عز الدين البغدادي
تحتل نظرية الإمامة أهمية كبرى في الفكر الإسلامي، سواء من الناحية
التاريخية أو العقدية أو الفقهية، ومن قديم قال الشهرستاني في كتابه: ”المِلل
والنِّحل”: وأعظم خِلاف بين الأمة في الإمامة، إذا ما سُلّ سيْفٌ في الإسلام على
قاعدة دينية مثل ما سُلّ على الإمامة في كلّ زمان.
النظرية ليست شيعية فقط، فهي تأخذ موقعا مميزا عند كل المذاهب الإسلامية
إلا أنها عندنا نحن معاشر الشيعة الامامية تحتل مكانة خاصة، بل هي المسألة
الجوهرية التي ميّزت هذا المذهب حتى أخذ اسمه منها. إلا أني اعتقد بأن نظرية الإمامة
عند الشيعة تم تحميلها بأمور ليست منها في شيء، بل هي من إضافات الغلاة وغيرهم من
الكذابين.
بتعبير آخر: إن نظرية الإمامة تتكون من جزئيين: أصول وزائد، واعتقد أن
الأصول ليس فيها إشكالات كبيرة أو خطيرة، إنما الإشكالات في الزوائد التي الحقت
بها والتي يناقشها هذا الكتاب.
لست بالتأكيد ممن يدعو الى التنازل عن بعض الأفكار للحصول على قبول من
الطرف الآخر، وموقفي في ذلك واضح في كتاب "المهدي المنتظر" وأيضا كتاب "المتعة"
(وهو كتاب وإن لم يكن يتعلق بالإمامة بالتأكيد إلا أنه يتعلق بقضية تفرد بها
الشيعة الإمامية تقريبا).
أنا اعتقد أن ما علينا أن نفعله هو أن نتعامل مع الموضوع وفق منهج علمي،
وفق طبيعة الأشياء وسنن التاريخ، وأن لا نقوم بعملية خلط كتلك التي تستعمل كثيرا
في الجدالات الدينية. لا سيما وأن واقع الحال بين لنا بأن كثيرا من هذه الأفكار لا
تعيش في عالم المفاهيم فقط، بل لها تأثير كبير في فهمنا وتعاملنا الواقعي وأيضا في
رؤيتنا الى الآخر.
هناك مسألتان هامتان لم يتم التطرق إليهما في هذا الكتاب، وهما مسألة "المهدوية"
ومسألة "العصمة" رغم أنهما تمثلان عقدتين هامتين في النظرية الامامية ـ
والسبب هو أن الأولى تمت مناقشتها بكتاب مستقل "المهدي المنتظر بين الرأي والأثر"
والثانية يوجد مشروع كتاب لا زالت مادته مبعثرة وأرجو أن أوفق لإكماله.
الكتاب لم يتم بعد، وربما يحتاج الى بعض الوقت لإتمامه، والغرض منه مناقشة
نظرية الامامية في المدارس:
السنة، الشيعة، المعتزلة والخوارج. وهي المدارس الرئيسة في الفكر الإسلامي
في نظرية الإمامة.
وربما لا يخفى على كثير من المهتمين بالفكر السياسي الإسلامي أن هذه القضية
لا زالت تأخذ حيزا هاما في الفكر السياسي الإسلامي السني عند الجماعات الإسلامية
لا سيما تحت عنوان "إعادة الخلافة".
البحث يكشف عن مشكلة يعاني منها الفكر الإسلامي وهو النمطية وإعادة
المعادة، وعدم ممارسة نقد على الأفكار القديمة، فضلا عن التعامل مع الواقع عبر
أفكار جامدة وقوالب ثابتة.
قد اخترت أن استعير عنوان كتاب للعلامة الحلي في قضية الإمامة، هو "منهاج
الكرامة في معرفة الإمامة" وهو الكتاب الذي الكتاب الذي حاز اهتماما كبيرا وآثار
جدلا اكبر عندما كتب ابن تيمية رده عليه في كتاب معروف سماه "منهاج السنة
النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" الذي جانب فيه الإنصاف كثيرا. والذي
ردّ عليه عدد من الأعلام منهم السيد سراج الدين حسن بن عيسى اليماني تحت عنوان "إكمال
المنة في نقض منهاج السنة" والسيد مهدي الكاظمي في كتابه "منهاج الشريعة
في الرد على منهاج السنة"
العلامة الحلي كان قد كتب هذا الكتاب للسلطان المغولي الصالح محمد خدا بنده
بن أباقا خان بن هولاكو، وهو الذي سبب تشيعه مع عدد كبير من خواصه وأتباعه.
0 تعليقات