حسناء علي
فعليك قبل الدخول في
حرم إبراهيم عيسي نفض غبار معتقداتك الموروثة.
فهي رواية تحمل من
الحياد و الجرأة في سرد تاريخنا "المقدس" بشكل أدبي راقي وعنيف في آن، فاختلاط
العمل الأدبي بالمقدس يشعرك بمشاعر مضطربة ومختلطة ولكنها علي كل الأحوال ايجابية.
قد تكون الأحداث غير
جديدة علي القاري، لكن تجربة قراءتها بسرد أدبي يشعرك بأنك تقرأها لأول مرة، فهي
تعيدك لنفس المشاعر الأولي التي قرأت بها أحداث هذه الحقبة الحساسة من تاريخنا،
ولكن بمزيد من الشغف والتوقف والتأمل في كل شخصية.
أن الغوص في أعماق
الشخصيات وتفاصيل الأماكن والأحداث والحوار الدائر بين الشخصيات أو داخل كل شخصية،
سينقلك بكل وعيك إلي داخل الحدث.
تدور أحداث الرواية
بين يثرب ومكة والعراق والشام ومصر، في الفترة ما بين نهاية حكم الخليفة الراشد
الثالث وحتي استشهاد الخليفة الرابع، وهي الفترة المليئة بالفتن والمؤامرات
والتحالفات والحروب التي شقت عصا الجماعة حتي وقتنا الحالي.
شخصيات الرواية من
الصحابة الأوائل والتابعين وأمهات المؤمنين تجعلك تشعر بالحذر وتتحسس خطواتك داخل
الرواية.
وصف تفاصيل المدن
العربية بدقة وإبداع مصور مُحب يجعلك تصرخ كم هي جميلة بلادنا لولا ما اقترفته أيدينا.
فببساطة اعترف أن إبراهيم
عيسي يستطيع أن يأخذك من يدك ليلقي بك في ساحة المعركة متخطيا الزمان والمكان ،
وكأنه شاهرا سيفا فوق عنقك أن لا يرتد طرفك.
فتارة أغمض العيون من
تراب المعارك لافتحها علي نخيل العراق السامق . ثم أعود لأُرخي الجفون وأنا استنشق
ياسمين الشام الذي لا يفارقني حين أطير شوقا لتنسم عليل الفسطاط .
أتوجس التسكع في شعاب
مكة بينما يأخذني الحنين بأرجل مرتعشة الي المدينة .
ثم أعود من الواقع
الي واقع ليس بمختلف كثيرا، وبرفقتي سؤال : كيف لهؤلاء البشر أن يختلفوا علي "عليّ"
؟!
0 تعليقات