د. هبه جمال الدين
قبل التطرق للمقال سأطرح على القارئ بعض التساؤلات
المهمة:
- هل تعلم أن الموساد الإسرائيلي اصدر كتاب عام
2015 يسمى "مهمة الموساد في جنوب السودان" ليؤصل لجهود الموساد في
الانفصال؟
- ما هي مخططات تقسيم وتفتيت السودان وفق مخططات
كبار الباحثين الصهاينة بالولايات المتحدة وإسرائيل؟
- هل التطبيع فقط هو ما تريده إسرائيل من السودان
الآن؟
- ماذا تعني الدعوة بعودة اليهود الذين عاشوا
بالسودان إلى السودان رغم أن أصولهم بالأساس غير سودانية؟
- هل عودة اليهود أمر قاصر على السودان أم أنه
مشروع صهيوني أكبر ؟ وما الغرض منه؟
- ما هي الولايات السودانية المتحدة وما علاقة ذلك
بإسرائيل؟ وما علاقة ذلك بصفقة القرن؟
- لماذا تدخل السودان ضمن صفقة القرن رغم أن
إعلانها مرتبط بالقضية الفلسطينية بالأساس؟
- هل سد النهضة والتعنت الإثيوبي والوساطة
الأمريكية ومحاولات إثيوبيا للوقيعة بين مصر والسودان أمر مرتبط بصفقة القرن أم أن
ذلك إدعاءات تطرحها نظرية المؤامرة؟
بعد طرح هذه التساؤلات سأبدأ بطرح عدد من
المعلومات والأفكار التي تحاول الاقتراب من هذه التساؤلات لتبسيط الصورة إلى
القارئ الكريم.
التساؤل الأول- هل تعلم أن الموساد الإسرائيلي
أصدر كتاب عام 2015 يسمى "مهمة الموساد في جنوب السودان" ليؤصل لجهود
الموساد في الانفصال؟
أصدر جهاز الموساد الإسرائيلي كتابا يفتخر خلاله
بما أسماه "الانتصار الإسرائيلي" في انفصال جنوب السودان عن دولة
السودان. وتضمن الكتاب ملامح وابعاد الدور الإسرائيلي وأبرز الأدوات التي
استخدمتها إسرائيل في انفصال جنوب السودان التي بدأت من ثلاثينيات القرن الماضي
بدأ بشكل مقبول عبر إرسال قافلة إنسانية شملت أدوية ومواد غذائية لتكون بداية لكسب
الثقة ومعرفة طبيعة المجتمع وسرعان أن بدء الموساد في الستينيات يرسل صفقات أسلحة
إسرائيلية للجنوب عبر الأراضي الأوغندية ثم الإثيوبية وقامت إسرائيل بتدريب
المتمردين في أوغندا وكينيا وإثيوبيا. بل أن حركة (أنيانيا) الانفصالية قد تمت
بفضل ثلاثة ضباط من الموساد الإسرائيلي منهم إيلي كوهين المستشار السياسي
للانفصاليين. ووصل الدعم إلى انتقال بعض ضباط القوات الخاصة الإسرائيلية لتدريب
الانفصاليين بحنوب السودان أثناء خدمة السفير الإسرائيلي أوري لوبداني سفير
إسرائيل في أوغندا وإثيوبيا.
كما أنشأت إسرائيل مدرسة لتخريج الكوادر العسكرية
لقيادة فصائل التمرد واشتركت عناصر إسرائيلية في المعارك لنقل خبراتهم للجنوبين.
وفي أواخر السبعينيات إلى الثمانينيات مدت إسرائيل
جون جرانج بأسلحة متطورة بل ودربت 10 طيارين على مقاتلات خفيفة والتقطت القوات
الحكومية بالأقمار الصناعية وسلمتها للانفصاليين، بل وأرسلت إسرائيل بعض قادتها
العسكريين لوضع خطط القتال بجوار الانفصاليين. وفي أواخر التسعينيات مولت إسرائيل
الانفصاليين بمبلغ 500 مليون دولار لتقوي موقفهم خلال تفاوضهم مع الحكومة المركزية
الشمالية. وجاء عام 2003 لتكشف إسرائيل عن أهم ادوار يهود الفلاشا في الصراع حيث أرسلتهم
كقوات محاربة بجانب جارنج مستغلة الملامح الشكلية المتشابهة.
