آخر الأخبار

في رحاب التأويل









في رحاب التأويل




علي الأصولي



قال الله تعالى { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّىٰ لَهُمُ الذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ }. الدخان 10- 16 .


كما هو ظاهر الآية ماذا تفهم من ( ف ) فارتقب ما هي دلالتها حاول أن تتأمل المعنى لتصل لفهم المراد،


الله في هذه المقطع القرآني وعد بإرسال الدخان، والإرسال مرة يكون بنحو مباشر منه ومرة يكون من نفس البشر وفسادهم ( الفساد يعني الخراب ) وحتى لو كان الإرسال صنيع البشر فهو يمر تحت نظر وقدرة الله حيث يصب به من يشاء ويعفوا عن كثير،


الواضح أن الدخان لا يمكن إغفاله أو نكرانه أو الأعراض عنه بدلالة ( المبين ) فلا يحتاج إلى مزيد تأمل ومؤونة لمعرفة طبيعة الدخان أو أصل وجوده،

ما هو الدخان؟

في الجملة: وبصرف النظر عن طبيعته وماهيته هو ببساطة عذاب، سواء كان دخان سماوي كوني أو ارضي معروف المنشأ، أو هو من قبيل الأمراض المنتشرة والتي يكون للجو فيها مسرح للانتشار، كل المحتملات قائمة،


وعلى ما يبدو بأن العذاب لا يقتصر على أناس دون أناس ولا ديانة أو مذهب بمعزل عنه، بل ولا بقعة من بقاع الأرض بلحاظ ( يغشى الناس ) فهو بالتالي يغشاهم إجبارا،

وهم على علم والتفات بدلالة هذا الدخان ( عذاب اليم )

ولذا يتوجه الناس ولكل من وجته ( ربنا اكشف عنا هذا العذاب )

الغريب بأن الآية لا تتحدث عن عذاب وقع بل عذاب سيقع إذ لم نشهد في عصر الرسالة هذا الدخان أو ما يناسبه !

طبعا يمكن فهم الدخان عبارة عن حروب مثلا عسكرية أو اقتصادية، بل وحتى بيلوجية جرثومية،

ويمكن فهم الدخان وهو يرمز للتيه ففي الظلام يكون التيه من أوضح الواضحات، فالتيه وعدم معرفة الطريق هو السير بطريق مظلم بطبيعة الحال، لا إمام هدى ولا علم يرى،

إذن الآية تتحدث عن مستقبل، ولنا أن نتوقف على حدود هذا الفهم، من هو الرسول المبين الذي جاء، ونحن لا نعرف غير نبينا (ص) !؟

نعم إذا مشينا خطوة أخرى نحو التأويل يمكن إيجاد الجواب وهو أن الرسول يمكن ان نحمله على محمل الفهم الأصولي فيقال { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } الإسراء آية ١٥.

بتقريب: أن المراد ب ( رسولا ) مطلق الحجة،

سواء كان المعنى الحجة الشخصي ( عالم ) مثلا، أو العنواني ( آية وحديث ) أو حتى لو قلت مبعوث من جهة ( سماوية ) بالتالي وعلى أي معنى كان، مع ترك الحجة يقع العذاب لان الرسول في هذا المورد ( مبين )، وأن كانت الآية نافية لفعلية العذاب غير أنها لا تنفي استحقاقه، بل يمكن ضم آية سورة الدخان مع سورة الإسراء آية (١٥) وما كنا معذبين، لخروج بنتيجة حتى على المستوى الأصولي، لا أريد أن اقتحم أو أقحم البحث الأصولي في هذا الشأن ولكن القلم أخذني سهوا لهذه المساحة،

اعتقد هذا المقدار من الفهم لجو الآية يفي بالغرض وما نحن فيه، وإلى الله تصير الأمور .



إرسال تعليق

0 تعليقات