آخر الأخبار

شهادة ابني مسلم.. رؤية للتاريخ والرواية





شهادة ابني مسلم.. رؤية للتاريخ والرواية
عز الدين البغدادي

مما يتعلق بفاجعة ألطف وألحق بها قصة مقتل محمد وإبراهيم ابني مسلم بن عقيل، وقصتهما مشهورة حيث ذكر بأنهما قتلا وهما صبيّان صغيران؛ حيث هربا من معسكر الحسين (ع) بعد الفاجعة، فقبض عليهما، وسجنا ثم أمر ابن زياد بقتلهما .. ولهما مرقد بالضواحي الغربية لمدينة المسيب الواقعة على ضفة الفرات في محافظة بابل بالعراق يزوره الناس بكثرة.
ورغم شهرة قصتها إلا أن من الغريب أنّ هذه القصة لم يرد لها أي ذكر في كتب التاريخ رغم الاهتمام الشديد بقضية ألطف وما تعلّق بها. ولم يأت فيها إلا رواية ذكرها الشيخ الصدوق في بعض كتبه. فقد روى الخبر، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن إبراهيم بن رجاء الجحدري عن علي بن جابر قال: حدثني عثمان بن داود الهاشمي عن محمد بن مسلم عن حمران بن أعين عن أبي محمد شيخ لأهل الكوفة قال: لما قتل الحسين بن علي (عليه السلام) أسر من معسكره غلامان صغيران.......الخ.
الآن: الخبر رغم أهميته لتعلقه بالقضية الحسينية لم يرد له ذكر في أي كتاب لموافق أو لمخالف إلى أن ذكره شيخنا الصدوق في كتابه "الأمالي" وهو المولود سنة 306 أي بعد 250 سنة تقريبا من الواقعة رغم شدة اهتمام المؤرخين بمثل هذه الأمور كما قلنا.
وأما السند الذي روى به الخبر فعجيب، ففيه علي بن جابر وعثمان بن داود وهما مجهولان لم يرد لهما أي ذكر في كتب الرجال أو الحديث أو التاريخ، وفيه رجل يقال له أبو محمد لا يعرف عنه أي شيء.
أضف إلى ذلك، فإنّ الرواية تقول في آخرها: ورمى ببدنيهما في الماء وهما يقطران دماً. أي انهما على فرض وجودهما كشخصين؛ ليس لهما قبر بحسب الخبر!!!!!
الآن أطرح سؤالا واريد رأيكم: هذا القصة هل تملك مقتضيات تصديقها أم انها تمسّ مقدسا لا يجوز التفكير فيه؟!!
والغريب ما وقع فيه السيد المقرّم (رحمه الله) في كتابه حيث قال: إنّ سيرة الشيعة والشهرة بينهم، تُحقّق كونَ المشهد المعروف لولَدَي مسلم على الإجمال، ولم يحصل الشكّ في أدوارهم اتّباعاً للخلف على طريقة السلف، حتّى كثرت زُرافات الزائرين لهما تقرّباً إلى الله تعالى. والعمارة المتجدّدة حول القبرين على نحوٍ غير واحد من المشاهد المحقَّق ثبوتها، وكلّ هذا بمشهد العلماء، فلا يُعتنى حينئذٍ بمَن تأخذه الوسوسة إلى مَناحٍ ممقوتة، كما هو شأنه في جملةٍ من المظاهر والمشاعر.
كأنما لا يعلم رحمه الله أن عوام الشيعة يزورن ما لا يحصى من القبور التي لم تثبت نسبتها قطعا، بل ثبت أحيانا عكس ذلك.

إرسال تعليق

0 تعليقات