واستخدمت
قوتها الناعمة مع الولايات المتحدة لدعم الانفصاليين حيث أعلنت عن استعدادها لإرسال
قواتها المتواجدة في ارتريا وكينيا للتدخل في السودان لحماية الجنوبيين.
ومع عام 2011 أرسلت إسرائيل ممثل لها في مراسم
استقلال جنوب السودان وكانت أول دولة اعترفت بجنوب السودان بعد الولايات المتحدة
والاتحاد الأوروبي بعد يوم من إعلان استقلال الدولة.
السؤال هنا هل الدعم الإسرائيلي كان لصالح جنوب
السودان الإجابة لا لأنها غزت الفرقة والانقسامات حول الموارد بل والآن تصنف جنوب
السودان الدولة الهشة رقم 3 على مستوى العالم وفقا لتقرير صندوق السلام الصادر من
واشنطن عام 2019. فكان ما هدفت إليه اقتناص الجزء الأكبر من ثروات السودان، وهذا
ما تم عام 2013 حيث بدأت في استغلال ثروات الجنوب ونهبها عبر توقيع معاهدات مع
شركات إسرائيلية في مجال البترول والاستفادة من بترول جنوب السودان.
من هنا يتضح أن السودان وثرواتها كانت ومازالت أحد
أهم مآرب إسرائيل.
التساؤل الثاني- ما هي مخططات تقسيم وتفتيت
السودان وفق مخططات كبار الباحثين الصهاينة بالولايات المتحدة وإسرائيل؟
تأتي مخططات الخبراء والساسة ومراكز الفكر
الإسرائيلية والأمريكية للسودان في إطار مخططات موسومة لاستهداف كافة الدول
العربية فجميعها تستهدف عبر آلية التقسيم والتفتيت بدعاوي تقرير المصير واستخدام
ملف الأقليات والطوائف العرقية ومن أبرز تلك المخططات مخطط برنارد لويس المفكر
الصهيوني مستشار الرئيس الأمريكي بوش الأب الذي نشر كاملا حيث استهدف تقسيم كافة
الدول العربية ومخطط عوديد بينون –الباحث الإسرائيلي- عام 1982 وكلاهما اتفقا على
أن مستقبل السودان هو التقسيم واقترح الأول تقسيمها لأربعة أقسام "دولة
النوبة عاصمتها أسوان، دولة السودان في الوسط، دولة دارفور، ودولة جنوب
السودان" وعوديد كان نفس السيناريو ولكن بدون دولة دارفور. ومع مخططات
التقسيم لكن المنطقة الوحيدة التي شهدت نجاح لتلك المخططات كانت السودان عبر
انفصال جنوب السودان الذي شاهدنا الدعم الإسرائيلي له.
ومؤخراً سمعنا عن استغلال النزاع حول حلايب
وشلاتين وإقامة مخطط يسمى بـ "مملكة الجيل الأصفر" لإثارة خلفات كامنة
لبداية التجزئة والتقسيم والتفتيت بدعم أمريكي صهيوني بالأساس.
هنا قد يعلي البعض الادعاء بأن السودان يجب أن
تتخلص من كونها عربية لتعلي افريقيتها كما ينادي أنصار الولايات السودانية
المتحدة، ولكن هذه المخططات ليست لكونها عربية. فالدول الإفريقية متنازعة ومتناحرة
ويستخدم الغرب "حق تقرير المصير" لإثارة النزعات والمخططات وهذا بسبب ما
تمتلكه من موارد طبيعية تعتبر ثروة لا تقدر بثمن فلا ننسي امتلاك السودان الموارد
والنفط والتربة وما تحتويه من ثروات في باطن الأرض. علاوة على موقعها الجغرافي
المتميز والاهم وجود نهر النيل الذي تعتبره إسرائيل إرثا لها بحكم خرافة "أرض
إسرائيل الكبرى" ومن ثم عروبة السودان ليست سبب الأطماع فيها.
التساؤل الثالث- هل التطبيع فقط هو ما تريده
إسرائيل من السودان الآن؟
كان لقاء البرهان – رئيس المجلس السيادي الحاكم
بالسودان- مع نتنياهو في فبراير 2020 بأوغندا بداية للكشف عن مرحلة جديدة من
العلاقات بين السودان وإسرائيل، تلاه الإعلان عن فتح المجال الجوي السوداني
للطيران الإسرائيلي للعبور الأمر الذي كان متوقفا من ستينات القرن الماضي.
