هادي جلو مرعي
سأكفر بك. بل كفرت.
سأعيش فيك مكرها، فأنت لست وطني. أحببتك
غبيا، وعندما كان يلوح بيديه لملايين الرعاع وهم يهتفون توهمت إنك وطن، أحببتك عندما لم أكن أفرق بين البرد والحر،
ولاأفهم الحلال والحرام، عندما كنت أرى في كل من يعادي البعث وطنيا، ومن يعارض
صدام قديسا، أو ملاكا ينزل وقت السحر ليضع الغطاء الشفيف على جسدي، وأنا مستغرق في
نومي.
كنت أتصورك جنة رغم جحيم صيفك وأصيافك،
وأقول لنفسي الأمارة بالسوء: لابأس، فالجنة يمكن أن تكون دافئة، ويمكن ان تستوعب
الشرفاء والصالحين والعاهرات التائبات، ويمكن أن يدخلها لصوص وقتلة ومتجبرون
لأسباب مرتبطة بالرب،فهو يهدي من يشاء، ويغفر لمن يشاء من عباده.
كنت أحب الحياة فيك، ولاحظ كم تطورت حديثا،
وبدأت افكر في أن الحياة فيك سيئة للغاية، والناس السيئون يزداد عددهم، فكأن السوء
دين جديد يبحث عن أتباع مخلصين، ينشرون الفساد والرذيلة والانحطاط، حتى صار الشريف
يركل بالأرجل، ويضرب بالأحذية، وصرت أجزم أن من يموت عليه أن يقرر قبل موته أن
لايأسف لأنه يغادر الحياة في جغرافيتك، والسؤال هو: على ماذا يأسف الإنسان الذي
يموت فيك؟ فلاشيء يستحق أن نضحي من أجله.
الوطنية الكذبة التي يتشدق بها اللصوص
والمتدينون والمغفلون، والذين لم يكتشفوك بعد، والذين يحتاجون لبعض الوقت ليعرفوا
نسبة الغباء التي تخالطهم، فيتوهمون أنهم وطنيون مخلصون، والحقيقة أنك وطن مصادر
من أغلبية من الهمج الرعاع الذين يرقصون رقصة العبودية ظنا منهم أنها رقصة عصفور
تحرر للتو من قفص كان يقبع فيه، كرهت كل شيء فيك، الأشخاص والأحزاب، الأحرار
والعبيد، الديانات والمذاهب، القصور والأكواخ وأمقت نفسي إنني كنت أعود إليك كلما
عبرت الحدود، وعزائي أن العمر ينحسر، ولم يتبق منه إلا القليل، ولولا إنني مضطر
للذل فيك من أجل بعض من هم برقبتي لكفرت بك.. بل كفرت..
0 تعليقات