آخر الأخبار

تهافت الفلاسفة




 

علي الأصولي

 

 

ربما من أكثر الأخطاء الفلسفية التي وقع بها بعض الفلاسفة هو ذهابهم إلى - استحالة علم الله بالجزئيات –

 

وهذا الخطأ الفلسفي هو خلاف العقل والوجدان وبطلانه لا يحتاج إلى مزيد بيان، بلحاظ أن علم الله تعالى مما لا يمكن الإحاطة به بحال من الأحوال، فعلمه عين ذاته، فإدراك الذات من المستحيلات ، كما هو مقرر في محله ،

 

وعليه ، ادعاء أن علمه لا يحيط بالجزئيات تحكم واضح ولا دليل عليه لمكان الاستحالة الاحاطية، بل الدليل على خلافه أدل ، وظواهر الكتاب والسنة شاهدة في المقام ،

 

وكيف كان: لا يمكن مقايسة علم الإنسان بعلم الله تعالى ، لان علم الإنسان عرض مفارق ذا كيفية نفسانية أو إضافة أو انفعال ، بينما علم الله عين ذاته ، فلا هو عرض ولا هو مفارق ولا هو كيفية ولا شبه ذلك فكيف ندرك كنهه لنحكم عليه بانه لا يدرك الجزئيات مثلاً؟



نقل الفاضل السيوري في - إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين - ماعن جملة من الفلاسفة القدماء بما حاصله: على أن الله لا يعلم شيئا إلا ذاته فقط وهذا لم يرتضيه أبو علي ابن سينا وحاول أن يقدم رؤية أخرى مفادها : إن الله يعلم ذاته ، وثانيا ، يعلم الكليات لكنه لايعلم الجزئيات.

 

 

وهذا خلاف ظاهر النص الشرعي ، نعم : يرى ابن سينا أن الله يعلم الكليات دون الجزئيات.

 

 

ومن مصاديق الكليات. انه يعلم القضايا الشرطية يعني أن الله يعلم أن النار إذا اشتعلت أحرقت، ولكن هل أن النار مشتعلة أم لا؟ لا يعلم بها الله والسبب في التزام هذه النظرية وهي، عدم العلم الجزئيات هو لتفادي إشكال أن الله ليس محلا للحوادث لأن ما كان محلا للحوادث فهو حادث ، كما هو مقرر في المعقول ، ولذا التزم بنظرية ان الله يعلم بكلي الإنسان لا خصوص وجوده في المكان والزمان ، وهذا الخطأ الذي وقع فيه هو وجمع آخر نتيجة تحليلهم الفلسفي لحقيقة علم الله وأن علم الله بالارتسام والحصول!

 

 

بل حتى من تأخر عن ابن سينا كالملا صدرا ، فانه وقع في نفس الخطأ بعد محاولته لتحليل علم الله ،

نعم: حاول التفص من إشكال عدم علم الله بالجزئيات بلحاظ عدم معقوليته ، ذهب الملا الشيرازي إلى تنظيرات بنفس العلم ، إذ قال: أن العلم قسمان :

 

 

حصولي: وهو الصورة المنطبعة في الذهن ،

 

 

وحضوري: وهو حضور نفس المعلوم لدى العالم ،

 

 

فيكون الأول: علمنا بالمعلوم بالعرض بعد الانطباع الصورة الذهنية ، والثاني: حضور نفس المعلوم لدى العالم،

 

وإذا تقرر هذا ،

 

قالوا : إن العلم الحضوري لا يستلزم في العالم تغيير المعلوم كما هو محذور - محل للحوادث - أعلاه.

 

 

فالحضور بنفس المعلوم بذاته هو عين المعلوم وصورته المنطبعة ، وهذا بناه على نظرية - اتحاد العلم والعالم والمعلوم - أو - اتحاد العقل والعاقل والمعقول - وهذا جوهر نظرية وحدة الوجود ،

 

 

بيان ذلك: أن العلم الحضوري هو نفس المعلوم لدى العالم - مثل الصورة الذهنية التي هي المعلوم بالذات، فالمعلوم بالذات هو هذه الصورة وليس العلم بها صورة أخرى وإلا انتقل الكلام للتسلسل ،

وفيه:

 

أولا: يلزم الا يكون العلم ذات الله وهذا خلاف صفاته عين ذاته وهذا يعني انه ليس بعالم في حد ذاته اذ العلم غير المعلوم والمعلوم غيره فعلمه غيره بالنتيجة وهذا مشكل ،

 

بل ، يمنع بالكبرى : وهو كون الحضور هو ملاك العلم وهذا أول الكلام ، فلا معنى وأخذه كأصل موضوعي في المقام.


إرسال تعليق

0 تعليقات