مما دفع الكثيرون من السودانيون والفلسطينيون
والعرب بانتقاد السودان ليس بسبب التقارب فقط، ولكن التوقيت بالأساس الذي تزامن مع
الإعلان الأمريكي عن صفقة القرن مما جعل البعض يصف الأمر بأنه طعنه في صدر القضية
التي دعمتها السودان دوما.
ورغم ذلك كانت الصحف الإسرائيلية تنظر لما تم بأنه
تقدم زائف لأنه لم يتبعه تطبيع للعلاقات حيث رهن البرهان التطبيع بقرار الشعب الأمر
الذي وصفه البعض بأنه دعايا انتخابية لنتنياهو ليس أكثر. كعادة الصهاينة يطمعون في
كل شئ.
هنا قد يتسأل القارئ إذن ما يريده الصهاينة هو
التطبيع فقط فما إذا المشكلة خاصة أن السودان لا تربطها بإسرائيل أية حدود مشتركة؟.
أولاً إسرائيل لا تريد فقط التطبيع وإنما ما هو
أبعد من ذلك، وهذا ما اطرحه فيما بعد "فلتتذكروا تقسيم السودان ونهبها لموارد
الجنوب". أيضاً على السودانيون ألا يتناسوا هويتهم وادعوا القارئ للإطلاع على
كتاب العودة إلى مكة لضابط الموساد الإسرائيلي "أيفي ليبكن" الذي تحول لإيديولوجية
حزبه الجديد Bible Bloc حيث
يهدف لهدم الكعبة لأنها سبب تطرف المسلمين وتفكيرهم الضيق، بل وتضمن الكتاب إدانة
للمصريين حيث كان القطر المصري يضم القطرين السوداني والمصري معا. علاوة على
كراهية للفراعنة المصريين والسودانيين وتحميلهم عبء ما فعله فرعون في أهل موسي
عليهم دفعه ليوم الدين فلا تسامح وإنما الدم والخراب هو مصير الشعبين وأن هذه
العقيدة تورث للشعب اليهودي ليوم الدين.
خاصة أن إسرائيل ترغب في تفتيت كل دول المنطقة
العربية ثم الإفريقية وتقسيمها لتكون دولة الأقليات الأولي في المنطقة لتجمعهم تحت
اتحاد يسمى بـ "الولايات المتحدة الإبراهيمية" كما طرحته جامعة فلوريدا
عام 2015 كمدخل لإقامة اتحاد فيدرالي تحكمه إسرائيل وتركيا يتحكمون خلاله مركزيا
في موارد المنطقة التي ستبدأ بالشرق الأوسط ثم القارة الإفريقية وتتضمن الخطة النص
على الموارد الأبرز المستهدفة على سبيل الذكر لا الحصر "النفط- الماء-
الغاز" وسنكون جميعا عبيد وخدام لدي الصهيوني والعثماني المحتل يتحكمون في
مصيرنا وأولويات حياتنا وقد بدأت تركيا بالفعل بالاقتراب من السودان خلال التواجد
في سواكن كبداية لتحقيق المخطط والحلم العثماني.
التساؤل الرابع- ماذا تعني الدعوة بعودة اليهود
الذين عاشوا بالسودان إلى السودان رغم أن أصولهم بالأساس غير سودانية؟
فاجئنا وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني نصر
الدين مفرح، المنتمي لحزب الأمة بتوجيه الدعوة لليهود الذين كانوا يعيشون بالسودان
وسافروا منها في الستينات والسبعينات للعودة للسودان والمشاركة في اعماره. هنا على
القارئ أن يلحظ انني لم اذكر اليهود من أصل سوداني لأن اليهود الذين كانوا يعيشون
بالسودان لم يكونوا من أصل سوداني وإنما أتوا من خارج السودان من اسبانيا، والمغرب
ومن مصر ومن لبنان .. أي إنهم ليسوا منحدرين من أصول سودانية لذا فالدعوة تبدوا
غريبة وتذكرني بدعوة القيادي الاخواني عصام العريان ولا اقصد هنا المماثلة ولكن ما
اقصده هو أنا الدعوة أمر ممنهج بفعل قوى خارجية هنا سأعود للإجابة على السؤال ماذا
تعنى الدعوة الآن وهل هى أمر عادي أم له أبعاد أخرى تقتضي النظر والتدبر لها.
