التنمية
الاقتصادية المتعثرة والاجتماعية المفقودة
د. محمد إبراهيم بسيوني
أصبحت التنمية الاقتصادية معضلة والتنمية الاجتماعية
مفقودة وكادت الطبقة الوسطى أن تزول وإن شئت قلت أصبحت هناك طبقتين طبقة عائمة
يمثلها في عمومها رجال الأعمال وبعض الساسة والمال وطبقة أخري غارقة تعيش عيشة
الكادحين تقضي يومها بما قسمه له ربها، وتطلب الستر من خالقها في يومها وغدها
وتشتكى إلى الله من ظلم وطغيان.
الحكومة المصرية رفعت أسعار الوقود عام 2014، ومنذ
التوقيع على قرض ال12 مليار دولار عام 2016 زادت الأسعار أربع مرات أعوام 2016،
2017، 2018 وصولا للزيادة الأخيرة الآن عام 2019. كان من أهم شروط هذا القرض وصول
أسعار الطاقة للأسعار العالمية.
ومحصلة الزيادات الأربع فى الأعوام من 2016 إلى 2019
بلغت الزيادة فى سعر الوقود فى المتوسط بأكثر من أربعة أضعاف.
إذن فالمواطن المصرى سوف يشترى الوقود بالسعر العالمى
تقريبا، وهو ما يرفع سلة الأسعار كلها لاستخدامه فى نقل السلع وغيرها، رغم أن الحد
الأدنى للأجور فى العالم أكثر بنسبة خطيرة من الأجور العالمية، حتى بعد رفعه إلى
2000 جنيه شهريا: فالحد الأدنى للأجور فى أمريكا 1450 دولارا شهريا تساوى أكثر من
24 ألف جنيه مصرى، أى أكثر من 12 ضعفا للأجور فى مصر، بينما تتراوح الأجور فى انجلترا
وفرنسا وألمانيا بين 13 و15 ضعفا للأجور فى مصر.
المواطن المصري يشترى وقودا بالسعر العالمي ومرتبه لا
يتجاوز 7 إلى 8% من الأجر العالمي، رغم أن الإنتاج المصري وصل الآن لحد الاكتفاء
الذاتى. تبرر الحكومة المصرية ذلك بما يسمى بالفرصة البديلة، أى بما أن الحكومة
لديها الفرصة لتصدير البترول بالسعر العالمي فالمواطن المصري يجب أن يشتريه أيضا
بالسعر العالمي.
فهل البترول المصري
ملك الحكومة المصرية التى تتاجر به على شعبها لتتربح من فقره رغم تواضع دخله، أم
إنه ملك الشعب المصري ومن حقه أن يتمتع به بتكاليف استخراجه ونسبة معقولة من
الإداريات والربح؟؟
موضوع الأسعار العالمية جزء لا يتجزأ مما يسمى بسياسة
"الإصلاح الاقتصادي" الذي تتبعه مصر منذ عام 1974، والذي يقوم على تحرير
التجارة، مما يجعل الأسعار عالمية، وتحرير الاستثمار الخاص والأجنبي، وتحرير تداول
العملة، وتحقق كل هذا تدريجيا وبلغ قمته من التعويم الكامل وعالمية الأسعار
الأساسية تطبيقا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي عام 2016. كما يشتمل الإصلاح الاقتصادي
على الخصخصة وبيع الأصول التى بناها الشعب المصري بعرقه، منذ الاتفاق مع البنك
والصندوق الدوليين عام 1991، وصولا للاتفاق الأخير بإطلاق الخصخصة حتى منتهاها.
الحصاد المر
هو رفع الأسعار فى الداخل "التضخم" الذي يؤدى لتدهور مستوى معيشة أغلبية
الشعب ذوى الدخول الثابتة بالذات الأجور والمعاشات، بينما يزيد الأغنياء ثراءً:
فبينما يتحكم أغنى 10% من السكان فى حوالي 60% من الثروة، قدر عدد المواطنين تحت
خط الفقر أيضا ب60% على الأقل.
عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات