احترموا الشعب ..
فالدوائر ليس ملك اهاليكم ..!!
حسين الذكر
كم مقزز ذلك المنظر
الذي تجد فيه الشعب يقف طوابيرا أمام الدوائر ، بهذه الأجواء الحارة وقبلها
الباردة الماطرة فيما الموظفون يتبخترون تحت السبالت والتبريدات والماء والعصائر
المثلجة – على اقل من مهلهم – يستمتعون في الفيس وتوتير واليوتيوب وغير ذلك الكثير
مما يجعل المواطن المسكين أخر اهتماماتهم .. واذا ما تذكروه فان مفردة تعال بعد
أسبوع أسهل من العلك في افواههم . والسؤال هنا لماذا هذا التفاوت السلطوي لماذا
الشعب يقف تحت أشعت الشمس وتحت رحمة الموظف بمسمياته وعناوينه المتعددة منذ أيام
الدكتاتورية البغيضة حتى عهد الديمقراطية الغريبة .
( إن المفاهيم ،
المتداولة كالديمقراطية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية ... لا قيمة ولا معنى لها
، ان لم تحقق المساواة وتزيل الفوارق الطبقية الشاسعة ، كما يوضح ذلك في شعر راسي الأصلع
وذقني الكث الطويل . فكم تمنيت ان يكون التوزيع عادل بين فروة الرأس وشعر اللحية ..
حتى لا يتشوه منظر الوجه ) .تلك كانت من جملة المفارقات الطريفة التي خطب
فيها برنادشو امام الجموع عن العدالة الاجتماعية .
كم تشمئز النفس الأبية
لمنظر الكبار والعجزة والمرضى وهم يفترشون الشوارع والأرصفة قرب بعض الدوائر
يبحثون عن جنسية او شهادة جنسية أو عن أي أوراق ثبوتية من قبيل ( المستمسكات
الأربعة ) التي تخلصنا من موبقات نظام أوجدها ولم نتخلص من تبعاتها حتى الآن ، فقد
استخدمت في دوائر العهد الجديد كأبسط وسيلة لإنهاك المواطن فضلا عن استغلاله ، فما
أسهل ان يقولوا للمراجع برغم الحر والزخم والجهد والبذل والتعب : ( هات صحة صدور ،
او اسمك خطا صححه بالجنسية او هات بطاقة سكن جديدة وهلم جرى .. من متاعب وأساليب
رخيصة غير نزيهة تقبض على لحية المواطن الفقير المسكين المضحي تستنزف جيبه دون
رجالات السلطة او المسلحين او الأحزاب التي تمشي معاملاتهم على عجالة وهم في
البيوت اذ لا يتجرا احد ان يقل لهم ثلث الثلاثة كم ) .
يبقى أبو ذر الغفاري
، ذلك الصوت العربي - القح - بضميره الصحراوي الاسلامي ، الذي تفجر على
الواقع الفاسد في اشراقة صدر الامة ومن على منابرها وفي شوارعها ، بجهارها بلا
موانع ولا كوابح : ( عجبت لمن لا يمتلك قوت عياله ولا يخرج حاملا سيفه ) . انها
ليست دعوة للصوصية والقتل ونهب المؤسسات والتعدي على النظام العام ، فان الله جل
مقامه يعي ويعرف تماما من هم اولياؤه الصالحين . فلا حاجة الى ازياء واشكال ونماذج
صنيعة كل زمكان ، لقد اعلن الغفاري العصيان المدني باحلى ابهته واشرف مقامه
وتفانيه وبذل مهجته ، عصيان على المنظومة الاخلاقية الحاكمة ، التي جعلت التفاوت
الطبقي ديدنا حتى تجلت الجاهلية الجديدة باسوء اشكالها ، في وقت مازالت دماء شهداء
صدر الاسلام و حملة مشاعل النور واهل التنزيل والتبشير والتطبيق ، عطرة حية لم
تندثر بعد ) .
0 تعليقات