موسى الكاظم (ع) من
التضييق إلى الشهادة
علي الأصولي
لم تختلف حياة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) عن حياة آباءه وأسلافه من
التضييق العام من قبل السلطات القائمة آنذاك، بل ضيق عليه كما ضيق على من قبله
وزيادة، وهذه الزيادة هي في السجن الأخير الذي قبع فيه الإمام (ع) حيث أخبرنا
النوفلي برواية ( ثم حبس، ثم سلم إلى السندي بن شاهك، فحبسه وضيق عليه ، ، ، ) ولم
تخبرنا الروايات عن التضييق في غير سجن ابن شاهك،
واجد أن هذا التضييق هو نفسي أكثر مما هو جسدي، وقد تجاوز موضوعة التضييق وماهيته
صديقنا المفكر غالب الشابندر في كتابه (تنقيح سيرة الإمام موسى الكاظم ).
بعد أن قال: ولا نعرف ماهية هذا التضييق، وليس هناك أخبار عما كان يجريه
السندي بن شاهك أو جلاوزته،
أقول: أن القدر المتيقن في طبيعة وماهية التضييق هو التضييق النفسي وأما
الجسدي فهو مستبعد جدا خصوصا لو لاحظنا بأن السندي اشهد جماعة من أعيان الشيعة
وكبرائهم على الجنازة الطاهرة، بل وقد أشهد هارون العباسي علماء البلاط وقادته
ووزراءه وجمع كبير من بني هاشم وأعيان الشيعة على الجنازة الطاهرة،
وغاية هذا الإشهاد هو إبعاد تهمة القتل للإمام الكاظم(ع) عن السلطات
الغاشمة، وأن الشهود لم ير أحدهم اي أثار تعذيب على جسد الإمام (ع).
قد يقال: بأن الإشهاد لا يمكن التمسك به في خصوص هذا المورد إذ أن الإشهاد
تم ما بين موال للسلطة وما بين مناهض لها، والموالي للسلطات العباسية ليس من
مصلحته الشهادة بالضد منها خوفا أو طمعا ونحو ذلك، وأما المعارض فهو يخاف ان يلقى
نفس المصير الذي لاقاه كبير الشيعة وعالمهم الإمام موسى الكاظم(ع).
وهذا الفرض بعيد، إذ أن الشيعة يمكن أن يكتموا خبر التعذيب أمام هارون ولكن
يمكن لهم أن يشهدوا بذلك أمام مواليهم ومحدثيهم وفقهائهم ومن خلالهم تتحفنا
الأخبار والروايات وهذا المعنى، ولكن بما أنه لم يحصل كل ذلك، فلا مناص والالتزام
بقول أن الإمام قد ضيق عليه نفسيا في بادئ ذي بدء وانتهت المؤامرة بتصفيته الجسدية
عن طريق السم إذ لا أثر يظهر على جسم المسموم إلا لمن حذق في مهنة الطب أو نحو ذلك.
0 تعليقات