آخر الأخبار

التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين



 التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين 






المخابرات البريطانية اعتبرت الحركات الإسلامية أفضل من الحــــــــركات الوطنية والقومية التي ناضلت من أجل استقلال بلدانها...

عبر مئات من الأمثلة المدعومة بعشرات من الوثائق السرية، إن حركات الإسلام السياسي من إخوان وسلفيين وغيرهم فى بلدان العالم، كانوا لأكثر من 60 عاما لعبة فى أيدي المخابرات الأمريكية والبريطانية التى وظفت هذه الجماعات لتحقيق وخدمة مصالحها فى مختلف الدول.
وتوقع مارك كرتيس فى كتابه، الذى نشر قبل عام واحد من الثورة المصرية، تحالفا بين النخب العالمية والإخوان المسلمين، وهو ما تحقق بالفعل فى مصر وتونس وسوريا مؤخرا، واستند إلى سوابق تاريخية، ساقها «كرتيس» فى كتابه، على هذا «التعاون، أو على نحو أدق، التواطؤ بين النخب السياسية البريطانية والإسلام المتطرف»، ويعتقد «كرتيس» أن هذه العلاقة ليست مجرد تحالف تاريخي وانتهى، بل تعاون ما زالت أسبابه قائمة حتى اليوم، خصوصا بعد ثورات الربيع العربي.
ومنذ منتصف الأربعينات، تواطأت الحكومات البريطانية المختلفة مع القوى الإسلامية الراديكالية و«عملوا معهم بشكل وثيق ودربوهم ومولوهم فى بعض الأحيان» لتحقيق هدفي بريطانيا الرئيسيين فى السياسة الخارجية: تحقيق النفوذ والسيطرة على موارد الطاقة الرئيسية فى العالم، والحفاظ على وضع بريطانيا كمركز للنظام المالي العالمي.
وكان ساسة بريطانيا يعتبرون الإسلاميين مفيدين من 5 أوجه:
 أولها: تقويض الوطنى والتيارات القومية فى العالم العربي وجنوب آسيا.
 وثانيها: استخدامهم كـ«قوات صاعقة/ ذئاب منفردة» لزعزعة استقرار الحكومات المناوئة.
 وثالثها: العمل عند الضرورة كقوات عسكرية لخوض حروب نيابة عنها كما حدث فى إندونيسيا فى الخمسينات، وفى أفغانستان فى الثمانينات.
 ورابعها: استخدامهم كـ«أدوت سياسية» لإحداث التغييرات من جانب الحكومات المستهدفة، مثل إيران، ضد محمد مصدق عام 1953.
 وخامسها: تقويض النظم القومية ودعم الأنظمة الموالية للغرب، خصوصا فى السعودية وباكستان.




