آخر الأخبار

أنت موظفا، لا زعيما

 


 

عمر حلمي الغول

 

مع إندفاع كل من حكام دولتي الإمارات العربية والبحرين في عملية التطبيع الرخيصة مع دولة إسرائيل الإستعمارية، وتعجل بعض الحكام العرب المباركة الغبية للخطوة الطعنة في ظهر القضية الفلسطينية، وصمت بعضهم الآخر تجاه تلك الجريمة، دون إغفال المواقف الشجاعة الرافضة من قبل عدد من الحكام العرب لما جرى من ابتذال ومهانة على مرآى ومسمع  العالم، وقف الأمين العام لجامعة الدول العربية موقفا مريبا، ومتواطئا مع الخطوة الفضيحة، وشكل رأس حربة لتنفيذ إملاءات الإتجاه التفريطي المتساوق، والداعم للخطوة الإماراتية البحرينية الخطيرة، عندما رفض الإستجابة للدعوة الفلسطينية بعقد جلسة طارئة لمجلس وزراء خارجية الدول العربية بعدما اعلن الرئيس دونالد ترامب، عن الإعلان الإبراهيمي الثلاثي: الأميركي ألإسرائيلي والإمارتي في 13 من آب/ اغسطس الماضي (2020)، ليس هذا فحسب، بل انه ساهم مع حكام الأنظمة العربية الداعمة لخطوة التطبيع الإمارتية الإسرائيلية في التاسع من ايلول / سبتمبر الماضي في تبديد وإسقاط مشروع القرار الفلسطيني، الرافض للخطوة الإماراتية، والمطالب بإدانتها بإعتبارها خروجا عن قرارات الإجماع العربي عموما، وخاصة مبادرة السلام العربية.

 

بالإضافة لما تقدم، الموظف الرفيع، احمد ابو الغيط، لم يحاول مداراة فضيحته، وسباحته في مياة التطبيع الآسنة، بل تجاوز حدود دوره الوظيفي، مع إعلانه على فضائية "سكاي نيوز" الإماراتية يوم الأثنين الماضي الموافق 28 /9 /2020، ان إتفاقيتي العار الإماراتية البحرينية "أوقفت ضم الأراضي الفلسطينية"، وذلك بهدف مواصلة التغطية على فضائح بعض حكام العرب المأجورين وخاصة في دولتي الإمارات والبحرين. ليس هذا فحسب، بل انه حاول "تحميل" القيادة الفلسطينية "المسؤولية" في عدم التحرك، والإستفادة من عمليات التطبيع الرخيصة!"، وتجاهل عن سابق تصميم وإصرار، الدور الفلسطيني الأساسي في وقف عملية الضم الإستعمارية، ووقف صفقة الشؤم الترامبية كلها، وليس الضم فقط.

 

 

ويعلم القاصي والداني من العرب الرسميين واقطاب العالم، ان قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بمواقفها الشجاعة تمكنت من وقف المؤامرة الأميركية الإسرائيلية ممثلة بصفقة القرن، وجاء ذلك بعدما تحرك الرئيس عباس على كل الجبهات العربية والإقليمية والأممية في هجوم مضاد للهجوم الصهيو أميركي، مما مكنه بدعم من الشعب العربي الفلسطيني، والقوى الشعبية وبعض المواقف الرسمية العربية والإسلامية والأممية من وقف جريمة العصر الجديدة، والحد من تداعياتها.

 

ومع ذلك، يخرج علينا الموظف الرسمي العربي ابو الغيط، الذي لا يملك قراره، ولا يستطيع تجاوز أولياء نعمته من الحكام العرب، الذين تخلوا طوعا عن قضية العرب المركزية، وانقلبوا على محددات السياسة العربية ومبادرة سلامهم، وإدعوا ما لم يفعلوه، وعكس الحقائق القائمة، بثرثرات فارغة، وناقصة، ورخيصة للتغطية على اتفاقيات التطبيع الجبانة، ليغطي عار أولياء نعمته، وليسوق البضاعة الأميركية الإسرائيلية الفاسدة، والمتعفنة، والمتناقضة مع ابسط حقائق التاريخ، ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، والمنقلبة على  سياسات القمم العربية عموما، ومبادرة السلام العربية.

 

كان الأجدر بالموظف أبو الغيط ان يلوذ بالصمت، لأنه يعلم، ان كل كلمة له محسوبة عليه، كما انه لا ينطق عن الهوى، انما كل مواقفه وتصريحاته صدى صوت للحكام العرب الخاضعين للإملاءات الأميركية الإسرائيلية. أضف إلى انه لم يتمثل للحظة دور الزعيم السياسي، اولا لانه لا يملك الكايرزما الشخصية، وثانيا لإنه ليس أهلا للزعامة، وثالثا قَّبِل ان يلعب دور الموظف الصغير المأمور والتابع، ورابعا لم يبادر يوما للخروج عن مواقف القوى العربية الرسمية النافذة في المنظومة السياسية.

 

 

الزعامة سيد ابو الغيط لها ثمن، وثمن كبير، ولها رجالاتها، الذين لا يحسبون حسابا للراتب آخر الشهر، ولا للموقع الذي يقفون على رأسه، وايضا ليسوا متهورون، ولا مندفعون، ولا خصيان يتحركون وفق ما تمليه عليهم حساباتهم الشخصية والنفعية. الزعماء يا رئيس جامعة الدول العربية، هم اولئك الأشخاص، الذين يقلبون الطاولة عندما تتعرض قضاياهم القومية المركزية للعبث والتآمر، وعندما تمتهن كراماتهم، وانت كرئيس للمؤسسة العربية الأولى، كان الأجدر بك ان تقتنص اللحظة السياسية لتتمثل دور الزعامة. لكنك للإسف إخترت موقع التابع والمأمور، لذا انصحك من موقع الخشية على تورطك اكثر فأكثر، ان تنسحب من الحياة السياسية الرسمية، لتحفظ بعض ماء وجهك، والبعض الإيجابي من سجلك الوظيفي، إن كان موجودا. اترك مقر الجامعة، لإنها تعاني من حالة ضياع غير مسبوقة.

إرسال تعليق

0 تعليقات