نصر القفاص
كنت فى مكتب صديقى, ودخل علينا شقيقه رجل الأعمال, الذى عاتبنى على مناصرتى
لثورة "25 يناير" وراح يصفها بأنها سبب البلاء.. وأضاف بأنه تعرض لخسائر
فادحة, فبدلا من أنه كان يربح سنويا 13 مليار جنيه.. تقلصت أرباحه إلى مليار جنيه
سنويا!!
ومضى يلعن فى الثورة ويسخر منها, بينما كنت قد غادرت تركيزى فى حساب حجم
خسارته.. خاصة وأن ما تبقى له من أرباح يمثل رقما مذهلا يتجاوز قدرتي على
الاستيعاب!!
أعادني حين قال لى: "مش عارف ترد.. صح"!!
فأجبت: "طبعا.. وعايز أعيط"!!
ثم أضفت مواصلا حديثى: "حقك
تلعن 25 يناير, وتكره كل من حرضوا على أحداثه أو شاركوا فيها.. لكننى أريد أن
أسألك عن حقوق مرضى فيروس C والذين يسكنون العشوائيات".. فإذا به يقاطعنى: "ماهو دة
كلام الشيوعيين".. لأنفجر ضاحكا.. باعتبار أن الشيوعية قد شبعت موتا.. وخرجت
من هذه الحالة العبثية بأن قلت له: "فى روسيا مثل شعبى يقول إذا فقدت ثروتك
تستطيع تعويضها.. لكن أن تخسر شرفك, فهذا يستحيل استعادته"!!
وسادت لحظة صمت, انصرف بعدها رجل
الأعمال.. ليوجه لى صديقى – شقيق رجل الأعمال – كلامه قائلا: "ليه كدة؟! أنت
أهنته" ولما اندهشت وشرحت سبب ذكرى لهذا المثل.. فإذا به ينفجر ضاحكا ويقول:
"يعنى أنت كنت تقصد فقط خسارة الثروة".. أجبته بنعم وسألته: "لماذا
ضحكت؟!" فقال لى: "هو فهم الجزء الثانى فقط من المثل, لأنه دائم القول
البيزنس ما فيهوش شرف"!!
المؤمنين بأن "البيزنس" و"الشرف" عدوين لدودين.. رائدهم
الرئيس الأمريكي "ترامب" وخرج علينا خليفته فى مصر متوعدا بأن يتفجر
الدم فى الشوارع.. مالم يتم استئناف الحياة بغض النظر عن خطر الموت الذى يهدد
الناس..
ولأنني لا يشغلنى أولئك من "رجال
المال" الذين يفخرون بعورتهم, بعد أن أسموها "ثروة"!! لكن ما يشغلنى
أن المجتمع المصرى جاءته أزمة "كورونا" – أسميها زلزال – لتكشف كل مستور..
بل أسقطت ورقة التوت عن الذين لا يهمهم وطن ولا مجتمع.. فعندما يتظاهر عشرات عادوا
من الكويت, رافضين دخول الحجر.. وعندما أقرأ أن أربعة آلاف طبيب تقدموا بطلبات
هجرة فى هذه اللحظة العصيبة.. بينما أقرانهم يقفون على الخطوط الأولى للمواجهة.. وعندما
أتابع حملات ممنهجة ضد "طارق عامر" محافظ البنك المركزى, لمجرد أنه يقظ
وواع ويتحرك بسرعة ليسبق الأزمة.. وأتابع محاولات الاغتيال المعنوى للفريق "كامل
الوزير" وزير النقل والمواصلات.. وأرصد "تحالف أعداء الوطن" يتحركون
فى تناغم وقوة واضحين.. فلابد أن أتوقف..
ولنا جميعا أن نتأمل الصورة كلها, دون انشغال بأجزاء منها فقط..
فأعداء الوطن ليس كلهم خونة.. بعضهم جهلة.. بذلوا جهدا لتجويد الجهل!!
وضمن أعداء الوطن, من يعتبر أولئك رموزا ونجوما للمجتمع.. كما أن الصامت
على جرائم هؤلاء, يجوز لى القول بأنه من أعداء الوطن.. لأن من يفقد شرفه لا يعنيه
ضياع وطن, أو أن يتعامل مع أبناء هذا الوطن على أنهم عبيد يعيش على مص دمائهم.
وباعتبار أن اللحظة خطيرة.. وأن الأهم هو أن نحافظ على الوطن, ونحفظ شعبنا
الذى قال عنه وكيل مجلس النواب أنه "شعب مش عايز يفهم"!!
