آخر الأخبار

البخور والسرطان !!


البخور  والسرطان !!







د. محمد ابراهيم بسيوني



يعتبر التطيب بالبخور أحد العادات التي يتميز بها الخليجيون والعرب، إذ أن الدول العربية تعتبر أكثر دول العالم استهلاكا للبخور حيث يحرقون حسب بعض التقديرات لأكثر من 75 % من العود في العالم. بعض الدراسات العالمية ومنها دراسة تم نشرها مؤخرا في مجلة New Scientist أظهرت أن دخان البخور المستخدم في المنازل أو المساجد يحتوي على مواد يمكن أن تسبب سرطان الرئة. فينتج عن عملية حرق البخور انطلاق كمية كبيرة من الغازات والمواد، والتي قد يكون بعضها ضار بصحة الإنسان، ووفقا لدراسات علمية تم إجراؤها في بعض دول جنوب شرق أسيا والتي تنتشر فيها عادة حرق البخور في المعابد والمنازل، تبين أن حرق البخور يطلق غاز أول أكسيد الكربون، وهو غاز سام عند زيادة تركيزه في الهواء عن الحد الطبيعي، كما وجد أن حرق البخور يؤدي إلى اطلاق غاز الفورملين ( الفورمالديهايد)، وهذا الغاز يؤثر بشكل كبير على الجهاز التنفسي وتدل بعض الدراسات انه من المواد التي يعتقد في قدرتها على إحداث مرض السرطان، أيضا تنطلق مجموعة كبيرة من المواد الهيدروكربونية العطرية، والكاربونيلز وغيرها من المركبات.
هذه المواد قد تكون من الخشب المحترق الموجود في قطع أو أعواد البخور، وقد تكون ناشئة عن حرق مادة البخور نفسها، والتي يتم تصنيعها في العادة من مخاليط عطرية تشمل العود والمسك والعنبر ويضاف إليها أحيانا دهن الورد وتمزج تلك المكونات وتعجن على هيئة أقراص توضع فوق الجمر.
من المبالغة، أن نقول أن مخاطر البخور كمخاطر التدخين، فمن غير المعقول مقارنة من يدخن 20 سيجارة بمن يشم البخور، لكن ينبغي التأكيد أن التعرض اليومي والطويل وفي أماكن مغلقة لدخان البخور، يشكل بالفعل خطرا على الإنسان.


وبناءا على دراسة امتدت لحوالي 12 عاما وشملت أكثر من 61 ألف شخص من المنحدرين من أصول صينية في سنغافورة، وجد أن هناك علاقة بين كثرة استنشاق البخور والإصابة بأنواع مختلفة من سرطان الجهاز التنفسي، الفم واللسان والحنجرة والرئتين، يقول الدكتور جيبي فريبورغ من قسم أبحاث الأوبئة في معهد ستاتينز سيروم في كوبنهاغن بالدنمرك أن هذا الخطر قد ظهر لدى المدخنين وغير المدخنين، وأضاف أن ما أظهرته تلك الدراسة يكفي لنصح الناس بتجنب الاستنشاق الكثير والمطول للبخور في الأماكن التي يقضون فيها معظم أوقاتهم مثل غرف النوم والمعيشة وغيرها.
ويعلق على ذلك الدكتور لين ليشتنفيلد نائب رئيس الخدمات الطبية في جمعية السرطان الأمريكية بقوله أن التعرض اليومي لاستنشاق دخان البخور له علاقة بسرطان الجزء العلوي من الجهاز التنفسي وهذا خطر حقيقي لا يجب إهماله.
نؤكد هنا ان البخور يزيد من سوء بعض الأمراض الشائعة عند الناس كمرض الربو، وان هذا الدخان يثير نوبات من الربو الحادة بسبب قدرته على التحريض والإثارة للجهاز التنفسي، كما يؤثر دخان البخور على مرضى الالتهاب الرئوي والانسداد المزمن والتهابات الأنف.
تلك النتائج نشرت في العديد من الصحف والمجلات العالمية المتخصصة ومنها مجلة نيو سينتس في عام 2001 وقد بينت أن دخان البخور المستخدم في المساجد والمنازل والمعابد والكنائس وغيرها من الأماكن يحتوي بالفعل على تركيز عال لمواد ضارة وخطيرة ومسرطنة.


لذلك يجمع الخبراء على ضرورة عدم استخدام البخور في الأماكن المغلقة، هذا يعني أن قليل منه غير ضار، لكن أن يتم نشر هذا الدخان في أماكن مكتظة بالناس وذات تهوية سيئة بحيث يغدو الهواء ثقيلا وقاتما وعابقا بالروائح العطرية للبخور فهذا أمر خطير، وفي حال لو رغب احدنا في نشر تلك العطور في مكان ما وفي المساجد مثلا، فمن الأفضل أن يتم حرق البخور عندما يكون المكان خاليا، وقبل أن يصل المصلون أو الناس ويتم تهوية المكان والتوقف عن إشعال البخور في وجودهم.
ومن جهة أخرى ينبغي ممن يعانون من إمراض في الجهاز التنفسي وربو والحساسية عدم التعرض للبخور أو استنشاقه، علما أن هناك من يقوم بخلط البخور ببعض المواد الضارة، كأن يخلط مع الرصاص لزيادة وزنه بهدف الغش، هذا النوع من البخور سام، حيث أن الرصاص من المعادن الثقيلة والخطرة للغاية، فالاعتدال وعدم المبالغة مطلوبة، وان نقلل من استخدام البخور إلى اقل حد ممكن، وهذا أيضا ينطبق على ملطفات الجو ذات الأثر البليغ على الجهاز التنفسي للإنسان.
-----


عميد طب المنيا السابق


إرسال تعليق

0 تعليقات