ويركز «كرتيس» على باكستان الذى يعتبر انفصالها عن الهند أحد أهم نقاط التحول فى تاريخ الإسلام السياسي، وترحيب ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا الشهير، بدعوات بعض الإسلاميين بالاستقلال عن الهند -الذى كان أمرا غريبا وقتها- لأن باكستان فى حقيقتها دولة صناعية، ليس بها مقومات تحفظ وحدتها، غير هويتها الإسلامية، والبريطانيون كانوا يدركون ذلك جيدا، لكن تشرشل رحب بانفصالها للاحتفاظ بجزء صغير من الهند، التى اضطرت بريطانيا للرحيل عنها بعد استقلالها عام 1947.
ولتحقيق هذا الهدف شجعت بريطانيا تيارات الإسلام المتشدد ورموزه ومنهم أبوالأعلى المودودى صاحب نظرية «الحاكمية » التى تبناها لاحقا سيد قطب، ولاحقا تعلمت الولايات المتحدة، خليفة بريطانيا فى قيادة العالم، الدرس ووظفت الجهاديين فى أفغانستان لضرب السوفيت.
ولم يقتصر دعم بريطانيا للإسلاميين على باكستان، فدعمها للمملكة العربية السعودية «الوهابية» أكثر وضوحا، وكان الهدف من هذا الدعم، الذى واصلته الولايات المتحدة لاحقا، مكافحة «فيروس القومية العربية»، بعد صعود «عبدالناصر» وتأميمه قناة السويس.
الـ«CIA» موّلت المجاهدين لاستنزاف روسيا فى أفغانستان ثم أرسلتهم لخوض حروب البلقان وجمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق
وأدت السعودية دورها فى رعاية الإخوان والسلفيين عقودا طويلة، وأنفقت بين عامى 1970 و2007 نحو 50 مليار دولار لنشر «الوهابية» فى جميع أنحاء العالم، وهو ما وصفه أحد المراكز البحثية الأمريكية بـ«أكبر حملة دعائية فى التاريخ»، وجرت بمباركة ورضا بريطانيا والولايات المتحدة اللتين رأتا فى أفكار الوهابيين حائطا دفاعيا ضد أفكار «عبدالناصر» التى كانت تهدد مصالح الدولتين خصوصا فى منابع النفط.
ويضرب الكتاب عشرات الأمثلة على استخدام الغرب للإسلاميين فى تحقيق أجندتهم، فحين حاول محمد مصدق، رئيس آخر حكومة منتخبة ديمقراطيا فى إيران، تأميم شركة النفط البريطانية الإيرانية، قررت بريطانيا والولايات المتحدة الإطاحة به عن طريق دعم ما وصفوه وقتها بـ«دكتاتور مستعد لتسوية مسألة النفط بشروط معقولة».
وكان الدكتاتور هو «آية الله سيد كشانى» الذى نظم أتباعه المتشددون احتجاجات واسعة مهدت الطريق لانقلاب 1953، الذى جاء بالشاه الموالى للغرب، وتتلمذ على يدى «كشانى» آية الله الخمينى، الذى أطاح بالشاه عام 1979، وأقام دولة دينية قمعية حتى اليوم، ومن الطريف أن الولايات المتحدة دعمت «الخمينى» اعتقادا منها أنه زعيم إسلامى معتدل يمكن «التفاهم معه»، حتى حين ظهر أن الخمينى خطر على مصالح الغرب، سعت أمريكا لاستخدامه فى تصفية اليسار فى إيران التى كانت وما زالت تعتبره الخطر الأكبر على مصالحها.
وفى 1982، حصل البريطانيون على قائمة أعضاء الحزب الشيوعي الإيراني «توده» من عميل سوفيتى سابق يدعى فلاديمير كوشكان، ومررت المخابرات البريطانية «MI6» ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «CIA»، القائمة إلى طهران التى سارعت بحل الحزب وإعدام عشرات منهم وألقت القبض على أكثر من ألف شخص.
وتكرر السيناريو نفسه فى إندونيسيا، بصورة أبشع، حين دعم الغرب الجماعات الإسلامية، المدربة والمسلحة من قبل الجيش الإندونيسى لارتكاب مذبحة إندونيسيا الشهيرة، التى راح ضحيتها نحو مليون شيوعى عام 1966، إلا أن أشهر صور التعاون بين الغرب والإسلاميين كانت فى أفغانستان بعد غزو الروس لها عام 1979.
وسعت الـ«CIA» والمخابرات الباكستانية، فى هذه الفترة، للعمل بشكل وثيق مع تيارات إسلامية مختلفة، ومنها إخوان باكستان المعروفون باسم «جماعة الإسلام»، بهدف استنزاف «الجيش الأحمر» هناك.
