عز الدين البغدادي
يثير البعض إشكالية على وجه الإعجاز القرآني، فيقول بأن القرآن كتاب عربي،
وأن النبي محمد قد تحدى قومه به لأنهم عرب، فكيف يمكن أن يكون حجة على غيره من
الأمم؟ هل يمكن لنبي صيني أو هندي أن يأتي بكتاب مكتوب بلغة أخرى ويتحدى به العرب
مثلا؟ وكيف يمكن أن يؤمنوا به؟
من الطبيعي أن يتكلم النبي بلغة قومه ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه
ليبين لهم )، وتكلمه بلغة قومه لا ييسقط حجية نبوته على غيرهم، لا سيما وان القرآن
معجزة كتاب معجز قراءة وعقل، كما ان اختلاف اللغة لم يمنعنا من فهم كتب دونت بلغات
أخرى في الفلسفة والطب وسائر العلوم والآداب.
قد تقول: هذا التحدي أو المعجزة من النبي إنما كانت لمن خاطبهم وبعث فيهم،
فكيف يكون حجة على غيرهم أو على من بعده من الناس؟ فأقول: من الطبيعي أن يكون
التحدي يكون للمبعوث اليهم، فهم من يريدون معجزة، وهذا أمر لا يختص بالنبي محمد (ص)
ومعجزته (القرآن) فحتى المعجزات المادية من قبيل أحياء أموتى أو عدم إحراق النار لإبراهيم
أو شق البحر أو نحو ذلك هي معجزات للمخاطب، إلا أنها تذهب مع وقتها، وما يبقى من
النبوة هو الفكرة التي يدعو إليها النبي، وهذا أمر متحقق في المعجزة المحمدية.
معجزة القرآن ليست لغوية حتى يقال بأن العرب وحدهم يمكن أن يتوجه إليهم
خطاب التحدي، بل هو كتاب فكر ورؤية، ولهذا فإن هذا الإشكال ساقط واقعيا بدليل أن
كثيرا جدا من الناس يدخلون الإسلام قناعة بقيمه ولم تمنعهم اللغة من ذلك.
0 تعليقات