علي الأصولي
المعروف فلسفيا أن
الماهية تتنوع إلى - جوهر وعرض - ويقع تحت عنوان - العرض - مقولات عالية ليس لها
جنس أو فصل ، وقد عنونت بأبحاث الفلسفة بالمقولات العشر ، فالكيف النفساني يعتبر
أحد أقسام العرض، والإرادة تندرج تحت قسم الكيفيات النفسانية،
وقد تم توظيف هذه
العناوين في البحث الأصولي خاصة في بحث - اتحاد الطلب والإرادة - أو تغايرهما على
تفصيل في محله ، ومرجعية الوقوف على هذا المبنى الكلامي هو لمعرفة حقيقة الوجوب ،
السيد الخوئي قرر في
بحثه الأصولي ملاحظاته على الرأي الذاهب إلى أن الأمر بالشيء يتضمن النهي عن ضده
العام ، بمفاد: إن المنع من الترك لم يؤخذ في حقيقة الوجوب مهما كان المبنى
المختار في تفسيرها ، فإذا قلنا أنه إرادة نفسانية فسيكون - والكلام للسيد المحقق
الخوئي - من الإعراض ، وهي بسائط خارجية لا جنس ولا فصل لها ، وإذا قلنا أنه حكم
عقلي ، فهو من الأمور الانتزاعية العقلية التي تكون أشد بساطة من الإعراض وبالتالي
فلا جنس ولا فصل لها ، وإذا اخترنا أنه مجعول شرعي فهي أيضا في غاية البساطة ولا
يتعقل وجود جنس أو فصل لها - المحاضرات ج٣ ص47 - 48 .
وعلى ما ذكره الخوئي أعلاه
استشكل السيد الصدر في مجلس درسه الأصولي الكلام بما نصه: حسب الظاهر - مدور - يعني
الخوئي - في الكتب الكلامية وناقلها من الكتب الكلامية وربما بعض المتكلمين يدعي
أن الإرادة من الإعراض - أنتهى كلام الصدر ،
استغرب المستشكل على
السيد الصدر في هذا البيان بدعوى كيف لا يعرف معنى كون الإرادة عرض وهذا الأمر
مبثوث في الكتب الفلسفية فضلا عن الأصولية .
وقد استعرض المستشكل
استغرابا آخرا بدعوى أن السيد الصدر لم يفهم مراد السيد الخوئي إذ قال ما نصه: ما
هو تعريف العرض لكي ينطبق على مفهوم الإرادة وحقيقته بالحمل الشائع؟ فإن العرض
عرفا هو العرض المادي كاللون والنقل والكثافة والليونة، فلا تكون الإرادة عرضا،
لكونها مجردة عن المادة وأن عممنا معنى العرض إلى المجرد، وقلنا: أن المجردات فيها
عارض ومعروض، لم تكن الإرادة عرضا للنفس بل معلولا لها ، ولها وجود منحاز عنها
بمعنى من المعاني الانحياز والاستقلال، وليست هي عين النفس بهذا المعنى - مجلس
درسه الأصولي .
إشكال المستشكل: هو
أن العرض فلسفيا ماهية اذا وجدت في الخارج وجد لها موضوع مستغن عنها ، وعلى هذا
الأساس : فإذا كانت الإرادة من الكيفيات النفسانية فهي اذا وجدت في الخارج فلا بد
وأن توجد في موضوع مستغن عنها، ومن خواصها عدم تعقلها أو حلولها في الأجسام، وليس
لهذا التقسيم نظر إلى المادية والمجردة بالمعنى المتبادر الى الذهن البسيط لكي
يقال: إن الإرادة مجردة خارجة عن العرض المادي، كما ليس له نظر إلى منشآت النفس
ومعاليلها ولا إلى الإرادة الحقيقية أيضا،
لان المرحوم - والكلام
للمستشكل - الخوئي بصدد إيضاح بطلان القول بالتضمن ، على كلا المباني المطروحة في
تفسير حقيقة الوجوب، وليس من الصحيح مناقشته في تفسير مبنى لا يختاره،
ثم واصل المستشكل
كلامه : ولم يكتف الراحل الشهيد محمد الصدر بمثل هذه البيانات الناشئة من عدم
وقوفه على مراد عبارة المرحوم الخوئي الواضحة بل نص على أن المفترض به ان يضيف إلى
ما ذكره من مستويات ثلاثة مستوى رابع أسبق منهم وهو عالم الجعل، حيث حسب ان الخوئي
يتحدث عن مبادىء الحكم الثبوتية والاثباتية وليس عن المباني المعروفة في تفسير
الوجوب،
ولم تقتصر الأخطاء - التي
اقترفها السيد الصدر - على هذا الحد بل عاد ليسجل أشكالا ثالثا لا يقل فداحة عما
قبله حيث قرر قائلا ما مضمونه: اكتفى الخوئي بالتعبير عن الأعراض بكونها بسائط
خارجية، وإذا كان مقصوده خلوها من الجنس والفصل بقرينة كلامه اللاحق فهذا خطأ
ايضا، لان للإرادة جنسا وفصلا، باعتبارها من جملة عالم التكوين وتدخل في المقولات
العشر ، وليست اعتبارية ولا انتزاعية، وإذا كان كل ما له جنس وفصل مركب فهي مركبة
، وأن الأعراض الخارجية لها جنس وفصل، وأن الألوان لها جنس وفصل واذا كانت الأعراض
أساسا ليست بسيطة وهي مادية، فكيف بالإعراض المعنوية أو الروحية أو النفسية ؟!
