موقف القوي الوطنية المصرية من ثورة يونيو
(اهم ما جاء فيها عن الثورة ومهامها وافاقها ) ملخص
عام (اغسطس 2013 )
عرض وإعداد : شرين
حسين
أولا
إننا نعتبر أن ثورة الشعب
المصري في 30 يونيو لتصحيح مسار ثورة 25 يناير إنما هي امتداد لكل مراحل الثورة
الوطنية الديمقراطية التي بدأت مع الثورة العرابية عام 1881 وتواصلت عبر ثورة 1919
وثورة 1952... وثورة 30 يونيو جاءت لإنجاز المهام التاريخية لهذه الثورة التي لم
تكتمل وتأخرت كثيراً خاصة بعد موجة الردة الرجعية الشاملة التي اجتاحت مصر
والمنطقة منذ منتصف السبعينات واستمرت لأكثر من 30 عاما وما حدث إثنائها من انهيار
لحركة التحرر العربية وكذلك انهيار الاتحاد السوفيتي وصعود تيار اليمين الديني
الفاشي في المنطقة في ظل نظم حكم استبدادية جثمت على أنفاس شعوبنا لعشرات السنين.
والتناقض القائم في مصر الآن
ليس مجرد تناقض بين قوى سياسية معارضة وجماعة رجعية مستبدة وصلت إلى السلطة وفشلت
في إدارة حكم البلاد، وإنما يتبدى التناقض في مستواه الأعمق بين الغالبية العظمى
من جماهير الشعب المصري وقواه السياسية الوطنية الديمقراطية من ناحية وبين قوى
اليمين الديني الفاشية بقيادة الإخوان والتي تمثل الخطر الأكبر على مستقبل الوطن
والثورة من ناحية أخرى.
ولذلك فإن ثورة يناير وموجتها
الثانية في يونيو تسعى إلى استكمال الاستقلال الوطني عن كل أشكال التبعية والإذعان
للأمريكان والدول الامبريالية، والذي لن يتحقق بدون تحقيق تنمية اقتصادية اجتماعية
وثقافية شاملة معتمدة على الذات أساسا. ومن ناحية أخرى فإنها ثورة ديمقراطية تؤسس
لدولة مدنية ديمقراطية على أساس دستور يحمي الحريات والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية للمواطنين ويكفل الرقابة والمشاركة الشعبية ويضمن حرية تشكيل الأحزاب
والنقابات والجمعيات مع التأكيد على فصل الدين عن السياسة وحظر الأحزاب الدينية.ثم
إن هذه الثورة وهذا هو الأهم لها جانبها الاجتماعي الذي يقوم على أساس إعادة توزيع
الدخل والثروة في المجتمع بما يحقق مصالح الأغلبية من الجماهير الكادحة ويحمي حقوق
الفقراء والفئات الضعيفة في المجتمع وتمكين العمال والفلاحين من تشكيل نقاباتهم
واتحاداتهم لضمان استمرار الثورة في تحقيق أهدافها والانتقال بها إلى مرحلة أرقى
في مسار الثورة الاجتماعية لصالح الطبقات الكادحة.
ثانيا
ولا بد من تقييم ما حدث في 30
يونيه بشكل موضوعي وصحيح، ورفض أي مواقف مغرضة تريد تشويه هذا الانجاز التاريخي
للشعب المصري من قوى الثورة المضادة ممثلة في الإخوان وحلفائهم من قوى اليمين
الديني الفاشي في الداخل وحلفائهم في الخارج من الدول الإمبريالية في الولايات
المتحدة وأوروبا تلك القوي التي سارعت في وصف ما حدث بأنه "انقلاب
عسكري".. وإذا كان هذا أمر طبيعي من أعداء الثورة كما أنه أمر يمكن فهمه
حينما تطرحه العديد من القوى والحركات التي تمسك العصا من المنتصف لتحقيق مصالحها
الضيقة وأهدافها الأنانية، إلا إنه من الغريب أن تلتقي معهم في نفس الطرح بعض
القوى التي تدعي الثورية واليسارية استنادا إلى مقولات تاريخية جامدة وقوالب
محفوظة وأكليشيهات ثابتة تظل ترددها حول العسكر وحكم العسكر والانقلابات العسكرية
دون تحليل الواقع العيني الملموس والتحقق من الوقائع الحية والممارسات الفعلية على
الأرض التي تؤكد على أن ما حدث هو ثورة شعبية إنحاز لها الجيش المصري كما إنه لابد
من تحليل المواقف التاريخية للجيش المصري بدلاً من تطبيق النصوص الجامدة بشكل
تعسفي على الواقع وعلينا في بعض اللحظات أن نتعلم من الدروس والخبرات التي يقدمها
لنا الشعب المصري بفطرته السليمة وحسه الثوري، والاخطر أن هذا الموقف الخاطئ يحرف
الأنظار عن العدو الرئيسي للجماهير الشعبية قي اللحظة الراهنة، وهو خطر اليمين
الديني الفاشي ومخططاته الإرهابية في سيناء وتجييشه لأنصاره في محاولات يائسة
ولكنها خطيرة بالانقضاض على ثورة الشعب المصري والالتفاف على إرادته لإسقاط حكم
الإخوان وتصحيح مسار الثورة ووضع دستور جديد واتخاذ إجراءات اجتماعية عاجلة.
