قراءة في كتاب: تقدير الرزق عند الأئمة
عز الدين محمد
من الأفكار التي
أشاعها الغلاة عن أئمة أهل البيت (ع) نسبة الرزق او تقدير الرزق إلى الأئمة، وقد
روي أنّ المفضل بن عمر الجعفي وهو من الغلاة كان يقول بأنّ الأئمة يقدرّون أرزاق
العباد.
ويكفي في الردّ على
هذا الدعوى قوله تعالى: ( ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) وقوله: ( وَمَا مِن
دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا ).
بل لقد كان النبي (ص)
وهو سيد الخلق لا يجد في أحيان كثيرة طعاما يأكله، وفي الخبر عن أبي مسعود
الانصاري، قال: جاء رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب فقال لغلامٍ له قصّاب: اجعل لي
طعاماً يكفي خمسةً؛ فإني أريد أن أدعو النبي (ص)، فإني قد عرفت في وجهه الجوع. فدعاهم،
فجاء معهم رجل، فقال النبي (ص): إنّ هذا قد تبعنا؛ فإن شئت أن تأذن له فأذن له،
وإن شئت أن يرجع رجع، فقال: لا، بل قد أذنتُ له.
لقد بلغ الجوع
بالنبيّ (ص) أن يظهر ذلك على وجهه، فإذا كان هذا حال النبيّ (ص) فماذا عسى يقول
القوم ممن يدّعي أنّ الرزق بيد الأئمة؟
ومما روي عن الإمام
الصادق (ع) أنّ حجر بن زائدة وعامر بن جذاعة الازدي دخلا عليه، فقالا له: جُعلنا
فداك، إنّ المفضل بن عمر يقول: إنّكم تقدرون أرزاق العباد. فقال: والله ما يقدّر
أرزاقنا إلا الله، ولقد احتجت إلى طعام لعيالي فضاق صدري وأبلغت إلى الفكرة في ذلك
حتى أحرزت قوتهم، فعندها طابت نفسي، لعنه الله وبرئ منه، قالا: أفنلعنه ونتبرّأ
منه؟ قال: نعم، فلعنّاه وبرئنا منه، برئ الله ورسوله منه.
كما أشار الإمام
الرضا (ع) الى ذلك فقال في دعاءٍ له: اللهم
من زعم أنّا أرباب فنحن منه براء، ومن زعم أنّ إلينا الخلق وعلينا الرزق، فنحن
براء منه.
هناك من لا يقول بان
الأئمة بيدهم الرزق، أي لا يصرحون بذلك.
لكنهم عند الدعاء
يطلبون الرزق منهم، وهذا وإن كان كثيرا منه راجعا على الجهل إلا أنّ هذا لا يبرّره
ولا يجعله تصرّفا صحيحا.
وأدهى من ذلك أن تجد
بعض من يلبس لبوس العلم يدافع عن ذلك ويقول لك بأنّ هذا الدعاء ليس على نحو
الاستقلال بل هو توسّل بهم إلى الله فالسؤال حقيقة لله لكن بواسطتهم. وقد قال عز
وجل في الردّ على ذلك: ( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا
يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ
وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ).
0 تعليقات