علي الأصولي
بين الحسين (ع) والعراق!
لشخصية شريح القاضي عدة تمظهرات على مدى التاريخ الطويل. وفي أحد
ظهورات هذه الشخصية المريبة كان في عهد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) حيث
مرر من تحت عباءته الدينية مقتل الإمام الحسين(ع) وسفيره مسلم بن عقيل (رض) في
الكوفة.
وقصة هانئ المذحجي وأبناء قبيلته - ومظاهراتهم - من المشهورية
بمكان.
فعبيد الله بن زياد ومن هم على شاكلته. لا مناص لهم إلا بوجود
فتاوى دينية شيطانية لتمرير كبرى المشاريع الابليسية.. ولا فتاوى إلا بوجود من هم
على شاكلة شريح!
خلفيات مقتل الحسين(ع)!
بصرف النظر عن الأسباب البعيدة والأساسية التي انتهت بمقتل الإمام
الحسين(ع)
أجد من الضروري التعرف عن كثب بعض الأسباب المفضية لحدوث الفاجعة
في كربلاء العراق. والتي لا يسلط عليها الضوء ( في الجملة )
فمعرفة الأسباب القريبة. يخدم الحاضر والمستقبل لهذا الجيل والأجيال
التي تليه بعد أن عرفنا كون الحسين(ع) - عبرة وعبرة - كما يعبرون.
نعم: من أهم الأسباب. التي أدت إلى المذبحة الفجيعة. هو الانقسام
داخل المجتمع الإسلامي بصورة عامة والكوفي بصورة خاصة. تبعا لقناعات الجماهير
آنذاك الخاضعة بشكل أو بآخر لقناعات شيوخ قبائلهم من جهة ولرجال دينهم - المعتوهين
- من جهة أخرى. وما شكلته عقائدهم المتباينة ورؤاهم السياسية المتقاطعة. مما يسهل
وسهل على اي سلطة مهما كانت هشة كسلطة - النعمان بن المنذر - بإن يوجه البوصلة في
ظل الانقسامات الداخلية.
هذا الانقسام وحدته في ظرف انعدام التواصل الاجتماعي السريع
والمباشر إذ كانت الوسائل الإعلامية الدعوية هي منابر المساجد وإذا اقتضى الأمر
يطوف عليهم الطائف في الأسواق والتجمعات العامة لابلاغ اي - فرمان - يصدر من الجهة
الحكومية. فما بالك ووسائل الاتصال اليوم التي ساهمت بشكل فضيع وهذه الانقسامات
خاصة ودخل المجتمع في عصر التاؤيل بعد غياب المعصوم عن الساحة بشكل فعلي!
ومن هنا تعرف كيف تجهض المشاريع الكبرى وسهولة التشويش على أهدافها
النبيلة. كمشروع الإمام الحسين(ع) أو أي مشروع من شأنه الصلاح والإصلاح الحقيقي.
فالوعي هو أخطر سلاح ممكن أن يساهم بشكل مباشر بإطاحة كبرى الإمبراطوريات.
وبالتالي لا تجد من المنتفعين من هذه الإمبراطوريات - سواء كانت دينية أو سياسية -
إلا محاربة كل ما له صلة بمقولة الوعي خوفا من انحياز الجماهير وتغيير قناعاتها
لصالح دعاة الوعي. والى الله تصير الأمور.
الحسين بن علي (ع) ونظرية الشهادة!
كثر الكلام حول هذه النظرية. وأخذت حيزا واسعا بالأخذ والرد.
والذي أود بيانه هنا، باختصار ما يلي:
تارة نفهم أن هذه النظرية. تعني أن الإمام خرج طالبا للشهادة وما
يرافقها من منازل ومقامات،
ومرة نفهم أن هذه النظرية عبارة عن مخطط سماوي ازلي للقصة
الكربلائية وما جرى من أحداث في العراق كلها من قبيل المسرحية المخطط لها.
وكلا هذين الفهمين ( غلط ) فالإمام (ع) لم يتحرك بدوا لهذا الطلب (
اي طلب الشهادة ) بل غاية ما في الأمر وقع مرتبا وفق سلسلة العلل والمعلولات. ولا
مناص والأقدام على الشهادة بعد استنفاذ كل الطرق الدبلوماسية والوعظية والتذكرية
بل وعرض الحلول للخروج من عنق الزجاجة، إلا أن العدو أصر على أحد الآمرين ( النزول
على الحكم وبالتالي البيعة ليزيد أو الموت صبرا ) وهذين الخيارين خلاف المبادىء
التي عرفت عن خط العصمة وكبرى المصلحة، هذا بالنسبة للفهم الأول. وأما الفهم الثاني.
فيرد عليه: أن مقولة العلم المسبق لا تقع في طول سلسلة العلل بل
الأمر أو العلم ضمن سلسلة معرفة النتائج فحسب.
ومعرفة الشيء لا تقتضي الجبر في الوقوع فيه. كونك تعرف بأن المكان
الفلاني فيه محاذير كبحيرة التماسيح مثلا لا يعني انك مجبور والذهاب إليها. نعم
يمكن الذهاب إليها مختارا عارفا بنتائجها المصيرية وما تحمله من مبادىء.
ومع ذلك تبقى فسحة واحتمال واسع للنجاة من المحذور ولذا نرى أن
الإمام فتح باب المحاورة والوعظ وغير ذلك لوجود ذلك الاحتمال إلا أنه جوبه بالرفض
فلا خيار له إلا اقتحام باب الشهادة. والكلام طويل والى الله تصير الأمور.
الشعور بالإحباط!
ذكر التاريخ أن بعد واقعة كربلاء. ومقتل الإمام الحسين (ع) دخل
الناس مرحلة الصمت العميق. في كل من الكوفة والمدينة ومكة والبصرة. شعورا منهم
بالتقصير تارة واليأس والإحباط تارة أخرى، حتى ارتدت أفواج من الناس بعد استحكام
الإحباط واليأس من التغيير ، إلا أن رجع الناس شيئا فشيئا لحالة التدين.
وهذا ما ذكره الثعالبي في كتابه( ثمار القلوب ج2 )، نقلا ًعن
الوزير عبيد الله بن سليمان ،انه كان يرى أن قتل الحسين أشد ما كان في الإسلام على
المسلمين، لأنهم يئسوا بعد مقتله، فيئسوا من كل فرج يرتجونه وعدل ينتظرونه) انتهى
النقل بتصريف قليل.
نعم: ما أشبه اليوم بالأمس حيث تملك الناس الإحباط واليأس من إي
تغيير حتى رجع الناس القهقرى عن الدين بسبب أدعياء. ولكن بالتالي سوف لا يصح إلا
الصحيح وترجع الناس لحالتها الأولى بعد زوال المانع بل الموانع.
0 تعليقات