آخر الأخبار

الخروج من ثقب إبره عبر تجربة (الحشد العراقى)

 

 

 

 

محمود جابر

 

عاد المأزق اللبنانى يطل برأسه، هذا المشهد الموغل فى الطائفية السياسية والاقتصادية والمناطقية بحكم النشأة والتركيبة الجغرافية والسياسية... ومعادلته تتوازن بشكل أحد من شعرة الحرير وأحد من السيف المسنون، وأى خلل فى هذه الموازنة من شأنها قلب المعادلة رأسا على عقب ....

 

هذه المعادلة يجب رعايتها، وقراءتها لكل من يتعامل مع المشهد اللبنانى سواء فى القراءة أو المعايشة .

 

المأزق اللبنانى الآن فى ان بعض من شركاء الوطن قرروا حرق الوطن من أن ان يحصلوا على حقوقهم ولو على جثته، وهو الموقف الذى سبق للرئيس مشيل عون فعله قبل ثلاثين عاما حينما أصبح رئيس حكومة عسكرية ثانية فى مواجهة حكومة سليم الحص، وحدث ما حدث من حرب أهلية أهلكت الحرث والنسل... واعقبها خروجه من لبنان ثم دخول الاحتلال الإسرائيلي، وميلاد حزب الله ....

 

وحزب الله مهما اختلفت التحليلات السياسية فهو يقف فى المواجهة ضد إسرائيل سواء كان هذه المواجهة مبدئية، أو براجماتية – كما يحلو للبعض أن يراها- ولكن لا أحد ينكر الموقف العدائي بينهما ..

 

حزب الله ابن الأزمة اللبنانية أزمة تفكك الوطن، وعدم قدرته على المواجهة العسكرية مع المحتل، استطاع الحزب خلال عمره القصير أن يثبت انه ابنا شرعيا للبنان وللعروبة وللمقاومة وكلل جهوده فى إخراج وإحراج العدو من لبنان حتى مزارع شبعا.

 

 

كان الحزب يرفض ان يكون شريكا حكوميا، وقبل على مضض ان يكون شريكا فى البرلمان، ولكن الموقف تتطور ليصبح الحزب اليوم صانع حكومة حسان دياب ...

 

هذه الحكومة التى يراها شركاء الطائفية اللبنانية أنها طغت على حقوقهم السياسية، ورغم عدائهم لحزب الله كانوا يحافظون على الشراكة الوطنية بين كتلتي 14 آذار فى مواجهة 8 آذار ولكن كلهما كان حريص على قانون الشراكة ....

 

ولكن هذا القانون تم الإخلال بيه لتدخل لبنان فى معركة صفرية أنتجت حكومات معطلة مصابة بالشلل السياسي حتى جاءت حكومة حسان دياب ....

 

هذا هو المشهد اللبنانى منذ ظهور حزب الله مرورا بتحرير الجنوب وميلاد قوة تسمى حزب الله، ثم مقتل الحرير، ثم الربيع العربى والحرب السورية وحتى الآن ....

 

فى حرب تموز 2006 فى محاولة من السيد نصر الله للضغط على إسرائيل بعدم استهداف الداخل اللبنانى وحفاظا على بلده، هدد العدو صراحة وفى خطاب متلفز بنسف وتدمير ميناء حيفا بقوة تصل لرأس نووى عن طريق إسقاط بعض صواريخ على مخازن الامونيا التى فى ميناء حيفا ...

 

 

ووقتها تراجعت إسرائيل وبدأت تبحث عن طريقة لإنهاء الحرب خوفا من المصير الذى  توعدها به الأمين العام .

 

ولكن فى 2013 حدث ان حطت فينة شحن قادمة من جورجيا متجهة الى موزمبيق تحمل على متنها كمية ضخمة جدا من نترات الامونيا، وأيا ما تكون رواية قدوم الشحنة ولمن ولماذا والى أين وكيف وكل الأسئلة التى يمكن ان تطرح ...

 

الحاصل ان الشحنة بقيت فى ميناء بيروت من 2013 وحتى الآن دون ان ينتبه الحزب شريكا السلطة قبل حكومة دياب، ومنصب الحكومة الحالية أن الميناء يوجد فيه قوة تفجير رأس نووى وهو مشتبك مع عدو لا يبعد عنه سوى بضع كيلومترات وطائراته تجوب الأجواء اللبنانية والسورية، وتستهدف مواقع للحزب ولإيران وحلفاءه من الجيش السوري بشكل شبه يومى....

 

ولا اعرف كيف تغافل السيد أو الحزب عن هذا الأمر ؟!

 

كيف تغافل السيد أن معادلة الطائفية اقتضت يوما أن يكون هناك جيش عميل فى بلده يعمل تحت امرة العدو وحدث هذا بفعل المعادلة التى تحكم لبنان، ثم لما تفكك هذا الجيش وانهزم العدو عاد قادة هذا الجيش العميل ليصبحوا شركاء فى السلطة والحكومة ومفاصل الحكم اللبنانى، وهؤلاء لن يتورعوا عن فعل اى كارثة او مصيبة أو موقف اجرامى من أجل تحصيل ما يزعمون انه حقهم فى السلطة ...

وعليه فإن حزب الله هو من أعطى هؤلاء سلاحا يمكن ان يضعه ليس على رقبة حزب الله وحدة ولا لبنان وحده بل على رقبة الشام ككل وعلى رقبة الأمة العربية جميعا ....

 

فما بات تفجير الميناء يحدث إلا وبدأ هذا الفريق يطالب بالانتداب الفرنسى على لبنان، هذا الانتداب الذى عجزت ان تحصل عليه فرنسا وأمريكا وإسرائيل بالحرب على سوريا طوال أكثر من حمس سنوات ...

 

ولكنها الآن على أعتاب حصولها على هذا الانتداب، وعلى رأس هذا الانتداب نزع سلاح حزب الله !!

 

فإذا تخلى الحزب عن سلاحه فإنه سوف يسلم لبنان للفريق الإسرائيلي، اى ان لبنان سوف تكون تحت الوصايا الإسرائيلية، وان رفض فإنه يشعل حربا طائفية فى لبنان لا يعلم نهايتها إلا الله تعالى .... مع الأخذ فى الاعتبار ما تعانيه لبنان من انهيار سياسي واقتصادي كان قبل التفجير فما بالك بعده؟!!!

 

وارى ان الحل يكمن فى استعارت تجربة الحشد الشعبى فى العراق وان يكون سلاح المقاومة بتشكيلاته وقوته تحت وصاية الجيش اللبناني ... ولا اعتقد أننا أمام خيار أخر أقل ضررا  من هذا السيناريو ....

 

 


إرسال تعليق

0 تعليقات