منذ أن رأيت الرئيس السيسي بنفسه ومكانته وجلالة قدره يتوسط في
الصُلح بين أحمد شوبير ومرتضى منصور ، فهمت ، وليتني مافهمت ، فذو العقل يشقى ،
كما قال مولانا أبو الطيّب المتنبي !!.
فمبلغ علمي ، ياسادتي الكرام ، أن الرئيس يمكن أن يتوسط بيّن
دولتيّن متنازعتيّن ، أو فصيليّن كبيريّن يوشك الخلاف بينهما أن يهدد سلامة البلاد
والعباد ، حتى قضايا الثأر التي تودي بحياة المئات يتولاها مدير أمن ، وبحضور شرفي
لمعالي اللواء الدكتور المستشار السيد المحافظ ، أما أن يتولى رئيس جمهورية مصر
العربية مهمة التصالح بين فَسليّن لاوزن لهما ولا قيمة ، فواحد كان ( جَوّين ) كل
تاريخه مختصر في شورت وفانلة ، والآخر صعلوك ارتدي روب المستشارية بالخطأ ، وضل
طريقه من موقف عبود إلى منصات القضاء ، فهذا ما يستعصي على عقلي استيعابه !!.
ولكني أعترف لكم أن الحق عليّ أنا ، فأنا لم أفهم الدرس الأول
والذي جرت وقائعه منذ أقل من نصف قرن بعاميّن ، ففي أثناء انتفاضة الطلاب الكبرى
عام ١٩٧٢ م مطالبة الرئيس السادات بالحرب ، وكنت في قلبها ، وفي مدخل جامعة
القاهرة جوقة من الطلاب يتحلقون حَوّل طالب منكوش الشعر ، يوسعونه ضرباً ورفساً
على مؤخرته وقفاه ، فجريت ناحيتهم وسألتهم - مذعوراً - عمن يكون تعيس الحظ هذا ،
فقالوا : (دا واد بلدياتك من حقوق عين شمس بيشتغل مُخبر وبيبلغ عن أسامي زمايلنا
للأمن .. إسمه مرتضى منصور ) !!.
ولو ربطنا بين الحادثتيّن اللتيّن يفصل بينهما نصف قرن ، توسط رئيس
مصر ، وضرب المخبر مرتضى بالشلاليط عند بوابة جامعة القاهرة ، لفهمنا تلك الظاهرة
التي حيرت العقول والألباب !!.
وإلا ، قولوا لي بالله عليّكم ، كيف يمكن لعضو برلمان أن يسخر من
القسم الدستوري ويتلاعب بكلماته وسط ضحكات الأعضاء ورئيس المجلس ، كيف لرئيس ناد
رياضي أن يشتم رئيس وزراء مصر ، ويتهكم على الرئيس نفسه ويهدده علانيّة ولا يحدث
له أي مكروه ، وهم الذين يعتقلون مَن يكتب كلمتيّن على الفيس بوك تنفيساً عن نفسه
!!.
بل قولوا لي بالله عليّكم ، هل كان يمكن أن يظهر هذا البلطجي زمن
عبد الناصر او السادات ، حتى مبارك سجنه وحبسه ومرّغ كرامته في التراب !!.
فماذا إذن ، سوي أن المسألة تكمن في صراع بين الأجهزة السيادية
العُليا ، وما أدراك ما الأجهزة السيادية العُليا ، اللهم اجعل كلامنا خفيفاً
عليهم !!.
قد نحتمل قرص نحلة لأننا نشفي بعسلها شراباً شَهيّا ، ولكن الدبور
الذي يدخل بيتك تظل تطارده بالحذاء والمقشة حتى يخرج غير مأسوف عليه ، أو تصيبه
ضربة فيهوي مترنحاً لتدوسه بقدمك ، وتفعصه ، ولا حلّ آخر !!.
* مأمون الشناوي *
0 تعليقات