من يحدد المذهب؟

من يحدد المذهب؟

عز الدين البغدادى

الأخطاء الذي يقع فيها الخطباء وما أكثرها، تجعلنا بحاجة أكبر لتحديد الخلل. وهنا يطرح الخطيب السعودي المعروف "منير الخباز" رؤيته، وهو يقول بأن الخطباء لا يحددون مبادئ المذهب ولا يحددون شعائره. وأن المسؤول عن ذلك هم المراجع!!

هذا الكلام قد يبدو جيدا ومقبولا، إلا أنه كذلك في بدايته فقط أي فيما يخص الخطباء، وأما بعد ذلك فهو ينطوي على مغالطات كبيرة وخطيرة..

عند الكاثوليكية فإن البابا يتمتع بسلطات كبيرة جدا وواسعة، وهو من يحدد الهوية الدينية وهو من يحدد مساحة الحلال والحرام. وهم يعتمدون في ذلك على القول الذي ينسب للسيد المسيح الذي قال لتلميذه بطرس الذي يعتبر البابا الأوّل: “وأعطيك مفاتيح ملكوت السّموات فكلّ ما تربطه على الأرض يكون مربوطًا في السّموات، وكلّ ما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السّموات.” وهي العقيدة التي تطورت لاحقا لتصل الى فكرة "عصمة البابا" التي تم إقرارها في المجمع الفاتيكاني الأول عام 1870 .

أما وفق الرؤية الإسلامية عموما والشيعية خصوصا؛ فإن هذا الكلام خاطئ تماما، لأن ما يحدد المبادئ أو الشعائر في الدين ككل أو في المذاهب هو النص أو الدليل عموما. ولا يمكن أن يناط الحق بشخص ما دمنا لا نعتقد بعصمته، المراجع بشر لهم رؤيتهم ومصالحهم، ونظرتهم التي لا تخرج عن حدود الطائفية (المعرفية والاجتماعية والسياسية).

هناك أيضا أمر خاطئ، وهو تخصيص الأمر بالمرجع، وهذا يعني بأن المجتهد لا يؤخذ بكلامه ما لم يكن مرجعا، لأن هناك فرقا بين المجتهد والمرجع لا يخفى على طالب علم. فالمجتهد هو من تحققت فيه فعلا القدرة على استنباط الحكم، أما المرجع فهو المجتهد الذي يرجع إليه الناس، فهو أخص من المجتهد.. فليس كل مجتهد فهو مرجع.

عموما نحتاج عند نسمع كلاما كهذا ان ننظر في أمرين: لوازم هذا الكلام وتبعاته، وأسبابه ومنطلقاته، وقد تحدثت عن الأول ولن أتحدث عن الثاني حتى لا تتم شخصنة الأمور.