وابدي المستشكل هنا ،
كبير استغرابه وذهوله بدعوى أن النصوص السابقة هي خلاف اصطلاحات القوم الواضحة
والجلية، ويبدو لي - والكلام للمستشكل بمضمونه - ان السيد الصدر لم يمر يوما ما ،
على أن الأعراض التي يتحدث عنها المرحوم الخوئي هي من الأجناس العالية التي لا جنس
فوقها وهي بطبيعة الحال بسائط غير مركبة من جنس وفصل خارجا ، وإلا لكان هناك جنسا
أعلى منها وهو خلف افتراضها عالية،
وبعد هذه الجولة ونقل
ما كتبه الخصم بتصريف مني مع حذف المكرر فقط ، سوف ننتقل للرد حول هذا المقال في
الجملة لا بالجملة وعذرا لبعض العبائر التخصصية،
مناقشة
عامة،
نعم: انسياقا
والبيانات الفلسفية ينبغي على السيد الصدر الالتزام - تقليدا - ومخرجات القوم كون
ان الإرادة عرض ،
وبما أن هذا الانبغاء
لم يلتزم به السيد الصدر في مجلس درسه الأصولي، فهو راجع اما لعدم الفهم بإصطلاحات
الفلسفة والمنطق او هو راجع على تبنيه رايا آخرا جعلت من الخصم في حال الذهول أو
الصدمة كما هو مسطور في مقاله ،
والثاني، هو الاوفق
بدلالة ان تعريف العرض بعد التعمية لا يناسب وما قرر في المعقول، وهذا ما جعل
الخصم ان يتوهم أن السيد الصدر لم يفهم عبارة السيد المحقق الخوئي.
لان السيد الصدر ذكر
في مجلس درسه ما يلي : ما هو تعريف العرض لكي ينطبق على مفهوم الإرادة وحقيقته
بالحمل الشائع؟ فإن العرض عرفا هو العرض المادي كاللون والنقل والكثافة والليونة،
فلا تكون الإرادة عرضا، لكونها مجردة عن المادة وأن عممنا معنى العرض إلى المجرد،
وقلنا: أن المجردات فيها عارض ومعروض، لم تكن الإرادة عرضا للنفس بل معلولا لها ،
ولها وجود منحاز عنها بمعنى من المعاني الانحياز والاستقلال، وليست هي عين النفس
بهذا المعنى - مجلس درسه الأصولي - ولذا قلنا ان التوهم بعدم فهم عبارة الخوئي
مدفوعة بعد أن تم التعميم.
واما إشكال الخصم بدعوى
أن العرض الفلسفي ماهية ان وجدت في الخارج وجد لها موضوع، فهو صحيح اذا لم نجرد
الإرادة وأما مع التجريد للمعنويات فالكلام يختلف،
واعتبر الخصم من
الإشكالات الفادحة التي وقع فيها السيد الصدر والتي تكشف عن عدم فهم عبارة المحقق
الخوئي هو قوله : اي السيد الصدر - اكتفى الخوئي بالتعبير عن الأعراض بكونها بسائط
خارجية، وإذا كان مقصوده خلوها من الجنس والفصل بقرينة كلامه اللاحق فهذا خطأ أيضا،
لان للإرادة جنسا وفصلا، باعتبارها من جملة عالم التكوين وتدخل في المقولات العشر
، وليست اعتبارية ولا انتزاعية، وإذا كان كل ما له جنس وفصل مركب فهي مركبة ، وأن
الأعراض الخارجية لها جنس وفصل، وأن الألوان لها جنس وفصل واذا كانت الأعراض أساسا
ليست بسيطة وهي مادية، فكيف بالاعراض المعنوية أو الروحية أو النفسية ؟!
وهذا الكلام جعل
المستشكل يقول: - ان السيد الصدر لم يمر يوما ما ، على أن الأعراض التي يتحدث عنها
المرحوم الخوئي هي من الاجناس العالية التي لا جنس فوقها وهي بطبيعة الحال بسائط
غير مركبة من جنس وفصل خارجا ، وإلا لكان هناك جنسا أعلى منها وهو خلف افتراضها
عالية،\
اقول: نعم ، ذكروا أن
الأعراض هي بسائط خارجية غير مركبة من مادة وصورة فما به الإشتراك عين ما به
الإمتياز لكن بالتالي العقل يجد ثمة مشتركات وهذه المشتركات يعتبرها اجناسا وفصول،
وعلى ضوء ذلك تعبير السيد الخوئي مدرسيا من الدقة بمكان ،
وعدم جنسية العرض لا
بملاك أنها عالية بل بملاك آخر والأجناس العالية لا جنس لها بالتالي ولا فصل حقيقيا
كان او غير حقيقي ،
وعليه فهل الإرادة
لها جنس عال حتى يتم نفيه بهذا الملاك ؟
وكيف كان: الإرادة
لها جنس وفصل غايته أنه غير حقيقيولذا ان المستشكل ذكر أن الخوئي تحدث عن الأعراض
التي لا جنس لها إذ هي أجناس عالية، وهذا الفهم من المستشكل على عبارة السيد الخوئي
غير موفق، فتأمل ...
والى الله تصير الأمور.
0 تعليقات