فعلينا أن ننتبه إلى "تحالف أعداء الوطن" ولن يحمينا منهم, غير
الالتفاف حول القيادة السياسية وعنوانها الرئيس "عبد الفتاح السيسى" الذى
يستحق أداؤه خلال هذه الأزمة – الزلزال – أن نفخر به, ونحن مرفوعى الرأس.. خاصة
وأننا نتابع "هرتلة" رئيس أكبر وأقوى دولة على وجه الكرة الأرضية – ترامب
– ونرى أن زعماء أوروبا والدول المتقدمة "غرقوا فى بحر الأزمة"!!
والحقيقة عندما تصبح واضحة وناصعة بهذا الشكل.. وحين يتحدث عنها القاصى
والدانى.. فلا يجوز أن يشككنا فيها "تحالف أعداء الوطن" مع تمسكى بحقى
ومواقفى فى انتقاد ورفض سياسات توقفت أمامها بإنصاف..
وأهمها تخبط أحزابنا الوهمية التى
تمارس "ديمقراطية مزيفة" وعجز القائمين على الثقافة عن مواكبة الحدث.. فضلا
عن تأكد فشل القائمين على الإعلام وسياساته, لأن نجومه يمارسون "سريالية
إعلامية" لا تختلف عن "السريالية الثقافية" وتمثل امتدادا "للسريالية
الحزبية" التى أفرزت كيانا وهميا انتهازيا اسمه "التنسيقية الوطنية
للشباب" وهى ابتكار "سريالى" خالص"!!
عندما أجد مجلس وزراء يتحرك فى مجمله بوعى.. وأجد وزراء يملكون رؤية فلابد
أن أقف أمامهم بالتقدير, ومنهم وزير المواصلات المستهدف.. ووزيرة الهجرة التى تنال
حظها من الاستهداف.. كذلك محافظ البنك المركزى الذى يستهدفه من ينزفون ثرواتهم
وشرفهم!!
وغيرهم من مسئولين أراهم قاعدة يجب
البناء عليها, لأنهم يسهمون فى صناعة المستقبل.. يستحق منهم وزير الإنتاج الحربى
أن نذكره بالتقدير.. كذلك يستحق وزير الدفاع والداخلية كل التقدير ومعهما وزير
السياحة والآثار.. وغيرهم.. بما يجعلنى فى حالة نشوة تستحق أن أنثرها مبشرا
ومتفائلا فى وجه شعب عظيم يستحق كل التقدير.
كل هذه مقدمة.. صحيح أنها طالت.. لكنها ضرورية لتوضيح ما سأذهب إلى طرحه.. وأقصد
به رئيس مجلس النواب – على عبد العال – الذى لم نسمع له صوتا ولا عنه فعلا.. ومعه
نوابه فى مجلسهم, لأنهم راحوا يستمتعون بالحجر المنزلي!! لم يزعجهم "رجل مال"
يجاهر بجريمة التحريض على ضرب الاقتصاد عبر قناة غير مصرية – ولها كل التقدير – تستحق
أن نعاتبها على تركها شاشتها لكى تتم من خلالها هذه الممارسات التى يمنعنى الخوض
فى وصفها أن فى فمى ماء!!
فمجلس النواب لم ينزعج لمظاهرة على أبواب السفارة الأمريكية من أطباء يفرون
من الميدان.. ولم ينزعج نوابه من مظاهرة عائدين يتمردون على النظام العام وقت حرب..
ولا يستشعرون خطرا فى مواجهة هذه الهجمة الشرسة على وطن وشعبه.. لذلك أبادر بأن
أنبه رئيس مجلس النواب – د.على عبد العال – بأن يدعو مجلسه للانعقاد.. إما لتفويض
رئيس الجمهورية باتخاذ قرارات لها قوة القانون.. أو للإسراع بإصدار تشريعات تحمى
الوطن.. فالطبيب الذى أنفقت عليه مصر من دمها لتعلمه, لا يجوز أن نتركه يهرب
مهاجرا مجانا.. يجب أن نعامل كل من يتلقى تعليما جامعيا مجانيا, يحتاج الوطن جهده
ومساهمته.. بمثل ما نعامل ضباط الشرطة والجيش , الذين لا يجوز لهم الاستقالة دون
تسديد قيمة ما أنفقته الدولة عليهم.. مصر تحتاج إلى تشريعات واضحة وصريحة فى مواجهة
"تحالف أعداء الوطن" وبسرعة لا تحتمل تأجيلا أو تسويفا!!
0 تعليقات