هاني عزت
بسيونى
الفنّ هو صياغة
المعنى فيما وراء اللغة ...
وسيلة التواصل حينما
تفشل اللغة في تفسير ووصف محتواها .. القوة الناعمة التي تعبر كل الحصون ..
الفن رسائل تتجاوز
حدود الزمن واللغات ، فهو ينشد الإنسانية المشتركة ويصل المجتمعات البائسة
واليائسة ببعضها بعضاً ، ولربما لو انخرطت جماهير أوسع بالتقاليد الفنية العالمية
المتنوعة لتولد المزيد من التسامح والاحترام المتبادل بين الشعوب ...
الفن عنوان الحياة من
رائحة الماضي وعيون المستقبل بما يحمله من صور تتعارف لكل جيل من كل جيل يبحث عن
الحقيقة ..
الفن غذاء في
الموسيقى والشعر والكوميديا والدراما والرقص والأدب والإعلام ... الى فنون ترسيم
زهور الحدائق ..
الفن نبراس لوجود
معنى يلحظه عشاق الفن ، فلا أحد بمن فيهم نقاد الفن ينبغي أن يملي على الناس ما هو
الجمال من عدمه فعالم الفن قائم على صراع مستمر ما بين الحفاظ على الذوق الخاص
وتعزيز القبول الجماعي .
ولأن ما يعبر عنه
الفن وما يبثه هو في جزء منه فوق كل وصف فإننا نجد انه من الصعب تحديده أو ترسيم
معالمه ...
الفن يعبر عن تطور
الحضارة والرمزية المميزة لكل عصر وهو صوت الأمة إن كان بصدق ويقود ويعكس ويعرّي
التغيير في السياسات والأخلاق لأنه حجر الأساس في عملية خلق الثقافة ..
فخلق الأفكار بالفنون
مشروط بالثقافة ، ولان الفن جائش بالفكر دافق بالأفكار فإنه لا يمكن فهمه تماماً
بمعزل عن سياقه .
الفن هو القوة التي
تنتصر دوماً عبر الزمن ، لان يشكل وجدان الشعوب والأمم .. لكنه اليوم وللأسف جاف
مجوف حين أصبح معيار قياس جودته في فراغ كل شيء ، ومقدار نجاحه "عنوان تجاري
بحت" في قياس ما يحققه أداء أو عمل فني ما ، وانحدرت جودة الفنّون إلى توصيف أرقام
مبيعات للكتب أو أعداد المشاهدات أو كمية التحميل لتسجيل ما على اليوتيوب !..
وأصبح من المحزن
حقيقة ضياع إمكانية العثور على الجمال في الفن من هذا كله ؟
إن غرض الفن الرئيس
هو تعويضنا عن الشعور بالنقص النفسي وإسكات هواجس عدم الكمال ، فالفن أداة معقدة
تملك إمكانية توسيع قدراتنا وتعزيزنا بقدرات أكبر ، فإن كان الجمال محصلة عملية
نحصل من خلالها على أحاسيس الرضى والسرور فمن الأفضل له أن يظل مسألة إدراك شخصي
حتى وإن نادت قوى خارجية بالسيطرة عليه ، وبتعبير آخر ... لا أحد بمن فيهم نقاد
الفن ينبغي أن يملي على الناس ما هو الجمال من عدمه ، فعالم الفن قائم على صراع
مستمر ما بين الحفاظ على الذوق الخاص وتعزيز القبول الجماعي ... بكل صراحة أصبحنا
نفتقر ونفتقد ذلك العالم الرائع الذي كان مليئاً بكل تلك الفنون .. فنون الزمن
الجميل .. رحم الله تلك الأيام التي نفتقد الآن ..!
0 تعليقات