السيد الشهيد الصدر والتخطيط للقيادة من بعده
(4)
على الشديدي
المبحث الثاني/ شروط
القيادة عند السيد الشهيد (1)
سنتناول في هذا
المبحث شروط القيادة من وجهة نظر السيد الشهيد الثاني بعد أن بيّنا معنى القيادة
ومواصفات القائد في المبحث الاول، وهذه الشروط ذكرها السيد الصدر في كثير من خطبه
ومؤلفاته ولقاءاته، ومن غير توفرها لا يمكن للقائد والمرجع الديني ان يتصدى لقيادة
المجتمع، وهذه الشروط هي:
1-
الاجتهاد: ويعد من أهم الشروط التي أكّد عليها السيد الشهيد وسنورد مجموعة
من الأدلة على هذا الشرط تثبت كلامنا بأن القائد لابد أن يكون مجتهداً، وكل من
يقول ان القيادة تصلح لغير المجتهد وان قيادته شرعية، فهو واهم ولا يعرف شيء عن
محمد الصدر إلاّ اسمه، والدليل الأول الذي يؤكد كلامي ما قاله السيد في لقاء أئمة
الجمع: (لابد من المرجع في النجف، وأنا قلت أكثر من مرّة ان النجف هي أعلم المناطق
على وجه الأرض حتى لو قيست بقم، فلا ينبغي التفريط بهذه الصفة، ان النجف هي الأعلم،
أما إذا انتم لم تدرسوا وجلستم وسكتم، إذن كيف تكون النجف أعلم، الأعلم سوف يموتون
كل المجتهدين بما فيها الأعلم وغير الأعلم، والموت لابد منه (كل نفس ذائقة الموت) حينئذ
تبقون جهلة أو أنصاف جهلة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من الجاني إلاّ الحوزة،
إذن على أي واحد منكم واجب كفائي واجب وليس مستحب وهو أهم حتى من صلاة الجمعة ومن
كل المجتمع المعاصر، أن يوجد هناك مراجع حقيقيين قابلين لتسلم القيادة، وأنتم
تنظرون القيادة التي تقتنعون بها، الحمد لله أنتم تقومون بجزء منها، والآخرين
يقومون بجزء منها، وأنا أقوم بجزء منها، فإذا كنتم تتعودون على القيادة وعلى أسلوب
القيادة وعلى طريقتها وعلى اتجاهها وعلى مفاهيمها، فقط فرقه ينقصكم الاجتهاد،
الاجتهاد لا يكون بالمعجزة ولا بالإلهام حبيبي ...
فمن
هذه الناحية من الضروري مئة بالمئة، ألف بالمئة أن تستهدف الاجتهاد بطبيعة الحال
قبل أن تستهدف أن تكون وكيلاً في بلد أو إمام جمعة أو إمام جماعة أو مسيطراً على
عشيرة أو رئيس عشيرة). (1)
ونستنتج من كلامه قدس
الله روحه الطاهرة عدة أمور:
1- القائد لابد أن
يكون مجتهداً بدليل قوله (فقط فرقه ينقصكم الاجتهاد) إذ اعتبر عدم تحقق الاجتهاد
في القيادة نقص وهو النقطة الفارقة التي تميز القائد عن غيره، وقوله (أن يوجد
مراجع حقيقيين قابلين لتسلم القيادة) بمعنى ان غير المجتهد لا يمكن أن يتسلم
القيادة، مهما كانت المبررات.
2- ان كل مجموعة أو
جهة بلا مجتهدين يكونون جهلة أو أنصاف جهلة وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى تفاقم
المشاكل والتخبط وعدم وضوح الرؤية.
3- تعتبر صلاة الجمعة
علامة فارقة في تاريخ حركة السيد الشهيد، ومع هذا فالسيد اعتبر الاجتهاد أهم منها
فضلاً عما سواها.
يتبع ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد الصدر. مواعظ
ولقاءات. هيئة تراث السيد الشهيد الصدر، دار ومكتبة البصائر للطباعة والنشر
والتوزيع والاعلام، لبنان- بيروت، 2013، ص319 - 320.
0 تعليقات