من
القاهرة جاء اليعقوبي
ستار النعماني
في يوم ما ليس بعيدا سيتغير التاريخ وتبدل الأرض غير الأرض
والسموات ويتولى زمام الأمور بقية صالحة حينها سيذكر (اليعقوبي) كعلامة مهمة ليس
في تاريخ بلاده فقط او منطقته فحسب بل في تاريخ العالم كله.
بهذه الكلمات يقدم محمود جابر لكتابه (هكذا تكلم
اليعقوبي) يتناول فيه مشروع مرجع ديني تصدى لقيادة امة في زمن أصابه الاضطراب
ومحفوف بالمخاطر قد تؤول فيه الأمور إلى نتائج يصعب التكهن بها في مجتمع عانى من
تمزق في الهوية منقطع عن الماضي وهكذا فقد تكلم اليعقوبي لإرساء قواعد الفقه
والفكر لبناء الدولة والمجتمع بناءا إسلاميا مستقرءاً التاريخ وفهم مسيرته لإيجاد
كما عبر الكاتب فضاء للتفاعل والتثاقف الفكري من اجل بناء حد أدنى من الإجماع
الوطني حول القضايا والإشكالات المرتبطة بالولاء والمشاركة والتوافق السياسي في
المجتمع الحديث .
يذهب المؤلف إن
بعض ما طرحه المرجع خلال مسيرته الحافلة بالعطاء الفكري يمكن أن يكون حقلا عاما
لعلم الاجتماع السياسي من خلال المواضيع التي تعتني بعلم الاجتماع العام والسياسي
والاقتصادي والديني وساهم هذا بإيجاد مجال تنظيري يمكن السياسي الإسلامي من مواكبة
عصره فلا انفكاك ما بين هو اجتماعي وسياسي بل يجب دراسة المشهد السياسي من خلال إطاره
الاجتماعي .
ومن هنا فقد وجد المرجع إطارا عاما لعلم الاجتماع
السياسي بعيدا عن ما أنتجته ثورة التنوير والتي أرست دعائمه مدرسة الاجتماع
الفرنسي و استطاع سماحته أن يذهب إلى ما هو ابعد فقد تمكن من بلورة هذا المجال
وتجسيده على ارض الواقع من حيث الممارسة والتنفيذ ولم يقتصر على كونه إطار تنظيري
فقط.
الكتاب يقع في عدة محاور تناول وبشكل مقتضب المشروع
السياسي لمرجعية الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) حيث بين الكاتب دور المرجع في
الحفاظ على مصالح الأمة من خلال البيانات والتوجيهات والمؤلفات التي صدرت عنه فهو أول من حذر الجماهير من الوقوع بالمكائد والمؤامرات التي تحاك ضد العراق شعبا وتاريخا
وجغرافية باعتبار أن المرجعية تمثل مقام القيادة الدينية للشيعة وكيف قام اليعقوبي
بعمل نقلة للمرجعية من الكم إلى النوع وكيف ساهم ببناء المؤسسات الثقافية والفكرية
التي تمثل خط الدفاع عن الإرث الحضاري وتطرق المؤلف في الكتاب إلى ميزة أخرى من
ميزات مرجعية الشيخ اليعقوبي وهي شمولية التعبئة فان التعبئة التي ينشدها المرجع
كما يقول الكاتب ليست حركة نخبوية أو طبقية أو فئوية وإما هي حركة الشعب كله بكل ما
فيه من شرائح ...فهي نوع من أنواع الثقافة الروحية والحضور الشعبي اللازم في جميع
المراحل.
وأخيرا لا يمكن لهذه الكلمات أن تفصح بشكل كامل عن
مضمون الكتاب ولا يمكن اختزاله بهذه السطور القليلة وهناك مواضيع اشرنا إليها
باختصار قد تناولها المؤلف بتفصيل أكثر عرضنا جزء يسير منها لغرض لفت المتابع
والقارئ متمنين للكاتب دوام الموفقية ومزيدا من العطاء .
0 تعليقات