آخر الأخبار

الغاز : من فرصة إلى عبء





الغاز : من فرصة إلى عبء










إبراهيم نوار

الغاز الطبيعي ثروة هائلة عظيمة القيمة، يدخل في حياتنا من نوافذ كثيرة، فهو أهم أنواع الوقود المستخدمة في توليد الكهرباء، ويستخدم أيضا لتشغيل محركات السيارات المعدلة للعمل بالغاز، وهو وقود التدفئة والإستخدمات المنزلية المتنوعة، مثل طهي الطعام وتسخين المياه، كما إنه يدخل في الكثير من الصناعات مثل الأسمدة، والحديد والأسمنت والزجاج والسيراميك والطوب، وكذلك في تشغيل بعض وسائل النقل العام.

وتعتبر وفرة الغاز الطبيعي في مصر ميزة كبيرة للصناعة، وللمستهلكين، كما يعتبر محركا قويا من محركات تنافسية الصادرات. وفرة الغاز الطبيعي هي فرصة وميزة كبيرة لتحقيق النمو ولرفع مستوى المعيشة، ولزيادة الصادرات. وتنتج مصر أكبر من احتياجاتها، وهو ما يعني وفرة فائض من الإنتاج يتيح القدرة على التصدير للخارج. وتظهر الإحصاءات الرسمية ان مصر تصدر الغاز المسال، وتتوسع في مد شبكات الغاز الطبيعي في المحافظات المختلفة.

لكن انخفاض الأسعار على المستوى العالمي ، مع جمود الأسعار المحلية لإمدادات الغاز الطبيعي المستخرج محليا، وبقائها على ارتفاعها، منذ تقررت بقرارات إدارية، أدي إلى تحول الغاز الطبيعي من فرصة إلى عبء شديد التكلفة على الاستخدامات المحلية للغاز في المنازل والمصانع وغيرهما. وقد انخفضت أسعار الغاز في العالم إلي ما دون ال 2 دولار للمليون وحدة حرارية للغاز الطبيعي ، كما انخفضت أسعار الغاز المسال إلى ما دون ال 3 دولارات للمليون وحدة حرارية. وحيث اننا في مصر نستخدم الغاز الطبيعي لتشغيل محطات الكهرباء، ومصانع مواد البناء والأسمدة، وفي الأغراض المنزلية والتجارية المختلفة، فإن متوسط أسعار الغاز الطبيعي يجب أن يكون في حدود دولارين فقط. هذا السعر يعني انخفاضا حادا في تكاليف تشغيل محطات الكهرباء والمصانع والاستخدامات المنزلية والتجارية.

ونظرا للضغوط الحالية التي تتعرض لها الصناعة المحلية والمستهلكون ، فإن تخفيض أسعار الكهرباء (لأنها تعتمد أساسا على الغاز) و إمدادات الغاز سيساعدنا جميعا على مواجهة تلك الضغوط، وخلق فرص جديدة للنمو، وزيادة القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية، خصوصا وأن الدول المنافسة، حتى تلك التي تستورد الغاز، تتمتع حاليا بمزايا انخفاض أسعار الغاز على المستوى العالمي. وقد تسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز في السوق المحلية في تراجع عمليات التشغيل، وفي خسارة الكثير من الفرص الاستثمارية والفرص التصديرية في صناعات رئيسية في مصر مثل الأسمدة والحديد والالومنيوم والزجاج والسيراميك وغيرها.

ومن غير المقبول ان يدفع المستهلك المحلي فاتورة استهلاك الغاز في المصانع والمتاجر والمنازل بواقع أسعار تصل إلى 6 دولارات للمليون وحدة حرارية، في حين أن بلده تنتج الغاز بوفرة، وتصدره للخارج بالأسعار العالمية. من غير المقبول ان يدفع المستهلك المصري سعرا للغاز يعادل ثلاثة أضعاف السعر العالمي. ومن الضروري مراجعة هذا الوضع، لأن استمراره يعني إضعاف الصناعة، وضياع فرص التصدير، وهو ما يعني انخفاض فرص العمل وزيادة البطالة، وزيادة أعباء المعيشة على المستهلكين بشكل عام.

اذا كانت القاعدة فيما يتعلق بأسعار الطاقة هي استخدام الأسعار العالمية، فإن الأجهزة المعنية يجب عليها ان تضع النظام المرن لتحقيق معادلة أسعار الطاقة مع الأسعار العالمية، رغم حقيقة أن مفردات تكاليف إنتاج النفط والغاز محليا تقل كثيرا عن المثيل العالمي لها. وفي هذا السياق يجب أن نشير إلى حقيقتين، الأولي هي انخفاض الأسعار العالمية للنفط والغاز إلى ما يعادل ثلث مثيلها في مصر ، والثانية هي انخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بنسبة 20% تقريبا. كل من الحقيقتين يغذي من جانبه الحاجة إلى تخفيض أسعار الغاز والطاقة في مصر، اولا لزيادة قدرة الصناعة على الإنتاج والتصدير وزيادة فرص العمل، وثانيا لتخفيف الأعباء عن كاهل المستهلكين الذين ترهقهم فواتير الكهرباء والغاز، الذين يدفعون ثلاثة إضعاف السعر العالمي.

إرسال تعليق

0 تعليقات