آخر الأخبار

السيد قطب (1)







السيد قطب

محمود جابر

مرة بعد مرة يطالعنا قلم ينافح ويكافح عن سيد قطب، وبدون أن أفتش عن سبب أو دافع أعتقد أن هؤلاء المدافعين حتما لم يطالعوا ك ما كتب سيد قطب أو هم يتبعون نوعا من القراءة الانتقائية التى تصوغ لهم بعض ما يكتبون، وهذه المرة نحن نرد على ما كتبه الكاتب الفلسطينى صالح عوض عوض فى مقاله سيد قطب بين خصوم قساة و أتباع جهلة

فقطب يا سيد عوض هو الذى قال : - الأمة تعيش جاهلية أشد وأقسى من الجاهلية الأولى .

وهو القائل أيضا : الأمة المسلمة لم تعد موجودة...
وسوف اتبع فى كل ما اذكر شاهدا من كتاب سيد قطب نفسه وليس غيره أو خصومه أو حتى ناقديه حتى يتبين للقارىء الكريم من هو سيد قطب ؟!!



منذ البداية ربما يسأل القارىء لماذا "سيد قطب" ؟

والجواب أولا هو ان "قطب" هو الآب الروحى للمجموعة التى تحكم التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وعلى رأسهم محمد بديع " المرشد العام" وخيرت الشاطر " نائب المرشد" و" محمود عزت " القائم باعمال المرشد والهارب الى غزة او اليمن، وكذلك محمد مرسى " الرئيس المخلوع" بأمر الشعب المصرى .

وقطب هو الأسطورة والأكذوبة الكبرى  فهو "سيدنا قطب" منشىء دين التوحيد الجديد (!!)

 وهو- قطب-  الاكثر تكفيرية من بين اقرانه "المنظرين الإخوان" .  يجيد النفخ في الكلمات و مطها و عجنها و دكها و تقديمها في قالب مثير يحتفي به عالم جاهل و متخلف و متمرد على أوضاعه في نفس الوقت فلا عجب أن تنتشر وسط هذا المجتمع أفكار فاسدة و أكثر تخلفا.

فالسيد قطب – المنظر-  الإخواني الأبرز بعد مؤسس الجماعة وهي شهرة ترجع من وجهة نظرنا لانه قدم الفكرة "الخوارجوهابية" دون مواربة أو تخفى أى انه عرضها على استقامتها وهى المعوجة في ذاتها وهنا يقول علي عشماوي أحد قياديي الجماعة السابقين الذين انشقوا عنها بعد ذلك " إن فكر الإخوان هو فكر تكفيرى يكفر الناس جميعاً ما لم ينضموا إليهم، وإنه لهول عظيم، فالناس غير المنضمين للإخوان من جهة نظرهم مرتدون، لا توبة لهم ودمهم حلال وكان عداؤهم للأستاذ سيد قطب لأنه جهر بهذا الفكر، وطوره وقننه، وهم كانوا يعملون على إخفاء تلك الحقيقة طوال عمر الجماعة فخرج سيد قطب على إجماعهم في الإخفاء وأعلن أن فقه الجماعة واعتقادها قائم على فكر الخوارج، وفصل هذا الفكر وصدرت فيه كتب كثيرة حتى أعتنقه الكثير من الجماعات الإسلامية"[1].


ويمكننا أن نوجذ اتهامات قطب للأمة وللمسلمين جميعا نوجز مرة أخرى لائحة الاتهامات الموجهة ضد الأمة الإسلامية من قبل أولئك المصلحون:

-الأمة المسلمة لم تعد موجودة:

 يقول سيد قطب " إن وجود الأمة الإسلامية يعتبر قد انقطع  منذ قرون كثيرة فالأمة المسلمة ليست أرضا كان يعيش فيها الإسلام وليست قوما كان أجدادهم في عصر من العصور يعيشون بالنظام الإسلامي إنما الأمة المسلمة جماعة من البشر تنبثق حياتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وأنظمتهم وقيمهم وموازينهم كلها من المنهج الإسلامي وهذه الأمة بهذه المواصفات قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض جميعا ولا بد من إعادة وجود هذه الأمة لكي يؤدي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرى" معالم في الطريق ص8.

