آخر الأخبار

الكورونا (الفيروس الغامض بسلامته) بين اللاهوت والسياسة والعلم!(1)




 

 

 

باهر عادل

 

(الجائحة والاستغلال!)

 

-"سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ." [ الكتاب المقدس - يو 14: 27]

 

-(اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)

 

-ماذا نواجه حاليا؟

 

 

حتى نحدد المشكلة؛ ولا نعطيها أقل ولا أكبر من حجمها، علينا أن نعرف أن فيروس كورونا (Corona) ليس كائن حي، فالفيروسات ليست كائنات حية (يمكن التظاهر ضدها مثلا!!)، بل هي مادة وراثية مصنوعة/مكونة من الحمض النووي الريبوزي (rna) مغلفة بالبروتينات، وهي مادة سريعة التغير والتحور في وقت قصير لا تستطيع التكاثر إلا في جسم (حيوان/إنسان) ويكون هدفه الوحيد الوصول إلى خلايا الرئتين وجعلها مصنع للفيروسات! وجهاز المناعة أحيانا لايستطيع مقاومته! وبالرغم من تشابه الأعراض (Covid-19 )مع الأنفلونزا Influenza ، لكن خطورة هذا الفيروس في سرعة انتشاره!

فالعالم الآن يواجه هذا الفيروس اللعين، والذى تحول طبقا لتصنيفات منظمة الصحة العالمية، من "مرض متوطن" Endemic؛ إلى "وباء" Epidmic ؛ ثم إلى "جائحة" pandemic ،عبرت إلى الدنيا كلها.

 

- تفسير مايحدث:

 

 

فقد ذهب الناس -في هذه الجائحة- كل مذهب وفقًا لمعتقداتهم، فهناك من يفسر الوباء دينيًا، وهذا ما نطلق عليه "التفسير الديني" للحدث ، وهناك من يخضعه لل"تفسير المادي" ، وهناك من يُخضعه "للطبيعة وتعامل الإنسان مع البيئة"......إلخ.

 

ولا ضرر من محاولة الفهم هذه، بل علينا أن ننظر للحدث من كل الزاويا ونستفيد من كل الرؤى المنطقية، لمواجهة الأزمة!

 

-استغلال الحدث

 

تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى حرب ضروس؛ وصراع -وصل إلى حد "الهبد"- بين معتقدات وأفكار كلا المؤمنين و الملحدين من جهة، الرأسماليين و اليساريين من جهة آخرى!

 

-المتدينون

 

 

حيث أتحفنا المؤمنون وخصوصا الأصوليون منهم، واستدعوا نصوصهم المقدسة لكي يثبتوا لنا أن (الله منتقم) وغاضب علينا،

ففي الديانة اليهودية: نجد ما قاله الحاخام "زامير كوهين" Zamir Cohen إنّ "الفيروس نتيجة طبيعية لأنّ غير اليهود يأكلون أي شيء"، بينما ذهب الحاخام"رون تشابا" Ron Chapa بعيداً مُعتبراً الوباء "علامة على ظهور السيد المسيح".

 

أما الجانب المسيحي

 

فقد اعتبرالقس الأميركي "ريك وايلز" Rick Wiles مؤسس منصة "ترو نيوز Tru News " الفيروس "ملك موت" مرسلا من الله و"جائحة لتطهير العالم من الخطيئة مع اقتراب النهاية".

 

 

القمص داود لمعي: "لعنة كورونا إحدى رسائل الله لتوبة البشرية"

والأب مكاري يونان الكاهن المشهور قالق :

 

" يعني إيه من أفعال الإنسان؟ البعض يتفلسف بأن أمريكا وغيرها هي من صنعت الفيروس؟ يا بني يا حبيبي ربنا بيقول أنه من علامات الأيام الأخيرة حدوث أوبئة، وزلازل ومجاعات ".

 

بينما قال الأنبا يؤانس أسقف اسيوط:

 

" لو صلينا من كل قلبنا ، كورونا مش هتقرب مننا ".

 

وقال كاهن بيشوي ملاك صادق أكثر التصريحات غرابة وشماتة حيث قال: " إغلاق المدارس 15 يوم في بايون، احتقروا وصية ربنا وكانوا عايزين يدرسوا الشذوذ في المدارس ربنا بعت لهم فيروس حقير قفلها لهم والبقية تأتي.. ".

 

 

وكتب مرة آخرى "سوف يأتي اليوم الذي يركع فيه العالم أمام الكنيسة القبطية طالبا إكسير الحياة وترياق الخلود وعدم الموت حين يرون أن هؤلاء فقط الذين يتناولون منه بإيمان واستحقاق هم الذين ينجون من أوبئة العالم وأمراضه ..والأيام بيينا".

 

(هناك تصريحات مختلفة بالتأكيد سنعرضها في أحدى حلقات هذه السلسلة).

 

 

أما على الجانب الإسلامي: خرجت تحليلات أن الوباء بسبب " اضطهاد مسلمى الإيجور" حيث رد" ياسر برهامى" نائب رئيس الدعوة السلفية، على سؤال أُرسل له على الموقع الرسمى للدعوة السلفية "صوت السلف" يقول: "نسمع الآن مِن كثيرٍ مِن الناس أن ما يحصل فى الصين من انتشار القتلى والضحايا بسبب "فيروس كورونا"؛ إنما هو عقوبة إلهية مِن الله -تعالى- بعد ما فعلته الصين فى مسلمى الإيجور. فهل هذا كلام صحيح؟."

