الكلام والصمت بين
الضرورة والإضرار
علي الأصولي
نقل المرجع المعاصر السيد صادق الشيرازي عن الرجالي المعروف الشيخ آقا بزرك
الطهراني قصة مفادها : ان الطهراني زامل الشيخ علي القمّي عشر سنوات ودرسا
معاً عند السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي (صاحب العروة الوثقى) والشيخ محمد
كاظم الخراساني (صاحب الكفاية) والشيخ محمد تقي الشيرازي ، يقول آغا بزرك وكنت
أعرفه فقيهاً متبحّراً ومحقّقاً ولكنّه كان يتعمّد أن لا يشترك في النقاشات التي
تطرح في المجالس العامّة لكي لا يُظهر درجته العلميّة - وهذا أمر صعب جداً حاولوا
أن تجرّبوه بأنفسكم - فكان إذا سئل عن شيء أجاب ،وإذا عرضت عليه مسألة ودار حولها
النقاش بقي ساكتاً يظنّه الرائي أنّه إنسان عادي لا يعرف شيئاً مما يدور.
وواصل الطهراني الكلام وقال أيضا ، الشيخ علي القمّي عالماً متبحّراً وأنا
على معرفة تامّة به، فهو زميلي، ولكنّه لم يكن يتكلم في مثل هذه المجالس حتى أنّ
علماء النجف كانوا يتصوّرون أنّه رجل عادي وزاهد ولكنّه ليس عالماً، لأنّه كان لا
يُظهر من علمه شيئاً إلا عند الضرورة، وهذا الأمر يتطلّب نورانيّة خاصة تمكّن
الإنسان أن يضبط نفسه هكذا.
نعم قد يكون القمي معذورا وعدم الكلام أما لأنه سلك مسلكا أخلاقيا أو أن
الوسادة لم تثنى له فلا يجد بدا إلا الصمت في حال غير الضرورة ، نعم ما نشهده في
هذه الأيام وتعقيداتها وملابساتها وما نشهده من رجالاتها وأهل حلها وعقدها أما
صامت في الجملة مع كبرى المسؤوليات أو ناطق ولا أثر لنطقه على الأرض سوى الجعجعة التي
لم ير أحدا طحينها ...
ولله الأمر من قبل
ومن بعد ..
0 تعليقات