- الأمة تعيش جاهلية أشد وأقسى من الجاهلية الأولى :
ونمضي مع سيد قطب وهو يواصل إطلاق قذائف الأحكام على الظالم والمظلوم من أمة لا إله إلا الله وصولا إلى الثقافة الإسلامية المتداولة وهو موقف يتسم بالرفض الصبياني النزق حيث يقول "نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم كل ما حولنا جاهلية تصورات الناس وعقائدهم عاداتهم وتقاليدهم موارد ثقافتهم فنونهم آدابهم شرائعهم وقوانينهم حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية ومراجع إسلامية وفلسفة إسلامية وتفكير إسلامي هو كذلك من صنع الجاهلية" ص21.

-         الردة :

الأمة مرتدة والإمساك عن إصدار حكم الكفر عليها يرجع لأسباب أخرى "إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا أنه كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي وفي الشرائع القانونية وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلا" ص98.

 وحتى يحدد التوصيف تحديدا لا يقبل المناقشة قال : " وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضا ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها فهي وغن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله تعطي أخض خصائص الألوهية لغير الله فتدين بحاكمية غير الله فتتلقى من هذه الحاكمية نظمها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها وكل مقومات حياتها تقريبا والله سبحانه يقول عن الحاكمين بغير ما أنزل الله "ومن لم يحكم بغير ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" نفس المصدر ص 101.

ولما كان تشخيص أي مرض يعتمد على تحديد تاريخ ظهوره كان من اللازم لنا أن نعرف متى (ارتدت الأمة) و(عادت إلى الجاهلية) حسب زعمه وسنرى أن التناقض في تحديد الميعاد يكشف عن وجود خلل عقلي وفكري خطير في رؤية هؤلاء (المصلحين) لما ينبغي عمله وأنهم يعتمدون رؤية سطحية وساذجة لا تنفذ إلى حقائق الأشياء مهما زعموا غير ذلك.

فماذا قال مأمون الهضيبي "المرشد السابق وابن المرشد الأسبق"حين سئل عن طبيعة الشعار الانتخابي المرفوع من قبل الجماعة (الإسلام هو الحل) فقال:

أولا: لا بد أن نفهم بماذا ينادي الأخوان؟
 قبل أن يأتي الاحتلال إلى بلادنا لم تكن مصر تعرف لها دستورا سوى القرآن (!!) وليس لديها قانون سوى الشريعة الإسلامية وليس لديها محاكم سوى المحاكم الشرعية المأخوذة من القرآن والسنة والإسلام هو مرجعية الدولة (!!) وليس معنى ذلك عدم وجود قوانين تنظم بعض التفاصيل ولكن لا تمس أو تغير من ثوابت الشريعة وهي تدخل في إطار المصالح المرسلة.

عندما جاء المحتل الإنجليزي كان يدرك أن مرجعيتنا هي الإسلام فما أن احتلنا في سبتمبر 1882 حتى جاء في يوليو 1883 وقد ترجم القانون الفرنسي وطبقه في مصر وأنشأ المحاكم الأهلية ثم انشأ البنوك الربوية وأسس النظام الاقتصادي على أسس ربوية وألغى الشريعة دستورا وقانونا وبالإضافة إلى ذلك بدأ في تأسيس المدارس الابتدائية على نظامه حتى تخرج موظفين لا يعرفون شيئا عن الإسلام" الإخوان المسلمون 60 قضية ساخنة.
وهنا نكتشف الخلل، فبينما يقول لنا مؤسس الجماعة أن الكارثة كانت في سقوط الخلافة العثمانية أي في أوائل القرن العشرين يقول لنا مأمون الهضيبي لا فالكارثة حدثت قبل ذلك وفي نهاية القرن التاسع عشر.

أما الأهم من هذا كله: هل نحن نعيش في مجتمعات كافرة تم استخدام الرأفة معها لتوصف بأنها مرتدة وفاسقة أم أنها مجتمعات جاهلية وإن صلت وإن صامت أو تسمت بأسماء إسلامية بما فيها ثقافتنا التي كنا نظنها إسلامية ثم تبين له أنها ثقافة جاهلية كما يقرر " قطب" الذي فاته وفات أتباعه أن يسألوا من أين جاء هو بثقافته التي يدعى أنها إسلامية بينما يشهد له الواقع والتاريخ أنها ثقافة تكفيرية بامتياز.

هل هبط عليه وحي الثقافة الإسلامية الصحيحة أم جاءه مبعوث العناية الإلهية واجتاز أعناق كل البشر بمن فيهم أبيه وأمه ليفسر له كل ما غاب عن هؤلاء الجاهلين الجاهليين؟!!

وللحديث بقية



[1] التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين. مذكرات علي عشماوي آخر قادة التنظيم الخاص.  ص 56 طبعة مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية.

إرسال تعليق

0 تعليقات