***********************
ولم تدم طويلا طموحات إسماعيل باشا فتم عزله فى عام 1879وتزايدت أطماع بريطانيا فاحتلت مصر 1882م..وأعلنت الحماية البريطانية على مصر 1914م..وعزل الخديوي عباس حلمي ونصب السلطان حسين كامل سلطانا على مصر وتولى فؤاد الأول ابن الخديوي إسماعيل وشقيق السلطان حسين كامل وأمر فؤاد بتغيير "نشيد مخصوص خديوي"..إلى نشيد أفندينا أو السلام السلطاني وعباراته تتضمن تقديم السناء والمديح للسلطان فؤاد..

يا بني مصر وأهل الفطن

جددوا المجد القديم الزمن

بشروا الأمة بالشهم فؤاد

خير سلطان به يرجى السداد

ملك الملوك يدوم علاك

امل الوجود هو رضاك 

الله يزيدك فى هواك 

للامة فى كل الدهور

يا بني مصر وأهل الفطن

جددوا المجد القديم الزمن

بشروا الأمة بالشهم فؤاد

خير سلطان به يرجى السداد

ومع ثورة 19 وصدور تصريح 28 فبراير 1922 تم إعلان استقلال مصر باسم "المملكة المصرية" ودار جدل كبير حول السلام الوطني الجديد لهذه المملكة الوليدة إلى أن تم الاستقرار على النشيد الوطني الشهير اسلمي يا مصر الذي وضع كلماته الأديب مصطفى صادق الرافعي ووضع موسيقاه صفر عليّ وقام بتوزيعه يحيى الليثي ومطلعه

اسْلَمِي يا مِصْرُ إنِّنَى الفدا ذِى يَدِى إنْ مَدَّتِ الدّنيا يدا

أبدًا لنْ تَسْتَكِينى أبدا إنَّنى أَرْجُو مع اليومِ غَدَا

وَمَعى قلبى وعَزْمى للجِهَاد ولِقَلْبِى أنتِ بعدَ الدِّينِ دِيْن

لكِ يا مِصْرُ السلامة وسَلامًا يا بلادي

إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه أتَّقِيها بفؤادى

واسْلَمِى في كُلِّ حين

وقد عرف هذا النشيد بمارش سعد وكأنه وضع على لسان سعد باشا
في التعبير عن إرادة الأمة ووطنيتها.

مع ثورة 23 يوليو 1952 كان من الطبيعي أن تم تعديل السلام الوطني ليظهر سلام وطني جديد يتسم بحماسة ذلك العصر والإيقاعات السريعة فضلاً عن إبراز دور الجيش في هذه المرحلة، فتم اختيار "نشيد الحرية" من كلمات كامل الشناوي وألحان محمد عبد الوهاب:

كنت في صمتك مرغم

كنت في صبرك مكره 

فتكلم و تألم وتعلم كيف تكره

عرضك الغالي على الظالم هان ومضى العار إليه وإليك

أرضك الـــحرة غطاها الهوان وطغى الظلم عليها وعليك

قدم الآجال قرباناً لعرضك اجعل العمر سياجاً حول أرضك

غـــضبة ً للعرض للأرض لنا غــــضبةً تبعث فينا مجدنا

وإذا ماهتف الهول بنا فليقل كل فتى . . إني هنا

انا يـــامصر فتاك

بدمي احمي حماك

ودمي ملء ثــراك

أنا ومض و بريق أنا صخرانا جمر

لفح أنفاسي حريق ودمى نار وثأر

بلدي لا عشت إن لم أفتد يومك الحر بيومي وغدي

نازفاً من دم أعدائك مـــــــانزفوه من أبي أو ولدي

آخذاً حريتي من غاصبيها سالبيها وبروحي أفتديها

هات أذنيك معي واســـمع معي صيحة اليقظة تجتاح الجموع

صيحة ً شدت ظهور الركّع و محت أصداؤها عار الخضوع

انا يـــامصر فتاك

بدمي احمي حماك

ودمي ملء ثــراك

أنت إن لم تتحرر بيدي يا بلدي

! فسأمضي أتحرر من قيود الجسد 

لا أبالي الهول بل أعشقه لا أباليه وإن مت صريعاً

إنه لو لم يكن . . أخلقه لأرى فيه ضحايانا جميعاً

فى دماهم أمل النيل توحد فى دماهم دم عيسى و محمد

انا يـــامصر فتاك

بدمي احمي حماك

ودمي ملء ثــراك 

فاحترم بالثأر ذكرى شهدائك بذلوا أرواحهم بذل السخي
 
وانتقم ! إن هنا أذكى دمائك وهنا أمي ، وأختي ، وأخي

انا يـــامصر فتاك

بدمي احمي حماك

ودمي ملء ثــراك 

********************************
وبعد العدوان الثلاثي 1956م..والوحدة المصرية السورية 1958م..تم التفكير فى تعديل النشيد الوطني وعرض على عبد الناصر نشيد الله اكبر فوق كيد المعتدى ..للملحن محمود الشريف وكلمات عبد الله شمس الدين ولكن ناصر اختار نشيد والله زمان ياسلاحى ..تلحين كمال الطويل

والله زمــان يـا سـلاحـي

اشتـقـت لـك في كـفـاحي

انطق وقـول أنـا صاحـي

*************************
في عهد السادات ومع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ورغبة السادات في إرسال رسالة للجميع أن حرب 73 هي آخر الحروب رأى السادات أن السلام الوطني الذي يُعزف على أنغام والله زمان يا سلاحي لم يعد صالحًا للمرحلة الجديدة، مرحلة السلام من وجهة نظره، من هنا سيعهد أنور السادات إلى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بإعادة توزيع أغنية "بلادي بلادي" أغنية ثورة 19، التي كتبها الشيخ يونس القاضي ولحنها سيد درويش:

بلادي بلادي بلادي — لكِ حبى و فؤادى

مصر يا ام البلاد— أنت غايتى والمراد

وعلى كل العباد — كم لنيلك من أيادى

بلادى بلادى بلادى — لك حبى وفؤادى

بلادى بلادى بلادى — لك حبى وفؤادى

مصر انت أغلى دره — فوق جبين الدهر غرة

يا بلادى عيشى حرة — واسلمى رغم الأعادى

وهو في نفس الوقت شعار الزعيم مصطفى كامل الذي كان السادات قد اختار اسم "الحزب الوطني" اسمًا لحزبه الجديد آنذاك، من هنا أصبح السلام الوطني الجديد والمستمر حتى الآن والذي رددته الجماهير في ميدان التحرير في 25 يناير هو بلادي بلادي.

هكذا نرى كيف تغير السلام الوطني مع تغير الأنظمة السياسية الحاكمة، ما يجعلنا نطرح ملاحظة حول مدى ارتباط السلام الوطني بالنظام السياسي وليس بالقاعدة الشعبية وبالتالي الجرأة على تغيره مع تغير النظام، لكن ربما نشيد بلادي بلادي يستمر لمدة طويلة نظرًا لارتباطه بفنان الشعب سيد درويش وثورة 19 فضلاً، عن أن هذا الشعار قد رفعه من قبل مصطفى كامل، وربما سيستمر هذا النشيد لفترة طويلة في المستقبل مع غناء الجماهير لهذا النشيد في ميدان التحرير في أثناء الثورة.!!


-من مقالة "حكاية 6 اناشيد وطنية "للكاتب محمد صلاح مدير تحرير جريدة روز اليوسف..

إرسال تعليق

0 تعليقات