علي الأصولي
دخل آية الله العلامة
الشهيد فضل الله النوري - رحمه الله - مشاكل سياسية مع النظام القاجاري آنذاك. حيث
أراد النظام ان يمرر مشاريعه السياسية الغاشمة في ظل التصدي الكبير الذي أبداه
الشيخ الشهيد فضل الله النوري ابن اخت الشيخ الطبرسي صاحب - المستدرك -
إلا أن ضاق النظام
ذرعا من معارضة الشيخ النوري مع تحريض مبطن من جهات اخوندية ضد الشيخ وكونه من
المشاكسين في الساحة الإيرانية. قرر النظام القاجاري تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ
على الملأ.
وجاءت ساعة الشنق
لآية الله الشيخ فضل الله النوري. بعد إجراء محكمة صورية لذر الرماد في العيون.
بينما تجمهر الناس
وهم قطاعات كبيرة ما بين الاستضعاف والتشت في القيادة الدينية. بينما تجمهورا
لمشاهدة المهزلة وبينهم وبين منصة الشنق رجال شرطة القاجار. تم احضار الشيخ الشهيد
بعمامته البيضاء وعباءته وكان ماسكاً بيده عصاه ومحاطاً بالمأمورين .. يمشي مشية
الصامدين ثابت الأقدام مطمئن النفس مرتاح البال. هكذا وصفه خصومه !
وقد نقلوا تلك
اللحظات كما يلي : القي الشيخ النوري نظرة على الناس المتجمهرين ، ثم نظر الى
السماء وتلا قوله تعالى ( وأفوض أمري الى الله ان الله بصير بالعباد ) ثم خطا نحو
المشنقة .. وكان الوقت ساعة ونصف قبل غروب الشمس من اليوم الثالث عشر من شهر رجب
سنة ( ١٣٢٧ ) للهجرة ، يوم ميلاد الإمام علي أمير المؤمنين (ع) وفي الأثناء عصفت
رياح شديدة وكانت لحيته البيضاء الطويلة تجاذبها الرياح يمنة ويسرة ، ولكن الشيخ
البالغ من العمر سبعين عاما لم تحركه رياح الهزيمة سياسية كانت أم طبيعية.
وفجاءة نادى الشيخ خادمه من بين الناس ، واسمه (
ناد علي ) فاخذ يشق صفوف للناس حتى أوصل نفسه الى الشيخ وقال : نعم سيدي فخمد ضجيج
المتجمهرين ، لينظروا ماشان الشيخ مع خادمه ، فراوه قد ادخل يده في جيبه وأعطى
خادمه ( ختمه ) الذي كان يوقع به رسائله وبياناته فأمره ان يكسر الختم كيلا يقع
بعد شنقه بيد أعدائه فيزورن به آراءه ومواقفه للناس ولمن يأتي من بعده انه حقاً
لمن المواقف البطولية الفريدة من نوعها . فنفذ الخادم طلب الشيخ أمام عين الشيخ ومرأى
الناس. عند ذلك رمى الشيخ بعصاه على الارض. ثم خلع عباءته السوداء الرقيقة الصيفية
ورماها أمام الناس. ثم اركبه الشرطة على ظهر بغلة استعداداً للشنق فاخذ يخطب في
الناس عشر دقائق .. فمما قاله لهم ( الهي اشهد إنني قلت للناس مالزم لي قوله. الهي
كن شاهداً إنني أقسمت للناس بقرائنك الكريم .الهي اشهد لي في هذه اللحظات الأخيرة
فاني اكرر قولي لهم ، ان القائمين في هذه الحكومة أناس ليس لهم دين ، ولقد أضلوا
الناس بدعاياتهم ان أساس هذه الحكومة مخالف للإسلام ، وليبقى الحكم بيني وبينكم
عند النبي محمد بن عبد الله (ص) وهنا اخذ الشيخ عمامته ورفعها بيده يلوح بها أمام الناس
وهو يخاطب العلماء : انه إذا سلبوا مني هذه العمامة ، اعلموا أنهم سوف يسلبونها
منكم يوماً.... ثم رماها الى الناس . وفي هذا الأثناء وضعوا حبل المشنقة في رقبة
الشيخ ، وحركوا البغلة من تحته ورفعوا الحبال ، فأصبح الشيخ معلقاً مشنوقاً ، وهبت
الرياح بشدة مرة أخرى وارتفع الغبار من الأرض وكان الجو حاراً والناس تتصببً عرقا.
يضيف راوي هذه اللحظات ، إننا رأينا فيما بعد كيف ابتلي كل من ساهم في هذه الجريمة
، فتورط في مشاكل لم يحسب لها حساباً من قبل !
هذه القصة فيها شبه
كبير فيما لو قارنا المشاكل السياسية التي خاضها الشهيد السعيد محمد محمد صادق
الصدر مع النظام الصدامي. حيث كثرة الأعداء والمناؤون وتربص الخصوم. فإذا كان خصوم
الشيخ النوري لاقوا حصاد ما زرعوه في طريق صاحبهم. فقد سلب الله توفيق خصوم من نال
من الشهيد الصدر قولا وعملا. والعرف بأفقكم !
0 تعليقات