التبرئة لا تعنى البراءة !!
هاني عزت بسيونى
لقد أخطأنا فى حق
أنفسنا وفى حق ثورتنا أكثر من كل أخطاء مبارك ونظامه فى حقنا وعلينا الآن أن نقبل
بسداد الثمن ..
فقد سمحنا بعقد
المحاكمة لمبارك " الشخص " ولم نعقدها لمبارك " النّظام " فكانت
محاكمة جنائية وليست سياسيّة ..... فتم تبرئة النظام كله !!!!!!!!
سمحنا لمبارك النظام
بالإفلات من العقاب على جرائم سياسية عديدة ارتكبها بالفعل ، أدناها الإفساد السياسي
والمالي وأعلاها الإفساد الأخلاقي ...
وحين قام الشعب
المصري في 25 يناير بالثورة لم يكن مبارك حتى تلك اللحظة قد ارتكب جريمة قتل الشعب
التى حُوكِم عليها ، وقام الشعب المصري بالثورة على نظامه بسببها !!
وكان موقفه المعلن
مِنْهُم «خليهم يتسلوا».. !!؟
وعندما يتنصل مبارك
من جريمته بقتل المتظاهرين يجب أن يوجه له سؤال ..
الم تكن رئيسا للجمهورية
؟ الم يكن بوسعك أن تصدر أوامرك بالتوقف عن قتل المتظاهرين .. !؟؟
فلو سلمنا جدلا انه
لم يصدر الأوامر بقتل المتظاهرين ، فإن جريمة مبارك يمكن أن يصطلح على تسميتها “ الجريمة
السلبية " أي أن “ المجرم “ كان بوسعه أن يمنع وقوع الجريمة ولم يفعل ...
أما الرشوة والفيلات
التي حصل عليها مبارك وأسرته فلم يستحق عليها العقوبة لعوار في القانون ، عن قصد أو
غير قصد ؟!؟..
حسبنا الله ونعم
الوكيل !!!
كان يجب أن يحاكم
نظام مبارك على جرائم كثيرة ، منها مايلي :
1- رغبتهم في توريث
الابن الأصغر للحكم ، لاستمرار تحقيق مصالحهم .
2- السماح للابن
الأكبر بسرقة الشعب بالاشتراك تارة والاستحواذ أخرى !!
3- ضرب أرجاء البلاد
بـ فساد سياسي ومالي وإداري ...
4- ترك تنظيم الإخوان
يترعرع في حواري وشوارع مصر .. فمن إذن الذي أخرج للدنيا الحركات السلفيّة والتعصب
الديني يضرب وحدتنا الوطنية غير نظام مبارك ؟
5- ترك العشوائيات
تتوالد ، والجهل يستشري ، والتعليم ينهار ، والقيم تتبدل ، والفقر يعم ويكثُر ،
والفساد والمرض يصيب كل أوجه حياة المصريين اليومية !
6- إهمال المستشفيات
العامة لتخرج عن الخدمة ( الآدمية ) والقذارة تنتشر في المعمورة ، والبيئة تتهدم
والبطالة تصيب شبابنا والتمييز يهدم آمالهم والمحسوبية تحطم مثاليتهم حتي صاروا
يلهثون وراء الهجرة الشرعية وغير الشرعية بل ويبحثون عن جنسيات أخرى ليفقدون
شعورهم بالانتماء وبمصريتهم !!؟؟ .. الم يكن هو نظام مبارك الذي جعل من مصر دولة
طاردة لأبنائها محطمة لأحلامهم ..
7- جرائم تزوير
الانتخابات والاستفتاءات .
8- جرائم التعذيب فى
السجون .
9- جرائم التلاعب
بالدستور وانتهاكه مما يدخل فى تعريف جريمة الخيانة العظمى .
10- جرائم الإضرار
العمدى بأموال الدولة مثل ببيع القطاع العام بأبخس الأسعار .
...
هذا هو الانهيار
الكامل الذي كان يجب أن يُحاكم ويُسأل عنه مبارك ونظامه بعد أن ظل في الحكم 30 عام
، ولولا ثورة شعب مصر في 25 يناير 2011 لكان سيترشح لفترات أخرى ( كما أكد هو
بنفسه كثيرا من انه سيظل لآخر نفس في حياته يحكم مصر !!! ) ثم توريث نجله من بعده
وبواسطة مجلس نوابه المطبلاتية من الحزب الوطني والذي صنعوا له شرعية الاستمرار
والاستمراء حتى ظن انه الفرعون الإله ......
لقد كانت ثورة 25
يناير ثورة شعب فاض به الكيل ، ثورة خرج فيها الملايين كلٌ يعبر عن سخطه ورغبته في
التغيير وبحثاً عن العدل والكرامة ، فسرقها الإخوان ، لكن ذلك لا يغير من الأسباب
التي دفعت إليها شيئاً ، فالحقيقة بينة وظاهرة ولا يمكن طمسها أو إنكارها ...
إنها ثورة شعب وليست
مؤامرة كما يدعي رجال نظام مبارك ومؤيديهم !؟! ..
الثورة - إذن - قامت
على نظام مبارك وليس على مبارك بشخصه فقط ... فلماذا لم يحاكم النظام السياسي بأكمله
وتم اختصار المحاكمة لشخص مبارك !!؟؟
.. ورغم حصول مبارك
على البراءة الجنائية لعدم كفاية أو طمس الأدلة فإن ذلك لا يعني التبرئة أو
التسامح مع نظام أسرة حاكمة أفسدت حياة الشعب المصري ، ووضعته في مصاف الشعوب
الفقيرة لكل شيء كما وصفه الرئيس السيسي ..... !!
... والآن لدي سؤال
لمن يبحث عن أموال مصر المنهوبة بالخارج ، حيث تطالب الدول التي لديها تلك الأموال
بحكم قضائي لردها للشعب المصري ... !!!!!!!
.. ياتُرى هل مازلتم
تطالبون الدولة بالسعي لدى سويسرا لاسترداد ما سرقه مبارك وأسرته بعد حكم البراءة !؟!؟؟؟؟؟؟
اعتقد انه عليكم الآن
نسيان هذا الأمر تماماً ، لأنه لا استرداد لتلك الأموال إلا بحكم قضائي ... والحكم
صدر بتبرئة مبارك من كل التهم .... وانتهى كل شيء وأغلق الملف الأسود لحكمه ..
... لذلك ... وبكل أسف
يجب أن نعترف أننا قد أخطأنا فى حق أنفسنا وفى حق ثورتنا أكثر من كل أخطاء مبارك
فى حقنا ...
وعلينا الآن أن نقبل
بسداد الثمن !
0 تعليقات