آخر الأخبار

عدم العلم لا يلزم منه العلم بالعدم







عدم العلم لا يلزم منه العلم بالعدم


علي الأصولي

ومن الأصول المعرفية التي أحاول أن اطرحها في ثنايا السطور بنحو مستقل أو ضمن أبحاث المقالات بمختلف اتجاهاتها وحصصها المعرفية، وبهذا تكون هذه الأصول المعرفية سيالة في كافة الأبواب، أبواب العلم كما يتضح من إمكانية توظيفها والاستشهاد بها في كل المباحث والعلوم الدينية منها والإنسانية،


وما نحن فيه هو فرض عدم العلم، ولنا أن نمثل لهذا الأصل المعرفي كما مثلنا سابقا بعدة مقولات ( كالنبوة والإمامة والاعلمية والاجتهاد ) والجامع بين هذه المقولات وغيرها هو الادعاء فلاحظ،


ولذا أننا ووفق هذا الأصل المعرفي نقول من نفى النبوة أو الإمامة أو الاعلمية أو الاجتهاد من نفاها تكذيبا مثلا بلا دليل يذكر فقوله من حصة القول بلا علم، ومع عدمه - أي عدم العلم - لا يصنف على أنه علما بالعدم،


فمن نفى دعوة بلا بينة ولا برهان ولا حجة ولا دليل فعهدة النافي عليه، إذ أن عدم الدليل لا يوجب انتفاء المدعى أو المطلوب،
نعم هذا لا يعني أن مطلق النفي يحتاج إلى دليل ومن قال بهذا الفرض فهو من التوهم، بل إن النافي إذ لم يكن نفيه من حصة البديهي فلا تثريب وعدم إقامة دليل نفيه،


والملاك في ضرورة النفي الدليلي من النفي بلا دليل هو البداهة، فكل نفي غير بديهي يحتاج إلى إثبات دليلي، وما عداه فلا يحتاج إلى مؤونة بالإثبات،


ومن هنا قال الفخر الرازي في تفسيره من ( البحث الثاني: حول أعداد الأفلاك مستشهدا بقاعدة )


عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود، وعدم العلم ليس علما بالعدم، قال ( البحث الثاني: في أعداد الأفلاك، قالوا: إنها تسعة فقط، والحق أن الرصد لما دل على هذه التسعة أثبتناها، فأما ما عداها، فلما لم يَدُلَّ الرصدُ عليه، لا جرم ما جزمنا بثبوتها ولا بانتفائها ). تفسير الرازي ج4/


وكيفما كان: يمكن الاستدلال على ما ذكر أعلاه بقوله تعالى { بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } وهو كما ترى، التكذيب بسبب عدم العلم لا علم بالعدم وبينهما فرق فلاحظ، والى الله تصير الأمور.

إرسال تعليق

0 تعليقات