بالفعل علينا أن نعي أن دعوات عودة اليهود لا تتعلق
بالسودان وحدها فهو مخطط صهيوني يتم في أكثر من دولة لإثبات دعاوي زائفة للتأصيل
بأن اليهود هم الشعب الأصلي. ومن ثم يحق له العودة والإدارة والتحكم في الموارد
باعتبارهم أصحاب الحق الأصلي تمهيدا لتطبيق مخطط ارض إسرائيل الكبرى. وتتقاطع هذه
الدعوات مع خطوات روجت لها وزارة الخارجية الإسرائيلية وبعض المنظمات الصهيونية
العالمية أبرزها:
- رفع قضايا تعويضات على كل من مصر والسعودية
وليبيا سابقا للمطالبة بحق اليهود الذين سافروا من الدول العربية بإدعاء تهجيرهم
مرغمين خلافا للواقع ودورهم التخريبي في اقتصاد الدول العربية لصالح إسرائيل قبيل
سفرهم طواعية وتسلمهم المقابل المادي لممتلكتهم التي باعوها
- مشروعات حفظ التراث اليهودي بمختلف دول العالم
بما فيها العديد من الدول العربية بدعاوي توثيق ما يسمى بالتاريخ اليهودي وحينما
نتحدث عن التاريخ اليهودي ينفتح الباب أمام الكذب والادعاء وتزوير التاريخ بدعاوي
زائفة
- إصدار وزارة الخارجية الإسرائيلية لخرائط جينية
تدعي بأن جميعنا مسلمين ومسيحيين أصلنا يهود أي ننحدر من أصول يهودية ومن ثم هم
الشعب الأصلي
- إصدار وزارة الخارجية الإسرائيلية لخرائط
جغرافية توضح أماكن تواجد اليهود بدول العالم المختلفة بما فيها الدول العربية والإفريقية
بالأساس بحكم امتلاكها للموارد والثروات
- المشترك الإبراهيمي كمدخل لقبول اليهود باعتبارنا
أمة إبراهيمية - "بحكم أن سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء"- وأسرة إبراهيمية
واحدة فلا مجال للاختلاف حول الأرض والموارد بل والقبول بالمشترك للاندماج في إطار
جغرافي واحد يحق لمن يمتلك التكنولوجيا التحكم المركزي في الموارد بحجة ندرتها في
ظل تغير المناخ والصراع حول الموارد. وهنا تأتي إسرائيل في المقدمة بحكم تقدمها
التكنولوجي مقارنة بدول المنطقة وهذا ما تروج له خطة جامعة فلوريدا وجامعة هارفارد
"الولايات المتحدة الإبراهيمية" و"مبادرة مسار إبراهيم".
- مؤتمرات دولية ترفع شعار إفريقيا اليهودية الإبراهيمية
كمؤتمر يناير 2019 الذي نظمته جمعية يهود السفارد وجمعية ميمونه بالمغرب وعقد
بنيويورك وتحاول التأصيل لمقولة "الشعب الأصلي اليهودي أصل القارة الإفريقية".
هنا قد يتسأل القارئ قائلا لماذا القلق من تشارك
الموارد في اتحاد فيدرالي اكبر يهدف للتخطيط للمستقبل.
الآن تأتي إجابة السؤال الخامس الغرض ليس شعوب
المنطقة وإنما الوصول بطرق مقبولة لمخطط ارض إسرائيل الكبرى من النيل للفرات. وأن
إسرائيل صاحبة النظرة العنصرية الاستعلائية المستمدة من مقولة "شعب الله
المختار" لن تدع أية شعب آخر خلاف الشعب اليهودي يتقاسم الحياة والموارد وإنما
ستوظفنا كعبيد خدم لصالحها فقط انظروا حال ووضع الفلسطينين منذ عام 1948 حتى الآن
والمكاسب التي اكتسبوها.
