آخر الأخبار

وثائق سرية تكشف عمليات غسيل أموال دولية .!

 




هانى عزت بسيونى 


… كشفت مؤخراً بعض وثائق مسربة تنطوي على معاملات بنكية لبنوك دولية بقيمة تزيد عن ( ٢ تريليون دولار أمريكي ) قامت بها على مدى نحو عشرين عاماً، بنقل أموال ضخمة لشخصيات غامضة وشبكات وهمية لأنشطة إجرامية نشرت الفوضى وقوضت الديمقراطية في دول كثيرة مستغلين الثغرات الكبيرة في قوانين القطاع المصرفي بجميع أنحاء العالم … !

 

المثير للدهشة أن الوثائق المسربة قد وضعت بريطانيا " المركز المالي العالمي " في قلب عمليات غسيل الأموال، وأُطلق على المملكة المتحدة وصف "ولاية قضائية عالية الخطورة" مثل قبرص، وفقاً لقسم الاستخبارات في "FinCEN" وهي { شبكة التحقيق في الجرائم المالية الأميركية تتألف من عاملين في وزارة الخزانة الأميركية ممن يكافحون الجرائم المالية وعادة ما يتم إرسال المخاوف بشأن المعاملات التي تتم بالدولار الأميركي إلى الشبكة حتى لو تمت تلك المعاملات خارج الولايات المتحدة …!!.} .

 

وتظهر بيانات الوثائق أن البنوك الأميركية الكبرى بما في ذلك "Bank of America" و … "JP Morgan" و … "Wells Fargo" و … "Citi" تعاملت مع تلك الأموال ضمن ذلك المخطط إلى جانب إجراء بنوك عالمية مثل … "HSBC" و … "Deutsche Bank" و … "Standard Chartered" و … "Barclays" والقيام بمعاملات مالية ذات صلة بغسيل الأموال لأفراد وشركات فاسدين في فنزويلا وأوكرانيا وماليزيا وغيرها باستخدام أسماء شركات وهمية بعقود مزيفة ونظاماً قانونياً ضعيفاً لنقل المليارات من الدولارات إلى البنوك في دول منها منطقة شرق أوروبا ، ثم حُوّلت بعض هذه الأموال في نهاية المطاف إلى حسابات في البنوك العالمية .

 

وقد تناول مقدمة التحقيق ما يؤكد أن هذه الوثائق والتي جمعتها البنوك وتم تشاركها مع الحكومات بعيداً عن أنظار العامة ، لتكشف الفجوات في إجراءات الحماية لدى تلك البنوك وسهولة استغلالها من قبل الخارجين عن القانون والفاسدين ، وكشف التحقيق أن أموال المخدرات على سبيل المثال تنقل نقداً من فرنسا إلى المغرب والجزائر وبلجيكا وتنتهي في الإمارات العربية المتحدة وتحديداً في إمارة دبي لتوضع هذه الأموال في بنوك إماراتية متعددة يتم إدخالها إلى النظام المصرفي على شكل استثمارات أو تحويلات عادية .

 

وكشفت الوثائق المسربة - وهي الأحدث في سلسلة التسريبات على مدى السنوات الخمس الماضية عن صفقات سرية وغسيل أموال وجرائم مالية - دليلاً على أن أحد أقرب المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد استخدم بنك "باركليز" في لندن لتجنب العقوبات التي كانت تهدف إلى منعه من استخدام الخدمات المالية في دول غربية وتم استخدام بعض النقود في شراء أعمال فنية .

 

كما كشفت ايضاً عن أن بنوك تركية متورطة هي الأخرى في عمليات غسيل أموال تجري تعاملات بالعملات الأجنبية عبر بنوك أمريكية والسماح للبنوك بنقل ملايين الدولارات من الأموال المسروقة في جميع أنحاء العالم ، وأخرى أموال مملوكة لمنظمات إرهابية وتجار مخدرات وغسيل أموال ، حتى بعد أن علم من المحققين الأميركان أنها عمليات احتيال وأموال مملوكة لعصابة مدرجة في قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي العشرة الأكثر طلباً .!

