علي الأصولي
باء
تجر .. وأخرى لا تجر
عن
ميمون بن هارون قال: قال رجل لصديق له: ما فعل فلان ( بحمارِهِ )؟
قال:
( باعِهِ ) بكسر العين والهاء.
قال:
قل ( باعه )
قال:
فلم قلت ( بحمارِه )
فقال
الرجل ( أنا جررته بالباء )
فقال
فمن جعل ( باؤك تجر وبائي لا تجر )
توحي
هذه القصة التي ساقها وحكاها - ابن الجوزي - بدوره لبيان حديثه عن الفصاحة
والإعراب في كلامه من المغفلين. توحي هذه القصة وسؤالها الاستنكاري بأن هناك
معيارا مزدوجا في التعامل أو لا أقل هكذا يظن صاحب السؤال.. وأن العدالة أو أن
القانون لا يقتضي أن تكون هناك باء أفضل من أخرى بلحاظ كون وظيفتها اللغوية واحدة..
قد
نتفهم الاعتراض فيما لو صدر من شخص يدرك ما يقول ولم يكن يخالف اعتراضه الأصول
الموضوعية للغة العربية..
لكن
الأمر ليس كذلك..
في
مسألة التطبيقات وكون مؤداها واحد لا يمكن التعامل إلا وفق معيار محدد سلفا ولكن
للانحياز قصة قديمة ومأزق أخلاقي كبير على طول التاريخ البشري العام.. فالعلاقات
والترابط والانتماء ووحدة الدين والقومية والمذهب والحزب لها تأثيرات ضاغطة
ونكرانها يحتاج إلى مزيد جهود أخلاقية لتجاوز مرحلة - أنصر أخاك ظالما أو مظلوما -
في
الدول المتقدمة والمحترمة لا تجد القائمين على القانون يبعضون في تطبيقاته
وإجراءاته. بل كلهم تحت مشرعة القانون سواء.. بينما تجد الابتسار والتجزئة
والتبعيض. تجدها في الدول المتخلفة عن الركب الإنساني والحضاري..
ولذا
تجد أن تجربة الإمام علي بن أبي طالب (ع) شابها الكثير من المشاكل والمشاكسات... لأنه
حاول بل فرض والتعامل مع الرعية بوحدة معيارية ثابتة ولم يتعامل كما تعامل غيره من
قبل أو من جاء بعده من الحكام.. الذين يبحثون عن مبررات الباء التي لا تجر في
السياسة.. ومن هنا تعرف ان ليس كل باء تجر كما هو عليه الأصل الموضوعي المشهور ..
نعم:
يفترض أن يكون القانون سار وعام في تطبيقاته على الجميع ما لم نشهد من يعكر صفوه
بمشاكسات وعدم وجود مناسبات...
0 تعليقات