أيضاً علينا أن نتذكر وضع يهود الفلاشا الذي
يقتلون بسبب لون بشرتهم فهل نسينا أحداث ميدان تل أبيب 2015 وحادث قتل الشاب 2019
ذو الثامنة عشر سولمون تيكا على يد شرطي إسرائيلي خارج الخدمة بسبب العنصرية التي
تجسدت في دولة بأكملها وقفت بجانب القاتل وروعت بأهل الضحية والسبب كان لون بشرة
القتيل . ورغم أن الفلاشا هم يهود ولكن الصهاينة لا يعتبرونهم يهود مثلهم وأنما
يشككون في يهوديتهم ويستخدمونهم كأدوات يستغلون ملامحهم الشكلية المشتركة مع شعوب
القارة الإفريقية مثلما تم في أحداث انفصال جنوب السودان حيث قاتلوا مع الجنوبين.
وإذا نظرنا لأوضاعهم المعيشية نجدها شديدة الهوان والسوء والسبب لون بشرتهم بالأساس.
التساؤل السادس- ما هي الولايات السودانية المتحدة
وما علاقة ذلك بإسرائيل؟ وما علاقة ذلك بصفقة القرن؟
الولايات السودانية المتحدة هى فكرة يروج لها
البعض على انها نموذج مدني للحياة الديمقراطية التي يحلم بها الشعب السوداني. ولكن
علينا أن نستقرء مقولات المخطط لنعلم إذا كانت نموذجا للحياة أم أنه أمر أخر:
- إقامة اتحاد كونفدرالي يجمع الولايات السودانية:
اي تقسيم السودان أعمالا بمبدأ تقرير المصير وإقامة رابطة تجمع دول مستقلة ذات
سيادة دولية وفقا للقانون الدولي مثل الاتحاد الأوروبي الذي لا يملك سياسة خارجية
موحدة او جيش موحد وإنما تعاون اقتصادي قد لا تلتزم كافة أعضائه بتوصياته
وسياساته. هذا يعني أن التصور يقوم على تفتيت السودان لدويلات صغيرة تتعاون
اقتصاديا فيما بينها "مخطط برنارد لويس او عوديد بينون" لكن تحت مسمى
حديث فلا تذكر الفيدرالية وإنما الكونفيدرالية لتقطيع أواصر الدولة.
- عروبة السودان أمر مرتبط بالثقافة وليس العرق او
التاريخ: هذه المقولة تتوافق مع مقولة الصهيونية حول وصف القومية العربية والشعب
العربي بأنها امر زائف وادعاء فلا يوجد شيء مشترك يجمع الشعوب العربية وتحديث
الشخصية العربية يتم عبر تلاشي الشخصية العربية نفسها هكذا تتبخر الهوية الجامعة
وتظهر دويلات اثنية ودينية على النمط الإسرائيلي. فالهوية العربية هى حديث زائف لا
يعبر عن واقع وإنما عن أوهام كما يقول هودا شنهاف.
- التشكيك في دور الجامعة العربية والمطالبة
بالخروج منها: تتم الترويج للفكرة عبر المطالبة بالخروج من الجامعة العربية
فالسودان لم تستفد كما يدعي أنصار المخطط من الجامعة التي كانت تحابي البشير ، كما
يدعون لذا وجب المطالبة بالخروج من الجامعة العربية. وهنا لابد من الانتباه أن
الجامعة العربية هى الرابطة المؤسسية التي مازالت تؤسس للنظام الإقليمي العربي
والقومية العربية رغم ما يعتريها من ضعف ولكن الخروج منها بداية لتحلل النظام فلا
تتناقض الهوية السودانية الإفريقية مع العربية فالعديد من الدول الإفريقية تعتبر
عضو في تنظيمات إقليمية فرعية موازية كاتحاد السادك والكوميسا وغيرها كما أن
الجامعة العربية لديها العديد من المواقف المساندة لوحدة وبقاء السودان. وموقفها
تجاه السودان هو موقف عادل فهى حريصة عليه كحرصها على كافة دول المنطقة لذا وجب
التدبر والانتباه. والتساؤل لماذا التوافق بين أطروحات الصهيونية وأطروحات
الولايات السودانية المتحدة.
- التعاون مع الدول العربية يتم بشكل ثنائي: نفس
المنطق الصهيوني والاستعماري الرافض للتعاون العربي وإنما الفردية والتعاون
الثنائي كبديل عن الوحدة والاتحاد لتغيب العقل.