 

… فكيف سمحت إذن تلك البنوك بنقل هذه الأموال الغير شرعية .؟

 

يشير التحقيق الذي أجراه موقع BuzzFeed News بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية (ICIJ) وبمشاركة مؤسسات إعلامية من ٨٨ دولة الى أن أرباح حروب عصابات المخدرات الدامية والثروات المنهوبة من الدول النامية والمدخرات الشخصية ذات القيم الكبيرة قد تم السطو عليها بطريقة "سلسلة بونزي الاحتيالية " … !!…

 

( … بونزي هو واحد من أكبر المحتالين في التاريخ الأمريكي وأول من أنشأ طريقة الاحتيال الشهيرة " بسلسلة بونزي " والتي تقوم عمليات الاحتيال من خلالها على مبدأ توفير فرصة استثمارية وتقديم وعود بنسبة من الأرباح من المبلغ المودع بعد مرور مدة زمنية معينة ، وغالباً ما يتم ذكر أنه لا يوجد أي مخاطر استثمارية لها، ففي الفترة الأولى يتم من خلال نظام مخطط استخدام إيداع “أرباح” في حساب المستثمرين لكنها ليست حقيقية من نشاط المشروع بل تدفع من تدفق أموال المستثمرين الجدد، وتستمر تلك العملية حتى يكشف الزيف وتنهار المنظومة … كما حدث في مصر أثناء نشاط الريان وأمثاله ) …

ويستند التحقيق إلى آلاف الوثائق المسربة لـ"تقارير الأنشطة المشبوهة" التي قُدمت إلى وكالة مكافحة الجرائم المالية (FinCEN) في وزارة الخزانة الأميركية ، وقد شدد التحقيق على افتقار السلطات الأميركية للصلاحيات اللازمة لضبط تحويلات الأموال القذرة … !!.

 

هناك أيضاً تقارير "SAR" … وهي تقارير عن الأنشطة المشبوهة تعمل على كيفية تسجيل المخاوف حيث يطلب من البنك إعداد تقرير إذا كان يشعر بالقلق من أحد عملائه ويتم إرسال التقرير إلى السلطات للتحقق من العميل ، وتمت تسمية أكثر من ثلاثة آلاف شركة بريطانية في تلك الملفات بما يزيد عن أكثر أي دولة أخرى، وبموجب القانون يتعين على البنوك معرفة عملائهم ولا يكفي تقديم تقارير "SAR" والاستمرار في أخذ الأموال القذرة من العملاء بينما يتوقعون أن تتعامل السلطات مع المشكلة إذا كان لدى البنوك دليل على نشاط إجرامي فيجب عليهم التوقف عن نقل الأموال .

 

تجدر الإشارة الى أن وثائق وكالة مكافحة الجرائم المالية الأميركية "FinCEN" ليست مجرد مستندات من شركة أو شركتين لكنها تخص مجموعة من البنوك تسلط الضوء على عدد من الأنشطة المشبوهة المحتملة التي تشمل الشركات والأفراد وتثير أيضاً تساؤلات حول سبب عدم اتخاذ تلك البنوك أي إجراءات لوقف هذه العمليات المشبوهة بعد أن لاحظت هذا النشاط !!.

 

وتتكون ملفات "FinCEN" من أكثر من ٢٥٠٠ وثيقة معظمها كانت ملفات أرسلتها البنوك إلى السلطات الأميركية بين عامي ٢٠١٧ الى ٢٠٠٠ ، جميعها تثير الشكوك بشأن ما يفعله عملاؤها ، وقام مئات الصحافيين بغربلة الوثائق الفنية الكثيفة وكشفوا عن بعض الأنشطة التي تفضل البنوك ألا يعرفها الجمهور …!!.

 

… … وماذا بعد … !؟

 

من الواضح إن الإعلان عن اكتشاف الملفات المسربة قد سلط الضوء ووفر نظرة ثاقبة لما تحويه بيانات البنوك الكبرى في أنحاء العالم من التدفقات الهائلة للأموال القذرة والقيام بعمليات في مجال الملاذات الآمنة للأنشطة الغير شرعيه التي تتم تحت إشراف مؤسسات حكومية أمريكية بالتعاون مع الدول التي تسير في فلكها ذاته …!

 

فإذا كان ذلك يحدث في الدول المتقدمة التي تتم العمليات المصرفية وفق نظام رقابي صارم ، فما بالك بما قد يكون في الدول النامية تحت حكم ديكتاتور …!؟.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات