آخر الأخبار

أمريكا والحلفاء الوهميين





أمريكا والحلفاء الوهميين









بقلم _ سجاد الحسيني

من يقرأ تاريخ تركيا ومحاولاتها المتكررة من اجل الإنضمام لحلف شمال الأطلسي الناتو ، يدرك تماما ان هناك حلفاء وهمين تضطر الولايات المتحدة للتعامل معهم، وسرعان ما تضطرب تلك العلاقات عند تعارض المصالح ويتجلى انقلاب أمريكا على اعقابها،

في ظل الحرب الامريكية الكورية عام ١٩٥٠ رجحت كفة الاتراك للانضمام للحلف بعد ان ارسلت "حكومة مارتنس" ٤٥٠٠ جندي للقتال إلى جانب أمريكا ،

 وتراجعت حضوض تركيا مجددا عندما اشترطت الانضمام رسميا للحلف مقابل تاجير قواعدها العسكرية للامريكان ،

 اضطرت امريكا لقبول الاتراك في الحلف واصدرت هيئة الأركان قرار عام ١٩٥٢ وتم قبول تركيا عضوا في الناتو، لتقويض المد الشيوعي السوفيتي في الجنوب ،

لكن وجود دولة مسلمة في صفوف الناتو يعد مصدر قلق للحلف والكيان الصهيوني على وجه التحديد ، سرعان ماتخلت امريكا وسائر دول الحلف عن "المادة الخامسة" من بنود الحلف،

بعد ان دخل الاتراك في نزاع إقليمي مع اليونان حول "جزيرة قبرص" عام ١١٩٧٠، وكذلك الأحداث التي شهدتها مع الكيان الصهيوني، بعد ان شن الجيش الإسرائيلي هجوم على الباخرة التركية "مرمرة" وقتل المدنيين الاتراك بغية محاولتهم لكسر الحصار المفروض على غزة ، فضلا عن دعم دول الناتو للأكراد في سوريا وانتقادهم اللاذع للحكومة التركية ،

أدركت تركيا ان حلفائها المفترضين مجرد وهم ينتهي مع تعارض مصالح الدول المهيمنة على الحلف الامر الذي جعل تركيا تخرج من السرب مجدداً محاولة إيجاد توازن جديد للقوى في المنطقة الملتهبة،

قد لايختلف الحال كثيرا في الخليج العربي، بعد سنوات من محاولة دول الخليج لتطبيع العلاقات ليس مع أمريكا فحسب وإنما وصلت محاولات التطبيع لتشمل الكيان الصهيوني بحجة تقويض النفوذ الإيراني من تهديد مصالح امريكا ودول الخليج،،

ففي الوقت الذي خفضت فيه الولايات المتحدة من وجودها في العراق وأفغانستان في السنوات الأخيرة، زادت من جوانب أخرى من وجودها في منطقة الخليج العربي كجزء من الجهود الرامية إلى طمأنة حلفائها وردع إيران.

على سبيل المثال، تعمل الولايات المتحدة على تأسيس دفاعاتها الصاروخية في المنطقة منذ عام 2006، من خلال نشر أكثر من كتيبتين من صواريخ باتريوت PAC-2وPAC-3 في أربع دول، إلى جانب سفينتين إلى ثلاث سفن “إيجيس” في الخليج العربي، ورادارات نطاق الترددات السينيةAN/TPY-2  في إسرائيل وتركيا وقطر. كما وأبقت البحرية الأمريكية على حاملة طائرات واحدة على الأقل في المنطقة، بينما أصبح نشر طائرات الشبح  F-22 المقاتلة هناك أمراً روتينياً.

رغم التواجد الأمريكي الكبير في المنطقة لم تعمل امريكا بشكل حاسم وجدي على منع إيران من التدخلات الاقليمية في المنطقة منذ عام ١٩٩١ وخلال هذه الفترة، تسببت طهران في موت تسعة عشر عسكرياً أمريكياً في تفجير “أبراج الخبر” في المملكة العربية السعودية عام ١٩٩٦  التي راح ضحيتها المئات من أفراد الجيش الأمريكي في العراق، وخططت لاغتيال السفير السعودي في واشنطن في عام ٢٠١١،

تعاني الولايات المتحدة حالياً من نقص في مصداقيتها يهدد مصالحها ويعرّض حلفاءها للخطر ، وذلك بعد تخليها عن حلفائها الوهميين خصوصا في الشرق الأدنى والاوسط من آسيا،
الولايات المتحدة تنظر  بدونية لدول العالم الثالث، وتتعامل وفق مبدأ عدم الثقة مع بعض الدول العربية والإسلامية والعلاقات الامريكية العراقية المتذبذبة خير دليل ،

وهنا يتضح لنا عدم أقدام الأمريكان على بناء ومساعدة الدول المحتلة من قبلها او التي تحاول تكوين علاقات استراتيجية معها،
وبدل هذا اللهث وراء الامريكان توجد فرصة كبيرة لدول مجلس التعاون الخليجي خصوصا، ان تعمل على إقامة علاقات متينة مع "البعبع الإيراني" الذي يتوجسون منه خيفة بشكل مستمر ،

إيران، الذي فرضت نفسها باعتبارها قوة كبيرة ورقم صعب في معادلة القوى ، الفرصة كانت وربما لازالت متوفرة لكسبها  كصديق بدل ان تجعل منها عدو، كما عملت قطر ،  وبإمكانهم ايضا المحافظة على علاقاتهم الرصينة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لتحفظ كرامتها ومصالحها سوية،

وهذه الخطوة كفيلة لتدعيم السلام وتخيف حدة التوتر في المنطقة الذي تعاني من إرهاصات وأزمات متكررة.


١٢ كانون الثاني ٢٠٢٠

إرسال تعليق

0 تعليقات