- اتحاد دول البحر الأحمر أهم من الجامعة العربية
وأكثر جدوى للسودان: الاتحاد إقامته السعودية بعضوية دول عربية كمصر والدول المطلة
على البحر الأحمر لتنظيم الملاحة به اي لتحقيق النفع العربي وحمايته من الخطر الإيراني
ولكن نظرا لاهتمام إسرائيل بالمنطقة لتقاطعها حيويا مع ميناء ايلات وجب الانتباه
لماذا إعطاء الأولوية للتنظيم ورفض الجامعة العربية وبقائها هل يتعارضان وجودهما
معا. بالطبع لا ولكن ما لا تقبله إسرائيل هو وجود تنظيم عربي قومي مناوئ لمخططهم.
هنا علينا التساؤل حول نقاط التقارب بين الفكر
الصهيوني ونظرته للمنطقة العربية ودعاوي الولايات السودانية المتحدة وإذا استخدمنا
المنهج الشبكي نجد وجود رابط بين إسرائيل والمخطط المطروح فهل هى مصادفة أن يكون
أحد مؤسسي صفحة يهود السودان Jews
of Sudan على الفيسبوك حول أحد مؤسس صفحة الولايات
السودانية المتحدة خاصة أن الصفحة الاولي يشترك المؤسس السوداني مع مؤسسين من داخل
إسرائيل وهما רחל גורגיה راشيل
جوريا و חיים שכנז حاييم شاناز.
وإذا سلمنا بالمصادفة فهل المقصود من الاتحاد
الكونفدرالي للولايات المستقلة أن تكون خطوة للقبول بالولايات المتحدة الابراهيمية
المستندة على وجود ولايات مقسمة اصغر تعجر عن ادراة التحديات التي تقف أمامها ومن
ثم تتجه للقبول بتشارك الموارد وتحقيق الولايات المتحدة الإبراهيمية "صفقة
القرن" التي لم يعلن إلا عن الفصل الأول لها المتعلق بإجهاض القضية
الفلسطينية. وهنا نكون قد أجبنا عن التساؤل السابع.
التساؤل الثامن: هل سد النهضة والتعنت الإثيوبي
والوساطة الأمريكية ومحاولات إثيوبيا للوقيعة بين مصر والسودان أمر مرتبط بصفقة
القرن أم أن ذلك ادعاءات تطرحها نظرية المؤامرة؟
دون أدني تحيز لجنسيتي المصرية التي أفخر واعتز
سأقدم الإجابة بنزاهة كاملة في ظل اعتبارات موضوعية:
- الخلافات بين مصر وإثيوبيا حول امور فنية في
مسألة الملء والتشغيل اوقات الجفاف والجفاف الممتد بمعني آخر لم تعترض مصر على حق
إثيوبيا في التنمية وانما تحرص على ضمان قدرتها على الحياة في ظل ندرة مواردها
المائية خاصة أن مصر تعاني فقر مائي فنصيب الفرد اقل من 600م3 على الرغم من أن
الحد الادني للفرد من المياه المفترض أن يكون 1000 م3 وفقا للبنك الدولي.
