إيران.... وخسارة شيعة العراق
عز الدين البغدادي
لا يمكن لمنصف ان ينكر الدور
الكبير الذي لعبته إيران بعد الثورة الإسلامية في إعادة ترتيب ميزان القوى في
الشرق الأوسط وخصوصا لصالح القضية الفلسطينية لا سيما مع الموقف المخزي لكثير من
الدول (العربية) من هذه القضية، كما لا يمكن لمن يملك ذرة إنصاف أن ينكر دورهم في
دعم المقاومة ضد المشروع الصهيو- أمريكي لا سيما بعد ان كانت إيران القاعدة الأهم
للصهيونية العالمية في المنطقة، إلا أن هذا لا يمنع من نقد حالات كثيرة في السياسة
الإيرانية من مراحلها الأولى بعد الثورة إلى الآن، وما يهمنا هو الوضع العراقي
الحالي.
أريد ان أتكلم بما أمكن من
صراحة، وليعذرني كثير من اخوتي فأنا اعرف أن هناك طرفين لن يعجبهم كلامي: خط
المقاومة والخط المقابل له، لا سيما وان لعبة التوازن ليست سهلة خصوصا في مجتمع
تحكمه العاطفة كمجتمعنا.
شخصيا اعتبر نفسي من محور
المقاومة ورفض التطبيع، واعتقد ان الكيان الصهيوني يمثل خطرا على الأمة ككل وعلى
كل بلد من بلدان المنطقة بمفرده. واعتقد ان الوضع الطبيعي للعراق هو ان يكون في
الجهة المقابلة للعدوان الصهيوني، هذه قناعتي.
واعتقد أن هذا ينبغي أن لا
يكون مجرد شعار يرفع، اذ لا ينبغي أن نبقى نفكر بعقليات الشعارات، ينبغي بل يجب أن
يكون عملا وفق سياسة طويلة النفس تحدّد أصدقاءها وأعداءها وتعرف استحقاقات كل
مرحلة من مراحل وجود وبناء واستحقاقات الدولة والشعب.
ورغم موقفي هذا، فأنا اعتقد
بأنه وللأسف لم يعِ كثير من الإخوة في الجمهورية الإسلامية خصوصا وفي محور
المقاومة عموما أخطاءهم التي ارتكبوها ولا زالوا في العراق وهي التي أفقدتهم كثيرا
من محبيهم وأصدقاءهم، فأنا أتفهم بأنّ هناك حساسية قديمة عند سنة العراق من إيران
بعضها مبرّر وبعضها نفسيّ بحت او تاريخي يرجع الى الخلافات المذهبية او الى تاريخ
طويل من النزاعات الحدوية مع دولة كبيرة قوية تملك الكثير من الطموح.
أما ان تخسر إيران شيعة العراق
أيضا فهذا خطأ كبير بالنسبة لهم وللمحور كله. شيعة العراق الذين تربطهم بإيران
علاقات قديمة يرجع كثير منها الى العامل المذهبي، فضلا عن تاثير الحوزة العلمية
التي تتجاوز الانتماء السياسي للبلدين في معظم جوانبها صاروا الأكثر انتقادا لإيران
والأكثر بعدا عنها.
وشيعة العراق الذين أيدوا
الثورة الإسلامية وقدروا قيمتها، وهي الثورة التي شكلت ضربة كبيرة للصهيونية
العالمية صار معظمهم اليوم يعيدون حساباتهم، صاروا ينظرون بسلبية شديدة الى
السياسة الإيرانية، ويفقدون الثقة بها بشكل كبير، ولا يمكن باي حال التعويض عن
التأييد الشعبي بالبنادق مهما كثر عددها، لا سيما وأن ما كنت احذر منه دائما وهو
تحقيق النصر العسكري ثم خسارته سياسيا هو أمر صار واضحا للأسف في تجربة الحشد
الشعبي لا سيما ما بعد الانتصار على داعش، والمعنى واضح والعاقل يفهم.
للاسف يتعامل الاخوة في ايران
وكثير من جهات محور المقاومة مع العراق على أنه خزين أموال وخزين رجال وحسب، ولن
اعتب على بعض العراقيين الذين يتعاملون بنفس الرؤية لأسباب واضحة. كما ان كل
الجهات الفاسدة، بل وأكثرها فسادا في العملية السياسية تدعمها الجمهورية الإسلامية
للأسف، كما إن اقرب حلفاءهم السنة هم أكثرهم فسادا.
لم يدرك الايرانييون او لا
يريدون ان يدركوا أن العراق القوي، العراق الناهض، العراق الذي يحفظ حدوده ويدير
ثرواته هو الذي العراق الذي يدعم مشروع المقاومة وهو الذي يخيف الصهاينة، وهو الذي
يكون حليفا لهم ضد المشروع الصهيوني، بخلاف وضع العراق الآن الذي هو أفضل وضع يصب
في خدمة المشروع الصهيوني وأكثر ما يدخل السرور على قلوبهم في المنطقة ككل، وهم
يرون بلدا محطما ينهشه الفساد وتثقله الديون ويصدر نفطه الى كيانهم.
أقول للإخوة في إيران وللإخوة
في حزب الله طريقة المشاطرة مع العراقيين ليست صحيحة، ونتائجها ليس لصالحكم، ولا
أريد أن أزيد فالكلام كثير كثير كثير، وليس كل ما يعرف يقال، ولا كل ما نريد ان
نقوله نقدر عليه، لكن سيأتي يوم ينهض العراق ويتجاوز فيه هذه المرحلة وعندها
ستنكشف الأوراق، وكل مؤمن بالمقاومة ينظر إليكم باحترام سيجد نفسه في وضع حرج اذا
ما حاول الدفاع عن أخطاءكم او تبرير ما حصل واقعا... لذا فان على الإخوة في إيران
وحلفاءهم ان يعوا جيدا بأنهم في الوقت الذي كسبوا ويكسبون بعضا او كثيرا من السنة
لأسباب سياسية فإنهم يخسرون شيعة العراق، وبشكل غير مسبوق وبشكل لا يمكن استدراكه.
وليس كل عثرة تستقال ولا كل
خطأ يقال..
0 تعليقات