عز الدين البغداي
اليوم يصادف ذكرى استشهاد الفيلسوف الإنسان الفقيه المرحوم آية الله السيد محمد باقر الصدر…. فبعد ان ابتدأ صدام عهده بالتخلص من رفاقه التفت الى خطر داخلي وهو الحركة الإسلامية لا سيما في الوسط الشيعي والتي ألهبها انتصار الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979.
أخذ الصدر موقفا متشددا ورافضا لصدام، ورفض كل محاولات السلطة لكسبه أو تحييده، في السابق كان النشاط الفكري هو الأهم بالنسبة لديه وحتى الحزب الذي أسسه لم يكن له نشاط سياسي محسوس، بل كان عمله ثقافيا تثقيفيا.. المفارقة أنّه قبل ذلك لم تكن له علاقات متينة أو متميزة مع آية الله الخميني أثناء تواجده في النجف، وعندما فرضت عليه إقامة جبرية سنة 1975 كان السيد السبزواري رحمه الله هو الوحيد الذي كسر الحظر المفروض عليه، وحسب ما يذكر مؤرخو تلك الفترة أن الإمام الخميني عُرض عليه أن يقوم بزيارة مماثلة إلا أنه لم يجد ذلك ضروريا، وقال: عندي في إيران خمسون مجتهدا مفروض عليهم إقامة جبرية.
اخبرني شخص مقرب جدا من الصدر أنه كلف بعد اندلاع الثورة ثلاثة من طلبته والمقربين إليه الموجودين في إيران بأن يكتبوا له تقييما عما يحدث في إيران حتى يــحدد موقفه من تأييد الثورة أو السكوت عن ذلك.. جاء التقرير يطلب منه عدم تأييدها إلا أن الأمور جرت بشكل سريع نحو انتصار الثورة عندها أعلن الصدر تأييده المطلق للثورة وقائدها، وانزعج جدا من الأشخاص الذين كلفهم بذلك.
طبعا لن اذكر أسماء الثلاثة، لاسيما وأنه سيكون أمرا صادما خصوصا لمن لا يدرك قوة تأثير الشاه في بعض الأوساط الحوزوية، أو الذي لا يعرف قوة التيار المحافظ في الحوزة والذي طالما شكا منه الإمام الخميني.
أتخذ الإمام الصدر قراره بتأييد الثورة وأطلق عبارته "ذوبوا في الإمام الخميني بقدر ما ذاب (او كما ذاب) هو في الإسلام" ووصل الأمر مع السلطة الى منتهاه، فكان اعتقاله في 5 نيسان، ثم إعدامه في مثل هذا اليوم 8 نيسان سنة 1980.
خسر العراق بل والأمة مفكرا كبيرا، وعقلية عبقرية قلما يجود الزمان بمثلها.. وإنسانا راقيا جمع بين شرف العلم والتواضع والطيبة والصدق، وقلما قلما يجتمع ذلك.. استشهد الصدر لكن للاسف ليتحول اسمه الى ماركة تجارية لمن بعده، سواء في معارضتهم أو عند توليهم السلطة… والرجل الذين كان يعيش في بيت صغير ويرفض وضع مكيف تبريد في بيته لأنه لا يريد أن يتميز عن جمهور الأمة بني له ضريح بلغت تكاليف زجاج شبابيكه 45 مليار دينار عراقي فقط‼‼‼ ربما لو كان موجودا لمات منذ زمن بعيد آسى، فالمفكر الكبير والإنسان العظيم لم يكن سياسيا ثاقب الرؤية، ربما بسبب قوة تأثير الحدث عليه في حينها، ورغبته في ان لا يتأخر عن الحدث... أو لأنه مثالي جدا في أخلاقه، والصدق لا يصاحبه دائما نجاح الرؤية السياسية لا سيما كما قلت عندما تصدر من شخصية مثالية وأخلاقية راقيه مثله.
ملاحظة: كانت المعارضة العراقية تحتفل سنويا بذكري استشهاده بتاريخ 8 نيسان، لكن بعد الاحتلال تحول الى 9 نيسان أي يوم دخول بغداد لأسباب تتعلق بطريقة تفكيرهم.
0 تعليقات