آخر الأخبار

السيرة غير ملزمة





السيرة غير ملزمة


علي الأصولي

جرت السيرة العامة في الحوزة العلمية على ضرورة البقاء لسنوات طوال تحت منبر الأساتذة ابتداءا من المقدمات ومرورا بالسطوح وانتهاءا بالبحث الخارج، وبعدها اكتساب درجة الاجتهاد،

وهذه السيرة بالأصل هي ناظرة للمجموع الغالبي لمن التحق بالدرس المنهجي الحوزوي، وهي سيرة نحترم من سار وفق نظامها العام بحسب الإمكانات والمجهودات البشرية العامة،

ولكن تحويل هذه السيرة إلى سيرة معصومية لا يمكن نقضها لبعض الاستثناءات فهو تحويل يراد منه تغطية الفشل العلمي الذي يطال هذا أو ذاك، أو لتمرير مقولة ان كهولها أولى من شبابها في الاجتهاد وبالتالي الاعلمية مثلا والمرجعية،

فهنا نحن لا نخضع لهذا الهراء كثيرا،

وعليه نجد أن مخالفة هذه السيرة مع انعقادها منذ أجيال باستثناءات محدودة ليس معناه مخالفة سيرة ونظام معصومي وقانون الهي سماوي،

إذ أن دراسة المراحل الحوزوية في الجملة لا تحتاج إلى أستاذ عند البعض، ولا أحد بمقدوره إنكار أصل الإمكان،

للفرد الاعتماد على نفسه وبمعية المطالعات والسماع للدرس ان يصل أو أن يطوي مرحلة أو مراحل دراسية،

بينما تجد غيره في مكانه إما أن يراوح بلا تقدم أو يسير بشكل بطيء، ناهيك على من اتخذ بعض المجالس الدراسية وعلى مستوى الخارج مكانا للرقود من بدايات الدرس إلى الخاتمة وعلى مدى طويل، وأنا اعرف بعضهم لا يطيب له المنام إلا في الدرس الفقهي الخارج،

المهم معرفة أن الملاك من الدرس هو الفهم سواء حصل بطريق مباشر أو غير مباشر، وهذا الفهم يتجلى بطرق مختلفة منها الأثر العلمي ومنها الدرس على سبيل الفرض،

ومنه تعرف بأن الحضور المباشر أو المراحل الدراسية لا تطلب بنفسها كغايات بقدر ما هي وسائل، والوسيلة كيفما كانت فيها ونعمت، ناهيك ان تتدخل يد الغيب والعنايات الخاصة في مثل هذه المسائل بعد الإخلاص، دونك العلامة الحلي ودونك الشهيد الصدر الأول، الذي قرأ المقدمات والسطوح بلا أستاذ بل نال مرتبة الاجتهاد وهو في السابعة عشر من عمره الشريف، والكثير من العلماء نال هذه الرتبة وهم في مرحلة المراهقة، ولا تجد أي استنكار من الوسط وهذا راجع اما لسطوة وحضور قوة العائلة أو للاثر العلمي الذي يقطع الطريق على الآخر أو على هذا وذاك معا،


أنا لم أحضر بحث خارج مباشر عند أي مجتهد لا في النجف ولا في قم، نعم خضت امتحان الخارج فقها وأصولا منذ زمن ليس بالقصير، وتم اجتيازه بنجاح، وتم توجه لي دعوة من أكثر من مجتهد آنذاك للحضور ولم أحضر لأسباب شخصية وآمنت بالقاعدة التي تقول أن ( المطالعة تساوي الحضور ) وفعلا جربتها فكانت كما وصفت، ودونك من حضر وهم الأغلبية وغيره ممن لم يتسنى له الحضور لسبب أو لآخر، ودونك القول الفصل، الأثر وليس غير الأثر نبتغي به بدلا، وما وراء عبدان من قرية وإلى الله تصير الأمور...


إرسال تعليق

0 تعليقات