 

 

ورد ياسر برهامى قائلا: (أنواع الكفر والظلم والبغى التى هم عليها تستوجب أنواعًا مِن العذاب فى الدنيا والآخرة، والأوبئة أصلًا كانت عقوبة مِن الله -تعالى- للأمم السابقة، وقد يصاب بها المسلمون وهى لهم رحمة وتكفير للذنوب والسيئات؛ لحديث عائشة -رضى الله عنها- قالت: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِي: "أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ")

أما "وجدى غنيم" فخصص تسجيلا للشماتة في مصابي الوباء مدعيا أن كورونا حدث بسبب معارضتهم للنقاب، وأن النقاب فرض عليهم رغما عنهم بعد هذه الأزمة بسبب اضطرارهم لارتداء الكمامة.

 

 

وفي الهندوسية ذهب رجل الدين الهندوسي " تشاكراباني ماهاراج" زعيم منظمة "هندو مهاسبها " القومية المتطرفة، إلى إن فيروس كورونا "تجسيد" للإله فيشنو لمعاقبة من يأكل اللحم."

 

 

و تحليلات آخرى، كلا حسب موقعه الديني و الجغرافي.

 

 

بل ظهر أيضا بُعد طائفي، فهلل البروتستانت "لإلغاء الطقوس" الذين هم يعتبرونها ضد المسيحية،وزائدة لا فائدة منها!!

 

 

-الملحدون

 

 

خرج الملحدون بنبرة شامتة صريحة بإن (الله ليس موجودا)، ويسخرون (أين هذا الإله من الفيروس)، وشماتة لا يخطئها صاحب عين ("من لا ينفعه ظنه لا ينفعه بصره" على حد قول عمر بن الخطاب) –بالرغم أن الشماتة واضحة ولا تحتاج إلى ظن؛ حيث أنها تحولت إلى منشورات واضحة صريحة على الفيس بوك Facebook! –وهناك حالة من الفرح الشديد بإغلاق دور العبادة والاحتفاء الغير مفهوم والغير منطقي بهذه القرارات –(الصحيحة) بل واعتبروا ان هذا انتصارا لهم ولأفكارهم!

 

 

-اليسار :

 

 

أن الاشتراكية الممثلة في دولة الصين اعتبرت أن هذا الفيروس مجرد حربًا بيولوجية أشعلتها القوى الرأسمالية الممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بهدف ضرب الاقتصاد الصيني المتنامي ولوقف تفوق العملة الصينية واستدلوا على ذلك بأن بداية المرض كان في الصين ، وفي حين هاجم اليسارون "الرأسمالية المتوحشة" واعتبروا أن هذا فشل الغرب في التعامل مع هذا الوباء يعد انتصارا لهم ولأفكارهم !

 

-الرأسمالية :

 

 

هاجم الرأسماليون؛ الشيوعية والصين وإلي آخر تلك المناوشات الملئ بها الإعلام الغربي ضد الصين! حيث اعتبرت القوى الرأسمالية أن هذا الوباء صنيعة صينية لضرب الاستثمارات الغربية في العالم والصين نفسها ،وقد استدلوا على ذلك بأن الرعب الذي انتشر في العالم وفي الصين بخاصة في بداية الظاهرة أسهم في انهيار أسعار الأسهم في الصين مما جعل المستثمرون الأوروبيون يسارعون في بيع أسهمهم بأبخس الأثمان فقامت الحكومة الصينية بشراءها جميعًا .

 

 

 

كل هؤلاء يذكرونني بمن كانوا يعزفون في سفينة تايتنك Titanic Ship بينما كانت تغرق السفينة!

 

 

وهذا من وجهة نظر الحر الفقير، كاتب هذه السطور، لا يخرج عن كونه، استغلال حقير؛ وغير إنساني؛وخسة؛ ونطاعة لا تليق بالحدث؛ ومصاب البشرية الجلل، فهل هذا يٌعني أن الإنسان كائن مُؤدلج بطبعه، يحاول أن يُفبرك الأحداث ويطوعها كي توافق وجهات نظره السابقة؟!..ربما!!!

 

 

(لا ضرر من محاولة الفهم وليس لدي أي موقف سلبي من أي رؤية/ تحليلة عاقلة، أو منهج تفسيري منطقي ، ويمكن أن نتفق أو نختلف مع جُل أو بعض هذه المناهج في التفسير، ولكن الخطأ كل الخطأ في الاستغلال السيء لخوف وهلع البشرية في هذه الازمة، لكي نحاول أن نصنع مجدا شخصيا أو تحقيق مصلحة شخصية، بالضبط مثل "تجار الأزمة" من يريدون أن يتربحوا من محنتنا ولو على جثثنا!)

 

وفي ختام هذا المقال لم أجد أبلغ مما صرح به (منسوب له)رئيس وزراء إيطاليا "جوسيبي كونتي "Giuseppe Conte (الخميس 19 مارس 2020) حيث قال: "لقد فقدنا السيطرة، الوباء قتلنا نفسيًا بدنيًا وعقليًا، لم نعُد نعي ماذا سنفعل، لقد إنتهت جميع الحُلول على وجه الأرض، الحل متروك للسماء ". .

 

يتبع....

 

 

إذا لم يكن للكورونا رأيا آخر!


إرسال تعليق

0 تعليقات