وجعل هذا التعاون من الولايات المتحدة، فيما بعد، متهما بإطلاق شيطان الجهاد الإسلامي المسلح، إلا أن كثيرا من السياسيين الأمريكان رأوا التعاون فكرة عبقرية لا يقلل منها وجود آثار جانبية مثل ميلاد تنظيم القاعدة، وهو ما عبر عنه زبيجنيو بريجنسكى، مستشار الرئيس كارتر لشئون الأمن القومى، ذات مرة لصحيفة «نوفيل أوبزرفتوار»، التى سألته: «هل تشعر بالندم على رعاية الجماعات الإسلامية أثناء حرب أفغانستان؟»، فأجاب: كيف أندم على فكرة ممتازة؟! وما أهمية مقارنة «طالبان» بـ«سقوط إمبراطورية الاتحاد السوفيتى»؟! وما أهمية وجود بعض المسلمين الغاضبين مقارنة بتحرير وسط أوروبا وإنهاء الحرب الباردة؟!
وإذا كان تحالف الإسلاميين والـCIA فى أفغانستان قصة معروفة، فما لا يعرفه كثيرون أن بريطانيا والولايات المتحدة هما من سهلا لاحقا إيفاد كثير من هؤلاء المجاهدين للمشاركة فى حروب البلقان وجمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق فى آسيا الوسطى، والمناطق الإسلامية فى الصين، بدعم سخى من حليفهم الغنى السعودية، التى كانت أيضاً الممول الرئيس لحرب إدارة «ريجان» السرية لدعم المجالس العسكرية القمعية فى أمريكا اللاتينية، مقابل أن تغض أمريكا الطرف عن جهودها فى نشر المذهب الوهابى الذى تعتبره المملكة أحد أسلحتها لمواجهة دعوات الإصلاح وتداول السلطة فى الداخل.
وفى كتابه «لعبة الشيطان.. كيف أطلقت أمريكا الأصولية الإسلامية»، الصادر عام 2006، قال مؤلفه روبرت دريفوس: «هناك فصل غير مكتوب فى تاريخ الحرب الباردة، يتناول خطة أمريكا المجهولة لدعم وتمويل -سرا وأحيانا علنا- الإسلاميين المتشددين، هذه الخطة المجهولة، التى نفذت على مدار 6 عقود، مسئولة جزئيا عن ظهور الإرهاب الإسلامي كظاهرة فى جميع أنحاء العالم، بل إن إمبراطورية أمريكا فى الشرق مصممة وتقوم على عدة دعائم إحداها الإسلام السياسي».
ويضيف «دريفوس» فى مقدمة كتابه الشهير: «أنفقت الولايات المتحدة عقودا فى رعاية الإسلاميين ودعمهم، والتلاعب بهم وخداعهم، باستخدامهم كحلفاء لها فى الحرب الباردة، لكن السحر انقلب على الساحر بعد أن تحول هؤلاء الأئمة والملالى والدعاة لوحوش، ليس فقط ضد الولايات المتحدة، بل ضد حرية الفكر والعلوم الإنسانية القومية واليسار وحقوق المرأة. بعضهم إرهابيون، لكن أكثرهم متعصبون لأفكار تعود للقرون الوسطى ويتمنون العودة للقرن السابع الميلادى».
«بريجنسكى»: دعم الإسلاميين كان فكرة جهنمية.. وضرر قيام «طالبان» و«القاعدة» لا يقارن بفوائد سقوط الاتحاد السوفيتى وإنهاء الحرب الباردة
ويوضح «لعبة الشيطان» أنه خلال سنوات الحرب الباردة بين عامى 1945 و1991، لم يكن الاتحاد السوفيتى هو العدو الوحيد لأمريكا وحلفائها، وسعت الولايات المتحدة لـ«شيطنة» وتجريح كل الأفكار والأيديولوجيات التى يمكن أن تهدد الأجندة الأمريكية والنفوذ الغربى مثل التيارات القومية والعلمانية والاشتراكية، وكانت هذه الأفكار هى أيضاً أكثر ما يخشاه الإسلاميون، ويضرب الكتاب مثلا واضحا بتحالف الغرب مع الإسلاميين لضرب الحركات القومية فى العالم العربى وإيران وتركيا والهند، فالحركات القومية الناشئة فى دول العالم الثالث كانت تهديدا كبيرا على مصالحها، واتخذ هذا التهديد أشكالا مختلفة، أشهرها جمال عبدالناصر الذى تواطأت بريطانيا والمخابرات الأمريكية مع الإخوان لاغتياله عام 1954.
وفى محاولاتها لاحتواء هذه الأفكار فى الخمسينات تحالفت واشنطن مع المملكة العربية السعودية، ووظف الأمريكان «الوهابية» للدفاع عن مصالحهم، واتفقوا مع الملك سعود والأمير فيصل -لاحقا الملك فيصل- لتأسيس كتلة إسلامية من شمال أفريقيا إلى باكستان وأفغانستان. وبالفعل مولت الأسرة السعودية مؤسسات كثيرة لنشر الوهابية ودعم جماعة الإخوان

«الشؤون السرية».......مارك كيرتس..........!!



إرسال تعليق

0 تعليقات