عز الدين البغدادي
اشتعلت وسائل الإعلام
ووسائل التواصل الاجتماعي بعد حادثة قتل مواطن أمريكي اسود على يد شرطي أمريكي،
وبمجرد إعلان خبر وفاة المواطن الأمريكي الأسود اندلعت مظاهرات واشتباكات في مدينة
مينابولس حيث حدثت الجريمة. الكثيرون وجدوا الحدث سببا جيدا لكشف زيف التجربة الأمريكية
ووهم الديمقراطية الذي يعيش الأمريكيان، وفضح كذبة المساواة.
من يفهم الأمور بهذه
الطريقة يغالط الواقع، فأمريكا والمنظومة الغربية بأكملها هي دول ديمقراطية
والقانون فيها فوق كل شيء، والديمقراطية فيها ليست كذبة كما نحاول نحن أن نقنع
أنفسنا لكي نبرر فشلنا، ما حدث جريمة مروعة يلا شك، لكن تحقق الديمقراطية في بلد
ما لا تعني ان ذلك البلد يخلو من الجريمة الا إذا كان فهمنا للديمقراطية خاطئا في أساسه..
أمريكا دولة ديمقراطية، لكنها ككل المنظومة الغربية ديمقراطية داخليا، أي إن
ديمقراطيتهم لأجل مواطنيهم، لا تشمل الآخرين في الدول الأخرى، هي أخلاقية ضمن
حدودها فقط، وجرائم أمريكا في العراق وفي غيره، وجرائم فرنسا التي لا تعد ولا تحصى
والى الآن في إفريقيا وغيرها معروفة.
ما كان ينبغي ان نقف
عنده ونتأمل فيه هو مقارنة ما حصل ويحصل عندنا بما حصل في أمريكا، فمقتل شخص واحد
على يد شرطي زلزل الأرض ودفع الجماهير لتخرج الى الشارع للتنديد بما حصل، ورغم ان
رد الفعل كان عنيفا من حرق الى نهب محلات تجارية إلا إننا لم ولن نجد تنديدا بموقف
أبناء هذه المدينة من جهات أخرى أو مدن أخرى، فمن العار ان تقف ضد مظلوم في موقف
كهذا.
شعور عال بالمسؤولية
تجده عندهم دفعهم لهذا الموقف القوي لأن مواطنا أمريكيا قتل، وعندنا قتل ما يقارب 800
شابا كحد ادنى (لا أثق بالتقديرات الحكومية واعتقد ان العدد الحقيقي اكبر) وأصيب
ما يقارب 25 الفا بجروح وفيهم كثيرون حصلت لهم إعاقة، ومع ذلك لا زلت تجد عددا
كبيرا من الأشخاص الى الآن يتهجمون على المتظاهرين ويبرّرون قتلهم، والى الآن تجد
من يدافع عن القتلة وعن اللصوص، وحتى الآن لا يجرؤ أحد منا على تحديد الطرف الثالث
رغم إننا كلنا نعرفه لأن القانون بيده، والسلطة بيده.
0 تعليقات