الإرهاب ليس إسلاميا
د. محمد إبراهيم بسيونى
عميد طب المنيا السابق
لابد أن نتفق أن الإرهاب لم يكن إسلامياً فقط، وأن التاريخ قد شهد العديد
من الفصائل الإرهابية التي تنتمي إلى أديان ومذاهب سياسية.
فالحروب الصليبية كانت نوعاً من الإرهاب المتستر بالدين، وأن الكنيسة
الكاثوليكية في أوروبا كانت تمارس الإرهاب الفكري باسم الدين، وأن عصابات
الهاجاناه وشتيرن الصهيونية قد مارست في النصف الأول من القرن الماضي الإرهاب في
فلسطين باسم الدين.
بل أن الحركة الصهيونية هي في حد
ذاتها نوعاً من الإرهاب بإسم الدين، وأن هناك الكثير من الإرهاب قد مورس في أوروبا
خلال القرن العشرين، تحت راية عدد من المذاهب السياسية، ونتفق علي ذلك كله. لكن كل
هذا كان من الماضي، وأصبح تاريخاً الآن، الا الصهيونية في فلسطين. لكن يبقي هناك
سؤال، لم تمارس أية فصائل إرهاباً باسم الدين، على الذين ينتسبون لنفس دينها، ولم
تمارس إرهاباً على أبناء جلدتها، ولا على أهلها وأبناء وطنها.
فالحروب الصليبية مارسها ملوك أوروبا ضد المسلمين والعرب، من أجل الإستيلاء
على أورشليم بزعم استعادتها من أيدي العرب.
والحروب الصهيونية كانت وما زالت تُمارس ضد العرب، من أجل الإستيلاء على
فلسطين وبقية الأراضي العربية، من أجل تحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى
الفرات. فقط الفصائل الإرهابية التي تنتسب إلى المسلمين وحدهم، هي التي تمارس
الإرهاب على أبناء دينها، وعلى أهلها وأبناء وطنها. وفقط الفصائل الإرهابية التي
تنتسب إلى المسلمين وحدهم، هي التي تمارس إرهابها في الحاضر، وفي القرن الحادي
والعشرين على الجميع. فقط الفصائل الإرهابية التي تنتسب إلى المسلمين، هي من تقتل
المصلين الآمنين في بيوت الله التي يُذكر فيها اسمه، وهم يؤدون صلاتهم في المساجد
وفي الكنائس. فقط الفصائل الإرهابية التي تنتسب إلى المسلمين، هي التي تمارس
الإرهاب من أجل مقاعد الحكم والسلطة، وتمارسه منذ أربعة عشر قرناً. وما زالت
تمارسه لأجل هذا الغرض حتى الآن.
سيدنا عمر بن الخطاب الخليفة الثاني قتلوه في المسجد النبوي وهو يصلي. وسيدنا
عثمان ابن عفان الخليفة الثالث ذبحوه وهو يقرأ القرآن، وسالت دمائه الكريمة على
أوراق المصحف الذي يقرأ منه، وسيدنا عليَّ ابن أبي طالب الخليفة الرابع نحروه وهو
ذاهب لصلاة الفجر، وينادي الصلاة الصلاة يا مسلمين. فأي إرهاب أخر يماثل إرهابنا
نحن. العلاج والخروج مما نحن فيه هو الاعتراف بالحقيقة، لابد أن هناك ثمة خطأ ما،
لابد أن نعترف به، ونضع أيدينا عليه، حتى نستطيع أن نوقف شلال الدم الذي يسيل كل
يوم باسم الإسلام.
شلال الدم الذي يسيل من مسلمين
وبأيدي مسلمين. فالمشكلة فينا وفيكم أنتم القائمون على أمور هذا الدين، مشكلة لن
يحلها سواكم.
0 تعليقات