داعش ثانية على أبواب بغداد
هادي جلو مرعي
كأنه جسد مريض حقنته
يد طبيب ماهر بحقنة مخدر قبل إجراء عملية جراحية، فصار مستسلما يفتح عينيه على
اللاوعي، ويعيش في عالم أخر منفصل عن عالم الواقع المحسوس، وكأنه يطير مع سرب
مهاجر لايعنيه زمان ولامكان إلا بقدر رغبة الوصول الى هدف ما.
هكذا يبدو ساسة
العراق الباحثين عن المكاسب المادية لهم ولأحزابهم وأتباعهم الذين يجرون خلفهم،
ونسوا إن هناك وطنا مهددا على الدوام من دول ومنظومات، ومن لصوص في الداخل والخارج
يتربصون، ومنظمات إجرامية غير منشغلة بماينشغل به الساسة ضعيفو النفوس، عديمو
الضمائر، وإن هدفها الأكبر هو تدمير كل شيء، واستهداف الحياة، والرغبة في تحويلها
الى حالة عبثية من خلال التفجير والقتل المبرمج، وتهجير الناس، وملء نفوسهم بالرعب
والخوف والهلع.
وبعد أن أعلن رئيس
الوزراء السابق الدكتور حيدر العبادي إنهاء داعش وهزيمته عام 2017 وإعلانه النصر الناجز على التنظيم المتوحش يعود
هذا التنظيم على إطلال عملية سياسية يريدها الساسة مكسبا ومغنما، وليس مشروعا
لبناء دولة عظيمة ذات حضور وسيادة، ويقول المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
فالساسة العراقيون
بعد مضي هذا الوقت على هزيمة داعش يتصرفون بطريقة بائسة ومخجلة لاترقى الى مستوى
الحدث، ومايترتب عليه من مسؤولية وواجب، ويصرون على البقاء في مربع البحث عن
المكاسب والمغانم التي تشغلهم عن الإحساس بالخطر الداهم والمباغت الذي يتهدد
الجميع، وينذر بكارثة محدقة.
هناك تظاهرات،
ومفاوضات تشكيل حكومة، وإستحقاقات شعبية، ونوع من الفوضى، وكثير من الفساد، يصحبه
خطر مقبل على أبواب بغداد، وهو مايتطلب البحث في أسباب الحماية، وليس الإستمرار
تحت تأثير بنج الأموال والمنافسة.
0 تعليقات