عز الدين البغدادي
في مثل هذا اليوم من سنة 1947 تأسس حزب البعث العربي الذي أضيفت له لاحقت
كلمة الاشتراكي بعد أن اتحد مع الحزب الاشتراكي ألذي كان يقوده د. أكرم الحرواني
عام 1952. كانت هناك ثلاث أسماء شاركت في التنظير لهذا الحزب هم: ميشيل عفلق (مسيحي)،
وزكي الأرسوزي (مسلم علوي) وصلاح الدين البيطار (مسلم سني).. تأسس الحزب في سوريا،
ثم دخل العراق عن طريق معلم سوري وعن طريق بعض الطلبة العراقيين.. المفارقة أن
معظم قياداته الأولى كانت من الشيعة العرب، مثل محسن الشيخ راضي وتحسين معلة وفؤاد
الركابي وعبدالله الركابي وحازم جواد وهاني الفكيكي وعلى صالح السعدي وحميد خلخال (كانت
قيادة الحزب في 8 شباط 1963 مكونة من 9 اعضاء بينهم 5 من الشيعة).
استلم هذا الحزب السلطة مرتين: الأولى سنة 1963، وكانت تجربة مرة سفكت فيها
الكثير من الدماء وانتهت بعد تسعة أشهر.
والثانية سنة 1968 واستمرت 34 سنة، وانتهت سنة 2003 بعد ان مرت بمرحلتين
متميزتين: الأولى هي فترة حكم الرئيس السابق احمد حسن البكر، ورغم مؤاخذات كثيرة
على تلك المرحلة ورغم أنه حصلت فيها تصفيات غير قليلة إلا أنها كانت فترة تطور
فيها العراق بشكل كبير جدا، فكان تأميم النفط ومحو الأمية ومشروع الحكم الذاتي
وتطوير الريف وقفزة كبيرة في التعليم والصحة وصعود القيمة الشرائية للعملة
العراقية وغيرها وغيرها، وكانت هناك كوادر متميزة عملت لأجل بناء البلد وتطويره. وهذه
المرحلة كانت مثار إعجاب كبير في داخل العراق حتى من معارضي السلطة (كالإسلاميين والشيوعيين)
وفي خارجه، حيث كان ينظر للعراق بإعجاب كبير.
ثم جاءت المرحلة الثانية: وهي فترة حكم صدام حسين الممتدة من 1979- 2003،
والتي ابتدأت بمجزرة قاعة الخلد وضرب المعارضة وإعدام الكثير الكثير من الكفاءات
والشخصيات المحترمة، كانت فعلا مرحلة الدم والحروب والحصار وتدمير كل شيء. ثم
انتهت باحتلال العراق وتسليمه بسهولة للاحتلال الأمريكي.
بدأ حزبا قوميا، ثم تركزت قياداته في المناطق السنية، ثم في تكريت، ثم في
العوجة، ثم في الأسرة، ثم صار الأسرة تحتوي على أجنحة متنازعة، ثم تحول الحزب
علماني الى طريقة نقشبندية‼‼ فكانت مراحل مستمرة من التراجع.
عراقيا ينبغي ان لا نتعامل مع البعث كمرحلة واحدة، بل لا بد من التمييز بين
مرحلتين مختلفتين تماما وان جمعهما نفس العنوان، وهو ما يحاول الخطاب السياسي
للمرحلة تجاوزه حتى لا يحسب شيء للمرحلة الأولى لا سيما عند المقارنة مع ما حصل من
فشل كارثي بعد 2003. واعتقد ان هذا التمييز هو ما تقتضيه الرؤية الموضوعي للتاريخ.
وقد كان السيد الشهيد محمد باقر الصدر (ره) وأضحت فيما عرف بنداءه الثالث الى
الشعب العراقي، والذي ذكر فيه أن صدام حسين سرق حسب البعث، عندما قتل رفاقه
واستولى على السلطة بطريقة اجرامية بشعة.
اليوم حزب البعث مطالب بمراجعة تاريخه، والتمييز بين المرحلتين، والاعتذار
الى الشعب من ضحايا مرحلة صدام.
0 تعليقات