كيف نتفكك ؟!!
ستار النعماني
(في عصر الخداع العالمي الشامل يعد قول الحقيقة عملا
ثوريا )جورج اورويل.
ولكن هل نستطيع مواجهة هذه الحقيقة في ظل عقل مثقل
بالعواطف الإيديولوجية الشعبية أو المستوردة عملت على تذويب كل ما ينتمي إليها من
تاريخ في دهاليز المصطلحات الغريبة على قاموسنا الثقافي ومارست هذه المصطلحات
دورها في تغيير البيئة الثقافية لأغلب المجتمع ليكون في النهاية سلوكا يحدد شخصية
الفرد ومقدار انتمائه لجماعة معينة او أيديولوجيا .
كيف حدث هذا وكيف فقدت المجتمعات قدراتها المناعية او
بالأحرى كيف تخلت عن قدراتها المناعية المتمثلة بالدين والفكر والتاريخ واللغة
والثقافة وحتى الإنسانية التي تغنى بها الآخرون واعتبروا أنفسهم أصحاب الحق في هذا
المفهوم ورسموا لوحات متعددة بمناظير مختلفة توحي للعالم الوحشية التي تمارس من
قبل الغير في مقابل هذه الإنسانية.
وكيف استطاع الآخرون من فرض آرائهم وتوجهاتهم في مجتمعات
تعتبر على النقيض من هذه الآراء والتوجهات إننا نعيش في عالم خطر تحكمه الفكرة وان
هيمنة الايدولوجيا المستوحاة من الأساطير وبسط قوتها على القانون تشكل تهديدا
حقيقيا على البشرية.
وما يرتبط بها من منظومة أخلاقية وفكرية بدعم من آلة الإعلام
المزيف مع ما يرافقه من أدوات وتقنيات متطورة استطاعت اختزال عامل الزمن إضافة إلى
الشتات الذي خلفته السلطات الحاكمة كل هذا جعل من مجتمعاتنا ارض خصبة لتقبل الأفكار
بدون تشخيص واستقصاء عن أصل الفكرة وما تحمله من ثقافة تهديم لكل المرتكزات التي قامت
عليها الشعوب فأنتجت للأسف حالة من اللاتوازن الثقافي والفكري ومستوى الوعي لدى
اغلب فئات مجتمعاتنا حتى بدى لدى اغلب الجمهور أن اتزان شخصياتهم مرهون بما يصدره
لهم الآخرون من فلسفة وثقافة حتى أصبحت هي المتحكم في كم هائل من العقول متناسية
كل المعايير الأخلاقية المتأصلة في مجتمعاتنا والتي كان موقفها بالضد من الثقافات
الواردة إلينا من خلف البحار وقد روج لهذه المفاهيم الخادعة بعض المحسوبين على
الوسط الثقافي زيفا.
وبهذا الصدد يقول باسكال بونيفاس فبركة مفاهيم جديدة هي
خيانة جديدة يرتكبها المثقفون فبدلا من ان يساعدو المواطن على التفكير في ظواهر
معقدة يعملون على تبسيطها إلى أقصى حد ... يمدون الرأي العام بمواد مشوهة وسامة
فكريا ويفبركون الخدع الايدولوجية .
إن أدوات الخداع الذي سار بأغلب فئات المجتمع باتجاه
تجاوز الإطار الأخلاقي والاجتماعي والثقافي دون أن يشعر بتأنيب للضمير أو قطعاً
للانتماء التاريخي والاجتماعي هي أدوات يجب أن تكون محل دراسة من الباحثين بسبب أن
أدوات القوة الناعمة هذه قادرة على تغيير تفكير وسلوك ومعتقد الشخص .
0 تعليقات