محمود جابر
فى حديث متكرر حول فكرة الدين، وموضوع الرسالة والرسل، كان عليٌ هو النموذج
الذي اتخذته فى الحديث للدلالة على النموذج ...
وعلينا أن نبدأ خطوة خطوة بعيدا عن التعريفات الأكاديمية أو الخلافية ... وسنبدأ
من فكرة الدين ..
الدين هو منظومة يتشربها الإنسان تحدد سلوكه وعلاقاته، وتصوراته حول الماضي
والمستقبل والكون غير المنظور...
فالسلوك هو الأخلاق، والعلاقات هي القانون، والتصور وما يخص المنشأ
والميعاد والخالق والعوالم غير المنظورة فهذا هو الدين .
أما لماذا بعث الله الرسل... فالله تعالى اختار أو اصطفا من البشر أفضلهم
عقلا وعلما واستعداد نفسيا حتى يكون نموذجا للتعليم البشرية، حتى يكون المعلم من
جنسهم، والمعلم من خلال الوحي يتلقى معارف جديدة من خارج المنظور الكوني المنظور
لغيره وفقا لاستعداده النفسي والعصبي، هذا المعلم أو الرسول ينتجب جماعة أخرى حتى يجعل
منهم نموذجا بشريا، متشربا للتعاليم الدين – وفق للتعريف والشرح أعلاه .
ولهذا نجد لكل نبي أصحاب وآل ونجباء وحواريين .....
وبعض من هؤلاء الأنبياء كان لديه نموذجا متفردا، كما كان يوشع بن نون لموسى
مثلا....
النبي محمد صلى الله عليه وآله ابن بيت موحد، مؤمن يعرف أهله القيم والأخلاق
– السلوك – ويعرف أهله صياغة التعامل مع الآخرين – مصفوفة القوانين الناظمة
للمجتمع، وهم أيضا كانوا فى ارتباط من السماء من خلال تحنثهم وتعبدهم فى غار حراء
.
النبى محمد الوليد نشأ فى هذا الجو وتشرب معارفه التى كونت خلفيته المعرفية
والكونية والروحية، وكان فتى يشار له بالبنان، وشابا يعرف خلقه القاصي والداني،
وظل على هذه الحالة يتطور فى سلم الخلق والمثاليات والتهذيب إلى أن بلغ الأربعين
من عمره، ثم جاءه وحى السماء بالرسالة .
التطور الخلقي الذى صنعه البيت الهاشمي لولده من خلال الجد عبد المطلب
والعم أبو طالب الذي كان أنموذجا لوالده الراحل، والذي رأى فى محمد امتدادا طبيعيا
للأسرة هكذا كانت نظرة الجد ونظرة العم، ومحمد كان عليه أن يأخذ ناصية الفعل فى
البحث عن أنموذجا مثله، فوقعت عينه على ابن عمه الصغير على بن عمه أبا طالب ...
فالصبي هو ولد هاشمى وهو متجاوز لكونه ابن عمه، لان أبو طالب هو من تولى
رعاية محمد صبيا وفتى وشاب، ثم رجل، نهل محمد من أخلاق عمه، ومن زوجته عمه التى
تعتبر عمته فاطمة بنت أسد الهاشمى هى الأخرى، خلق العم وزوجه اخذ بمحمد إلى سلم
العلو الخلقى ... وبالتالي فقد مثل بيت أبو طالب النموذج المثالي لمحمد لصناعة أنموذجا
...
وللحديث بقية ...
0 تعليقات