ومن ناحية أخرى علينا أيضا أن نقف بحسم في مواجهة رموز أنصار نظام مبارك وأبواقهم الإعلامية الذين يريدون شطب ثورة يناير من التاريخ وتشويهها بهدف تبرير خطايا نظام مبارك والتنصل من مسئوليتهم عنها وتحميل الإخوان بكل سلبيات المرحلة السابقة ونحن نؤكد أنه لولا ثورة يناير 2011 لما استطاع الشعب أن ينجح في القيام بثورة 30 يونيه ولما أستطاع أن يكشف جرائم القوى الظلامية المتاجرة بالدين ولذلك فإننا نكرر تأكيدنا على أن ثورة 30 يونيه هي الموجة الثانية الأعمق والأنضج لثورة 25 يناير وهي تصحيح لمسارها وإن إسقاط حكم الإخوان لا يعني أبداً العودة إلى ممارسات وجرائم نظام مبارك، وعلى ثورة 30 يونيو أن تنجز ما عجزت عن إنجازه ثورة 25 يناير وأن تناضل من أجل كنس كل مساوئ نظام مبارك ونظام الإخوان وهي تأكيد على أننا نريد إسقاط جوهر هذه الأنظمة وهدم الأسس التي قامت عليها وبناء نظام جديد يحقق أهداف وطموحات شعبنا وما يقتضيه ذلك من تغيير جذري في السياسات والممارسات والمؤسسات لإرساء دعائم أوضاع جديدة تقوم على ثقافة وطنية تحررية مستنيرة تحرر الشعب من كل مظاهر الإفقار والاستغلال والتخلف والجهل والتطرف وإنهاء التمييز على أساس الدين أو الجنس أو العرق.
ثالثا
وبناء على ذلك يجب إلا يغيب عن
بالنا أن النضال من أجل تصفية نظام الإخوان وبقايا نظام مبارك هو المهمة الأساسية
لهذه الشرعية الثورية إلى جانب السعي لتشكيل نظام بديل وإجراءات ملموسة لتثبيت
وتوسيع القاعدة الاجتماعية للثورة، ويجب أن يكون مفهوماً أن الحكومة التي تشكلت
استنادا لهذه الشرعية الثورية يجب أن يكون ولاءها الأول لمطالب الإرادة الشعبية
التي خرجت في 30 يونيو و26 يوليو ودورها الأساسي هو استخدام كل الوسائل لتنفيذ هذه
الإرادة وإزاحة أي عقبات في سبيل تحقيقها، ونحن نرى أن سياسات الحكومة الانتقالية
مازالت بعيدة عن روح هذه الشرعية الثورية، وما زال إيقاعها تقليدي وبطئ كما لو
أنها جاءت في ظروف عادية، ويتبدى ذلك أيضا في مواقف واضحة لعدم الحسم والتراخي في
مواجهة قوى الإرهاب والتطرف، ويتحدث بعض المسئولين الكبار في مؤسسات السلطة
الانتقالية عن المصالحة الوطنية وضرورة دمج الإخوان في العملية السياسية دون تمييز
بين كوادر وقيادات الإخوان القتلة الإرهابيين وبين جماهيرهم العادية وبأسلوب
يتنافى مع الشرعية الثورية ويتناقض مع الإرادة الشعبية.. ونحن نؤكد على ضرورة
تصحيح هذه الأوضاع بسرعة لان الاستمرار في هذه الحالة وهذا التردد والتباطؤ سوف
سيؤدي إلى تأكل الثورة وإضعافها وإعطاء الفرصة لخصومها وأعدائها لاستعادة توازنهم
بشكل تدريجي وهو ما لن يسمح به الشعب المصري وقواه السياسية الثورية والشبابية
والتي يجب أن تظل متواجدة في ميادين الثورة لمراقبة الحكومة ولضمان تنفيذ إرادتها
الثورية. ومن جانب آخر لا بد من التعبير القوي والواضح من السلطة الانتقالية عن
استقلالية القرار المصري واحترام السيادة الوطنية والتحرر من التبعية لأمريكا
والبدء في تنويع مصادر السلاح والتوجه إلى التكتلات الأخرى العالمية من أجل إحداث
توازن في علاقاتنا الدولية بشكل يساعد على حماية ثورتنا في المرحلة المقبلة.
رابعا
نؤكد على ضرورة إعادة كتابة
الدستور كاملاً دون ترقيع أو تنقيح أو تعديل. ويأتي هذا في صدارة مهمات المرحلة
الانتقالية. فدستور 2012 الإخواني - السلفي إنما هو دستور مشوه طائفي معادٍ
للحريات الشخصية والعامة، ولحرية التفكير والتعبير، ولحقوق المرأة والطفل، ولحقوق
العمال والفلاحين والكادحين. ويجب في الدستور الجديد إعادة المادة الثانية في
دستور 71 التي تقول بأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع دون أي
زيادة أو إضافة. كذلك لا بد من النص على ضرورة عدم تكوين أحزاب على أساس ديني،
وإلغاء كافة الأحزاب القائمة التي لا تستوفي تلك الشروط إلى جانب التأكيد على فصل
الدين عن السياسة. كما لابد من النص الواضح والصريح على الحفاظ على الملكية العامة
والتعاونية وحمايتها بالنصوص الدستورية اللازمة، ويجب احترام حق الشعب في اختيار
طريق تطوره الاقتصادي والاجتماعي وعدم النص على تأبيد النظام الرأسمالي أو أي نظام
آخر في الدستور. ونحن نرى ضرورة النص في الدستور الجديد على وسائل فعالة للرقابة
الشعبية على مؤسسات السلطة التنفيذية، وتفعيل دور المشاركة الشعبية، وضمان عدم
افتئات القوانين على الحقوق والحريات الدستورية. وأخيراً يجب التأكيد على الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين بشكل واضح وإلزام الدولة بها وخاصة الحق في
الصحة والتعليم والعمل والسكن وحماية حقوق العمال والفلاحين منتجي الثروات
والخيرات في ربوع البلاد.
0 تعليقات