آخر الأخبار

مناقشة مولوية







مناقشة مولوية





علي الأصول





تنقسم المولوية إلى قسمين أساسيين،

الأولى: المولوية الثابتة،

الثانية: المولوية المجعولة،

والأولى، هي الموجودة في نفس الأمر والواقع، ولا تحتاج في ثبوتها إلى جعل جاعل، فهي ثابتة أبدا ودائما، علمت بها أم غفلت عنها، وهذه المولوية أطلق عليها السيد الشهيد محمد باقر الصدر، مصطلح ( المولوية الذاتية ) وهي مخصوصة بالله تعالى، بحكم مالكيته لنا الثابتة بملاك خالقيته، - بحوث في علم الأصول ج٤ بتصريف ).

والثانية، المولوية المجعولة، وهي غير الثابتة في نفس الأمر والواقع، وعليه فهي تحتاج إلى جعل في ثبوتها، كمولوية الأب على أبناءه،

ما يهمنا هو : قولهم أن العقل يدرك وجوب التحرك والامتثال فيما لو كان هناك ثمة تكليف من قبل المولى ( الحقيقي والعرفي ) وقبل بيان هذه المسألة، ومتى يكون التحرك من عدمه، وما هي مساحته من ناحية السعة والضيق،

لابد من بيان مسألة مهمة في المقام وعلى ضوئها يمكن تصور التحرك وسعته من ضيقه،

ووقع الكلام في التكليف الذي يحكم العقل بامتثاله وطاعته، هو في خصوص التكليف المنكشف لدى المكلف، بدرجة القطع والانكشاف التام، أما مع كون الانكشاف ناقصا ( ظنا أو شكا أو وهما ) ناهيك عن القطع بالعدم - بعدم التكليف - فلا حكم بوجوب الامتثال، وهو ما تمسك به المشهور ،

وفي قبال قول المشهور، مسلك حق الطاعة الذي أسسه وتبناه السيد الشهيد الصدر الأول، وعموم طلابه وطلابهم،

حيث التزموا بوجوب الامتثال والإطاعة بالتكليف بمجرد الانكشاف وكيفما كان، وبأي درجة من درجات الانكشاف بلا تخصص بدرجة للقطع والانكشاف التام،

ولذا إن المشهور مع ذهابهم إلى ثبوت مولوية المولى وثبوتها، إلا أنهم حدوها أو بحسب تعبير صاحب كتاب ( القطع الأصولي ) العلامة السيد الحيدري - تتحد - أي هذه المولوية - بحدود المولوية الثابتة للموالي في الأعرف العقلانية،

فكما أن الموالي لا يأخذون عبيدهم على مخالفة التكاليف التي لم تنكشف لديهم بالقطع واليقين، ولو أخذوهم والحال هذه لكان ذلك قبيحا عقلا، كذلك الحال بالنسبة إلى مولوية الحق سبحانه،

إذن هناك مقايسة بين مولوية الله ومولوية المولى العرفي، حسب ما هو مدون في محله، بلحاظ الاتحاد بالمولوية،


أقول أن مولوية المولى سبحانه تختلف عن مولوية المولى العرفي وتختلف ملاكا فلا أقل ومولوية الحق تلحظ اما بملاك الخالقية والمالكية كما هو رأي السيد باقر أو تلحظ بملاك شكر المنعم كما هو رأي المتكلمين، أو رجوع الأولى للثانية كما صور ذلك السيد الحيدري في بحث ( القطع ) وعلى أي ملاك كان فالمولوية تختلف بلحاظ الجعل وعدم الجعل، فلا معنى وتصوير الإتحاد المولوي بين الحقيقي والعرفي من هذه الناحية، ومن صوره فهو متوهم سواء المشهور أو أصحاب مسلك حق الطاعة، وأن كنت استبعد تورط المشهور بهذه المقالة،

وعلى ما ذكره أصحاب مسلك الطاعة في سبيل النقض على المشهور، هو أن المقايسة غير سديدة ومجانبة للصواب ولا يمكن تصورها بحال من الأحوال،

وهذا الكلام تام جدا فلا يمكن جعل المولوية برتبة واحدة حتى تصح المقايسة،

ولكن أصحاب مسلك حق الطاعة، بعد أن فرقوا بين المولوية - ذاتية و جعلية - استشهدوا بأن المولوية الذاتية نأخذ بما يصدر منها من أحكام وعلى اي درجة كانت وفاء لحق المولوية حتى في المظنونات، بخلاف المولوية الجعلية التي يمكن القول بعدم الامتثال وفقها إلا ما كان معلوما،

وفيه: إن التفريق بين المولوية الذاتية والجعلية صحيح ولا كلام، ولكن نحن لا نتكلم بأصل المولوية حتى نأخذ بالمحتمل أو المقطوع وهل هي ذاتية حتى نتوسع بالأخذ أو جعلية حتى نضيق من التوسع، بل نتكلم في الجهة الإثباتية لا في الجهة الثبوتية، حتى يتم إشكالهم على المشهور،

ولعل المشهور تقريبا بل تحقيقا لم يتنبه لهذه النكتة بالمقام التي أشرت لها في أعلاه، وللكلام تتمة أن شاء الله تعالى.

إرسال تعليق

0 تعليقات