آخر الأخبار

كتب وحكـايات : على الغاياتى وديوان العواصف «وطنيتى»

 


 

 

بقلم: ماهر حسن

 

«وطنيتى» هو ديوان صغير للشاعر الأزهرى، على الغاياتى وأحدث ضجة فى عام ١٩١٠ وكان من أول الكتب التى تمت مصادرتها بل دفع ضريبة ما جاء فيه ثلاث شخصيات من أعلام الحركة الوطنية فى مصر وهم الزعيم محمد فريد والشاعر نفسه والشيخ عبد العزيز جاويش.

 

فقد أدت توابعه السياسية للحكم بالسجن على الزعيم الوطنى محمد فريد، والشيخ عبد العزيز جاويش ومؤلفه على الغاياتى، وتطور الأمر وتعاظمت التوابع بهروب محمد فريد وعلى الغاياتى إلى الخارج وبقاء محمد فريد فى مهجره حتى توفى وقضى على الغاياتى سبعة وعشرين عاما فى سويسرا وعاد منها ليعيش مغمورا، ويموت مغمورا. أما سبب الضريبة التى سددها محمد فريد فلأنه كتب مقدمة للديوان، والشيخ عبد العزيز جاويش كتب كلمة أيضا فى المقدمة وأصبحا متهمين مع المؤلف بذات التهمة: «العداء للاحتلال والتحريض على الثورة».

 

ويكاد معظم الناس لا يعرفون الشاعر على الغاياتى فلم يكن من الشعراء النجوم الكبار أمثال شوقى وحافظ وغيرهما ولكن كان حضوره متأججا لكونه شاعرا ثوريا ومحرضا للثورة على الاحتلال كما أن التاريخ لم ينصف هذا الرجل رغم أنه رج أركان المعمورة بديوانه هذا ومقالاته الثورية الساخنة، لولا أنصفه بعض المؤرخين والنقاد والباحثين منهم فتحى رضوان فى كتابه «عصر ورجال» والآخر كان المترجم والناقد والقاص الدكتور أحمد الخميسى الذى كتب دراسة وافية ومنهجية وتحليلية للغاياتى وديوانه وسيرته وكان الثالث هو الباحث «أحمد حسين الطماوى» فى كتابه الشامل «وطنيتى».

 

أما فتحى رضوان فى كتابه «عصر ورجال» فقد وصف ديوان «وطنيتى» للغاياتى بقوله: «هو بلا شك ديوان الوطنية المصرية فى الفترة ما بين ١٩٠٧ حتى١٩١١ إذا قرأته اكتملت لديك صورة كاملة للعهد الذى ظهر فيه إذ لم تترك قصيدة منه حدثا سياسيا إلا وتعرضت له بروح ثائرة محبة للوطن».

 

ومما جاء فى كتاب الباحث أحمد حسين الطماوى أن الشيخ على الغاياتى ولد فى مدينة دمياط سنة ١٨٨٥، وتلقى تعليماً دينياً فى جامع البحر بدمياط التابع للأزهر الشريف، فلما بلغ الثانية والعشرين من عمره، هبط القاهرة فى ١٩٠٧، محرراً بجريدة (الجوائب المصرية) لصاحبها شاعر القطرين خليل مطران وكان ينشر شعره فى الوطن، والمؤيد، والدستور، ثم فى جرائد الحزب الوطنى مثل اللواء، والعلم، وكان رقيق الحال يشكو من الفقر، والعوز، والضيق وعلى الرغم من أنه نشر أشعار ديوانه (وطنيتى) متفرقة فى الصحف إلا أنها لم تثر قلقاً أو بلبلة، إلا عندما جمعها فى ديوانه هذا، وكان على الغاياتى بعد عودته إلى مصر قد عاش نحو عشرين عاما مغمورا ومات مغمورا.

 

ومما قاله الدكتور أحمد الخميسى عن الشاعر الراحل على الغاياتى أنه أيد فى مقالاته وشعره كل عمل ثائر فى مصر وخارجها، من أجل إجلاء الإنجليز، والأخذ بالدستور، وإصلاح الحكم، والضرب على يد الفساد، ونشر التعليم، وامتدح بقصائده قادة الحركة الوطنية مثل مصطفى كامل ومحمد فريد والشيخ عبد العزيز جاويش الذى منحته الحركة الوطنية وسام الشعب بعد أن اكتتب المصريون بثمنه وقلدوه إياه عند خروجه من السجن، وشن الغاياتى حملة على أحمد شوقى أمير الشعراء لأنه صرح بلسان الخديو بأن إعلان الدستور غير ممكن إلا بإذن من الإنجليز وكتب قصيدة نارية وقف فيها مع إضراب طلبة الأزهر وتحقيق مطالبهم، وحين صدر قانون المطبوعات المقيد للحريات كتب قصيدة يقول فيها: «لئن قيدوا منى اليراع وأوثقوا لسانى.. فقلبى كيفما شئت ينطق».

 

ولم يفلت الخديو عباس من لسان الغاياتى حين ظهر ميله إلى الاحتلال، وحينما قام الثوار الأتراك بعزل السلطان عبد الحميد توجه إليهم الغاياتى بأحر التحية، وضاق صدر الحكومة بما كتبه وضاق بها صدر عباس العقاد الذى تساءل: «أيمكن أن تلام الحكومة إذا ضيقت من حرية الصحافة بعد أن استفاضت الدعوة لارتكاب الجرائم؟».

 

إرسال تعليق

0 تعليقات