يوم من تاريخ العراق
نهاية الحرس القومي
عز الدين البغدادي
بعد نجاح انقلاب 8 شباط 1963 وإعدام رئيس الوزراء الزعيم الشهيد عبد الكريم
قاسم تولى عبد السلام عارف رئاسة الجمهورية وكانت سلطته صورية، بينما كانت السلطة
التنفيذية الفعلية لرئيس الوزراء احمد حسن البكر بحكم منصبه كما كان الأمر من قبل
لعبد الكريم قاسم ومن قبل ذلك بيد رؤساء وزارات الحكم الملكي.
أعلن في نفس يوم الانقلاب عن تشكيل منظمة شبه عسكرية باسم " قوات
الحرس القومي " استناداً الى قانون صدر بتأسيسه، حدد واجباته ونطاق عمله، وقد
تولى قيادته منذر الونداوي.
كان هناك تياران متنازعان في حزب البعث هما التيار الراديكالي الذي يقوده
علي صالح السعدي (كردي الأصل) ومساعده النقيب الطيار منذر الونداوي، فيما كان
التيار الآخر وهو العقلاني او البرغماتي ويقوده حازم جواد (من الناصرية) وهو الذي
كان يوصف بأنه مهندس انقلاب شباط ومعه عبد الكريم الشيخلي. وكان البكر يحاول أن
يكون وسطا بين التيارين، لا سيما بعد تصاعد الخلافات بينهما. وكانت قيادة الحرس
القومي محسوبة على التيار الراديكالي.
تورط الحرس القومي بانتهاكات واسعة بحق المعارضين ومارس الاعتقال والتعذيب
والاغتيال، وصار قوة مقابلة للجيش ، وأخذ يضايق الضباط ، ويقوم بتفتيش السيارات
العسكرية.
بدأت القضية في 13 تشرين عندما نزل الحرس القومي إلى الشارع في محاولة من
تيار علي صالح السعدي لأحداث انقلاب على تيار حازم جواد وبقية اعضاء تنظيم الضباط
الوطنيين والاخرين الذين اسهموا بالحركة، حيث قام الونداوي بقيادة طائرة مقاتلة
وقصف القصر الجمهوري بالصواريخ كما قصف القاعدة الجوية في معسكر الرشيد وتدمير
اربع طائرات حربية كانت جاثمة على الأرض، ثم الهبوط في قاعدة الحبانية الجوية
والهرب منها الى سوريا..
ورغم أنه معروف بميله للحلول السلمية إلا أن حازم جواد تحرك بسرعة مع اعضاء
تنظيمه فطوق مقر السعدي أثناء اجتماعه مع قيادة تنظيمه وقام باعتقالهم جميعا
وتسفيرهم إلى إسبانيا، الامر الذي أدى إلى حدوث فراغ دستوري بسبب غياب أغلب
الوزراء. صارت الأنظار تتجه الى عارف الذي بدأ بالاتصال ببعض العسكريين من
البعثيين والقوميين الذين وقفوا ضد حالة الفوضى التي وصلت اليها البلاد، نتج عن
هذه الاتصالات وضع خطة لانقلاب عسكري يطيح بسلطة حزب البعث، ويمكن عبد السلام عارف
ان يكون الأول في الدولة والقوات المسلحة، وافق الرئيس عبد السلام عارف على ضرورة
تدخل الجيش، وتم وضع خطة لحسم الموقف اعتمدت خطوطها الرئيسة على استخدام القوات
الموجودة في بغداد أساساً للسيطرة على الموقف، وتجهيز قوات عسكرية في مطاري كركوك
والموصل لنقلها جواً إذا اقتضى الأمر.
في ليلة 17-18 تشرين الثاني صدرت الأوامر من رئيس الجمهورية المشير الركن
عبد السلام محمد عارف باعتقال الكثير من الضباط البعثيين في القوة الجوية وكتائب
الدبابات، وعلى وفق الخطة الموضوعة تحرك عارف فجر يوم 18 تشرين الثاني 1963 الى
الإذاعة ليذيع في الساعة السادسة صباحاً وبصوته بيان رقم واحد الأول الذي تضمن
سيطرة القوات المسلحة على العاصمة بغداد، وحل وإلغاء الحرس القومي فوراً ، وتخويل
آمري الوحدات العسكرية محاكمة كل متمرد وخائن وإعدامه فوراً.
أيد البكر الانقلاب كغيره من الضباط البعثيين مثل طاهر يحي التكريتي ورشيد
مصلح التكريتي وحردان التكريتي وسعيد صليبي، وتم تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية
بصلاحيات محدودة، واستمر لثلاثة أشهر حيث صدر بالغاء منصب نائب رئيس الجمهورية
وتعيين البكر سفيرا في وزارة الخارجية، إلا أنه قدم استقالته من هذا المنصب بعد أكثر
من أسبوع.
إلا أنه عاد ليشارك في محاولة انقلابية في خريف 1964 واعتقل في حينها لفترة
وجيزة، ثم أفرج عنه بوساطة بعض الضباط التكارتة، وعندها أعلن البكر اعتزاله العمل
السياسي وذلك في رسالة تحمل اسمه وتوقيعه نشرتها الصحف المحلية. الى أن رجع ليقود
انقلابا ناجحا بعد خمس سنوات على انقلاب تشرين.
( الصورة تجمع البكر وعلى اليمين حازم جواد وعن اليسار عبد السلام عارف
الذي يقف خلفه عن اليسار علي صالح السعدي )
0 تعليقات