- بحيرة ناصر لا تكفي الا عامين من الجفاف وتتشارك
فيها مصر والسودان معا بنسبة 80 : 20 %، والمياه الجوفية بمصر غير آمنة لا يمكن
الاعتماد عليها فهي ناقصة وشديدة الملوحة وغير مستدامة، وتحلية مياه البحر مكلفة
جدا لا تقدر عليها ميزانية مصر للحياة
- إثيوبيا تدعي بوجود وفرة مائية في مصر خلاف
التقديرات الدولية والوطنية وذلك كي تكون ملتزمة شكليا باتفاق المبادئ اي انها
بتعنتها لم تسبب لمصر اية أضرار
- دراسات أمان السد لم تكتمل مما يهدد امن وبقاء
السودان فإذا تم الملئ قد ينهار السد مما يهدد بغرق أراضي السودان ككل حتى الخرطوم
لا قدر الله
- مصلحة مصر والسودان من مصلحة واحدة فلا يوجد
مصلحة للسودان من تعطيش مصر ولا مصلحة لمصر من فقر السودان فنحن نتشارك في الموارد
والتاريخ المشترك والأواصر الاجتماعية
- موقف مصر والسودان تاريخيا وقانونيا موقفا سليما
يحتاج لتضافر الجهد المشترك
هنا علينا التساؤل لماذا تتعنت إثيوبيا ولماذا
التدخل الأمريكي طواعية للتوسط ولماذا التعاطي الإثيوبي في بداية المباحثات ثم
التعنت الإثيوبي في نهايتها، ورفض التوقيع بإدعاء اخذ رأي الشعب في نتائج
المباحثات وهل هذا الأمر له علاقة بصفقة القرن وهذا ما سأطرحه جليا:
- تضمنت خطة إسرائيل 2020 أن تضغط إسرائيل على مصر
لضمان إيصال مياه نهر النيل لها عبر ترعة الإسماعيلية وقد صدرت عام 1993
- صدرت دراسة من معهد دراسات الأمن القومي بجامعة
تل أبيب عام 2018 ترى في التعنت الإثيوبي فرصة كبيرة لإسرائيل لإيصال المياه لها
عبر مصر من خلال إجبار دولتي المصب
- مباحثات فبراير جاءت متزامنة مع إعلان أمريكا
وإسرائيل لتفاصيل صفقة القرن
- مصر لم تطلب من أمريكا التوسط وإنما من البنك
الدولي وتقدمت هي طواعية للتوسط
- يهود الفلاشا وجدوا على منابع نهر النيل واذا عدنا
لمخطط الشعوب الأصلية فيوظفون هذا الادعاء بأنهم كذلك. ومن ثم اذا وصلت لها المياه
ستطالب إسرائيل بحقها في إدارة مياه النهر بحكم أن الشعب اليهودي وجد على منابع
النهر وانها من يمتلك تكنولوجيا ترشيد المورد. ويساعدها في ذلك ميثاق الاتحاد الإفريقي
الذي يعتبر الإفريقي المنحدر من جذور إفريقيا وليس من يحمل جنسية دولة افريقية ومن
ثم يمكن ليهود الفلاشا المجنسين إسرائيليا التشدق بكونهم مازالوا أفارقة وعليه
يتحقق مخطط الولايات المتحدة الإبراهيمية التي تعتبر هى صفقة القرن التي ستبدأ بإجهاض
القضية ثم الاستيلاء على بقية أراضي الدول العربية يليها دول القارة الإفريقية.
علينا أن نعي أن إثيوبيا مدعومة صهيونياً ولنتذكر
جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد رغم اعتداء
إثيوبيا على دول القرن الإفريقي وأخيرا منطقة الشفقة السودانية. فما يحدث امر ليس
ببعيد عن الافعي الصهيونية التي من المحتمل أن نصل لاتفاق مع إثيوبيا اذا تدخلت
الصين مثلا للضغط عليها وبمجرد اكتمال الملء تضرب إسرائيل السد بتوريط مصر أو
السودان عبر استخدام طائرات بدون طيار مكتوب عليها صنع في مصر أو السودان لتغرق
الخرطوم كما فعلت بضرب ارامكو بطائرات بدون طيار مكتوب عليها صنع في إيران ومضروبة
من معسكر أمريكي بالعراق به عناصر استخباراتي إسرائيلية. فالسيناريو قابل للتحقق
مرة أخرى لذا علينا التوحد والانتباه من الأفعى المتحولة التي لا تريد بنا الخير.
هنا لزم على الدولة السودانية والشعب السوداني
العروبي أن يراعي الآتي:
- رفض اية دعاوي بإقامة الولايات السودانية
المتحدة فهى مدخل لتفكيك الدولة
- تجميد دعوة الوزير السوداني بعودة اليهود الذين
كانوا يعيشون بالسودان فهى دعوات تعطي الحق لمن ليس له حقا بالأساس
- المدننة والديموقراطية لا تعني التأمرك ويجب
الانتباه من التوجه أمريكيا لانه في عهد ترامب مرهونا بإسرائيل
- تقوية أواصر السودان بالجامعة العربية
- التوحد مع مصر حول قضية سد النهضة فالصالح
والمصلحة مشتركة
- توعية الشعب بمخططات إسرائيل الهادفة للتقسيم
والتناحر.
وأخيرا لا آخرا إرادة الشعوب العربية هى الممانعة
التي لن يكسرها الصهاينة مهما حاولوا كسرها. حمي الله السودان وحمي الله مصر
والمنطقة العربية ككل.
0 تعليقات